أطفالكم بحاجةٍ إليكم لتثبيت هويّتهم الجنسيّة

لأنّ الصّحّة النّفسيّة جزءٌ لا يتجزّأ من الصّحة الجسديّة، التي فعلاً لا تكتمل من دونها؛ ولأنّ تكوين شخصيّة الفرد ناتجٌ بدرجةٍ كبيرةٍ عن عمليّات التّعلّم التي يمرّ بها خلال تفاعله مع البيئة وخصوصا في فترات الطّفولة؛ تُكمّل "الحسناء" مَهمّتها التي أرادتها لتعزيز صحّة أطفالنا جسديّاً ونفسيّاً، وذلك سواسطة إستشارة د. مايا خاطر فاخوري، المعالجة النّفسيّة والاختصاصيّة في العلاج الإدراكيّ والسّلوكيّ للأمراض العقليّة والنّفسيّة.

إنّ تعرّف الطّفل على الهويّة الجنسيّة هو أمرٌ يُكتسَب بشكلٍ تدريجيٍّ منذ عامه الأوّل وصولاً إلى سنّ الرّشد والارتباط الكلّي بالشّريك.

ولكن ممّا لا شكّ فيه أن وللأبوين أ دورًا بارزة في ما يتعلّق بالتعر|ّف واكتشاف هذه الهويّة

رافقوهم في استكشافهم:

خلال العام الثّاني من عمره، يكون الطّفل فضوليّاً ومحبّاً للاستكشاف، فنراه يلمس بعض الأماكن الجسديّة بطريقةٍ عفويّةٍ بحضور الغير أو غيابهم.

هذا الأمر يُعتبر طبيعيّاً، ومن المحبّذ أنْ نرافقهم في هذا الاستكشاف بواسطة استخدام الكُتُب المصوّرة، التي تشرح تكوين الإنسان الجسديّ وبالتّحديد لدى الأولاد.

وهذه الكُتُب تُستخدَم عادةً في هذه الفترة من العمر، بحيث يُصبح الجلوس برفقة الطّفل مُمكناً للاطّلاع على قصّةٍ أو لمزاولة نشاطٍ ثقافيٍّ، وذلك لفترةٍ قد تصل أحياناً إلى العشرين دقيقةً، أو بحسب القدرات الذّهنيّة التي يتمتّع بها الطّفل.

استبدلوا عادتهم غير المُستحبّة:

بعض الأطفال قد يلمس أعضاءه التّناسليّة في عمر السّنتيْن أو الثّلاث سنواتٍ، فنرى الصّبيّ يلمس عضوه الذّكريّ ناظراً إلى جسمه بتعجّبٍ، أمّا الفتاة فتلامس منطقتها الحميمة بطريقةٍ قد تكون حادّةً، الأمر الذي يُسبّب لها بعض الاحمرار.

دورنا هنا كأهلٍ، يُحتّم علينا عدم إخافة أولادنا من خلال الصّراخ في وجههم أو ضربهم أحياناً، بل من المُستحسن أن نرافقهم في هذه المرحلة، مُحاولين استبدال عادتهم غير المُستحبّة بأمورٍ أخرى تهدف إلى التّعرّف على جسدهم بطريقةٍ ممتعةٍ، من دون أن نبالغ في تضخيم الموضوع وردّة فعلنا، الذي قد يأخذ حينها حيّزاً من اهتمامهم لهذا السّبب. فمثلاً، يُمكننا أن نجلب دُميةً، ننزع عنها ثيابها، ثمّ نُقيم مقارنةً تشبيهيّةً بين جسم الدّمية وجسم طفلنا، مجيبين بأسلوبٍ طفوليٍّ على الأسئلة التي تراوده، وذلك على الشّكل الآتي:

هذه العيون لِمن؟ لـ سارة (اسم الدّمية). وهذه العيون لِمن؟ لـ ميرا (اسم الطّفلة). وهذا الفم لِمن؟ لـ سارة. وهذا الفم لمن؟ لـ ميرا. وهذا هنا لِمن؟ (مُشيرين إلى المنطقة الحميمة السّفلى في جسم الفتاة)؟ لـ سارة، أما هذا فلمن؟ لـ ميرا...

أولادنا بحاجةٍ إلى أن يفهموا أنّ أجسادهم هي ملكٌ لهم    

طقوسٌ لمنع العادة السّريّة:

هنا، أُشير إلى أهمّيّة مساعدة أولادنا من أجل التّعرّف على السّلوكيّات المُستحبّة باستخدام كلمة"عيْب"، فبإمكاننا مثلاً أن نقول: "عيب، تعالي نلبسها سروالها الدّاخليّ".

فأولادنا بحاجةٍ إلى أن يفهموا أنّ أجسادهم هي ملكٌ لهم، وأنّه يحقّ لهم أن ينظروا إليها ويلمسوها من دون أن يسمحوا للآخرين بلمسها أو حتّى بالنّظر إليها.

كلّ هذا يتمّ بشكلٍ عفويٍّ، مع ضرورة احترام ميول الولد لملامسة جسمه طالما أنّ الأمر ليس مبالغاً فيه، أيّ طالما أنّه يبقى أمراً عابراً خلال النّهار ولا يأخذ الأهمّيّة نفسها التي يتّخذها اللّعب بالدّمى، أو بالسّيّارات، أو بالطّابة.

هذا وننصح الأهل، الذين يلاحظون أنّ أولادهم المتراوحة أعمارهم بين الثّالثة والخامسة، يمضون أوقاتاً طويلةً في استكشافاتهم الجسديّة، بأن يرافقوهم يوميّاً لمدّةٍ تتراوح بين السّاعتَيْن والثّلاث ساعاتٍ غير متتالية، في تأدية نشاطاتٍ يدويّةٍ، يستخدمون فيها أوراقاً، مقصّاً، أقلاماً، وأيضاً معجوناً، ليصنعوا بها أشكالاً مختلفةً...

أمّا بالنّسبة إلى الأولاد، الذين يُمارسون نوعاً من العادة السّريّة عند خلودهم إلى النّوم، فيجب أن نرافقهم في هذه الفترة المسائيّة، من خلال ممارسةِ مجموعةٍ من الطّقوس تسبُق خلودهم إلى النّوم، كالاستحمام، لعب لُعبةٍ قصيرةٍ، قراءة قصّةٍ، الاستماع إلى موسيقى هادئةٍ، وغيرها من النّشاطات.

ضرورة احترام ميول الولد لملامسة جسمه طالما أنّ الأمر ليس مبالغاً فيه 

اكتساب الأنوثة والرّجولة من خلال الألعاب:

إنّ اكتساب الهويّة الجنسيّة من خلال أنواع الألعاب المُستخدمة، هو أمرٌ بالغ الأهميّة كونه يُساهم في اكتساب الفتيات الأنوثة والفتيان الرّجولة.

هكذا تُوجّه الفتاة نحو الدّمية والفتى نحو السيّارة والطّابة، لكنْ من دون المبالغة في محاولة حصر اهتمام الفتاة بالأمور "البنّاتيّة" والصّبيّ بالأشياء التي ترمز إلى القوّة أو العنف.

لذلك، أُشدّد على أنّه من غير المُبَرّر أن يستاء الأهل عندما تلعب الطّفلة بالسّيّارة أو بالسّلاح، أو عندما يحاول الطّفل الاعتناء بالدّمية، فهذه الخُبرات تلعب دوراً هامّاً في تثبيت الهويّة الجنسيّة للأطفال.

لذا، على الأهل أن يكتفوا بتوجيه أولادهم نحو الألعاب التي تناسبهم ونحو أساليب اللّعب المُناسبة للجنس الذي ينتمون إليه، من دون أن يمارسوا عليهم ضغوطاتٍ تُعيق رحلتهم الاستكشافيّة المبنيّة قبل كلّ شيءٍ على التّجارب اليوميّة العفويّة.

لذا وفي الختام ليس علينا سوى القول أنّ وفي مساعدة طفلم على اكتشاف هويّتهم الجنسية، عليكم أن تتبعوا الإرشادات التّالية:

  • إنّ تعرّف الطّفل على جسمه هو أمرٌ مستحبّ، إذ إنّه يدلّ على تطوّرٍ فكريٍّ سليمٍ يدفعه إلى اكتشاف أمورٍ لم يكن يلاحظها في المرحلة السّابقة، أيْ قبل أن يبلغ هذه المرحلة من النّموّ الجسديّ.
  • لا يمكنكم من منع أولادكم من التّعرّف إلى هويّتهم الجنسيّة بشكلٍ عفويٍّ، من خلال بعض العادات، التي لا بدّ أن تظهر في مراحل تطوّرهم المبكّرة.
  • إن اعتدالكم في المواقف التي تتّخذونها، وفي التّعليمات التي تعطونها هو المستحبّ، مع الحرص على مرافقة الولد من خلال حضورهم وتدخّلهم عند الضّرورة، لأنّ أطفالنا في السّنوات المبكّرة من عمرهم، لا يُميّزون بين الأمور المؤذية وغير المؤذية عند استخدامهم أساليب اللّعب الوظيفيّ.

 

مقالات قد تثير اهتمامك