نصائح حول دور الأب في تربية الأولاد

إذا كانت الأمّ هي التي تُنجب الأطفال، وتعتني بهم وتهتمّ بأدّق التّفاصيل التي تعنيهم في حياتهم اليوميّة، فهذا لا يعني أن نتجاهل دور الأب أو جعله ثانويًا في حياة الأطفال، ذلك انه للأب دور بارز ومؤثّر في حياة الأولاد. لكن أين تكمن أهميّة هذا الدّور؟
لا شكّ في أنّ دور الأب في عصرنا الحاليّ، يختلف أشدّ الاختلاف عن دوره في العصور القديمة، حيث كان الأولاد يشعرون بالرّهبة من والدهم، الذي يأتي عند المساء فارضاً نفوذه، ومؤنّباً مَن أخطأ، لاسباب مختلفة. أمّا اليوم، أصبح الأب الصّديق الذي يمرح مع أولاده ويرافقهم في جوٍّ من التّفاهم والتّسامح... فما الذي حلّ إذاً بسلطة الأب؟.
لا يمكننا أن ننكر أنّ الآباء ما زالوا يمارسون سلطتهم حتّى في أيّامنا الحالية، ولكن يقابل السلطة إفراط في تدليل الاولاد، وأحيانًا يبالغ الاباء في فرض نفوذهم انطلاقا من أنّ واجبهم الأساسيّ يكمن في نقل المبادئ التّربويّة إلى أبنائهم في الوقت القليل الذي يمضونه معهم، وأنّ القسوة والحسم هما الشّرطان الأساسيّان من أجل تأديَة مهمّاتهم التّربويّة بنجاح. ولتجنّب هذا التّقوقع بين تصرّفاتك مع ولدك ستقدّم لك "الحسناء" بعض الإرشادات يمكنك اعتمادها في تربية طفلك.
التوازن أساس العلاقة المتينة
إنّ التّوازن بين الحسم والتفهّم، والنّفوذ والتّعاطف، والقسوة والحنان، هو الشّرط الذي لا يُمكن أن تنشأ من دونه علاقةٌ متينةٌ بين الأب وأبنائه، يسودها الانسجام والتّواصل السّليم. كنْ إذاً أيّها الأب حاسماً في المواقف التي يرتكب فيها أولادك أخطاءً سبق أن ناقشتها معهم، أو حين يقترفون أفعالاً تخلو من التّهذيب والاحترام، ولكنْ كن أيضاً مصدراً للحنان، بحيث تحضن أولادك بقوّة، أو تُسامحهم وتعطيهم فُرصاً لكي يُثبتوا أنفسهم ويعبّروا عن أفكارهم.
ومن الضّروري ألّا تُفرّط في تدليل أولادك خصوصًا في التقليل من القواعد السّلوكيّة والقوانين المنزليّة التي وضعتها أنت وزوجتكَ، والتي من المفروض أن تنتج عن حوارٍ طويلٍ بينكما.
"عقدة ألكترا": منافسة الفتاة لأمّها
الحديث عن تدليل الأولاد، لا بدّ أن نتحدّث عن الفتاة المُدلّلة لدى والدها الذي يمثّل بالنّسبة إليها الأمير السّاحر. فهي تسعى دوماً إلى الحصول على انتباهه، والاستماع إلى إطراءاتٍ موجّهةٍ إليها تُشعرها أنّها ملكةَ قلبه وأنّها تنجح في منافسة والدتها في نيل اهتمام الأب وحبّه.
وهذا ما يُسمّى بـ "عقدة ألكترا" ( في مقابل"عقدة أوديب" عند الذكور) التي تظهر في عمر الخمس سنواتٍ تقريباً، أيّ عندما تبدأ الفتاة بالتّمثّل بأمّها ساعيةً إلى تقليدها لكي تستحوذ على قلب أبيها، فتتقرّب من والدتها وتصبح علاقتهما أكثر قُرباً وانسجاماً.
وهنا يأتي دور الأب إذ إنّ عليه أن يُساهم في تكوين هذه العلاقة القويّة بين الابنة وأمّها، بمساندة هذه الأخيرة في مواقفها وتثبيت أنظمة المنزل التي تسعى إلى تطبيقها دائمًا.
لا توجّه الانتقادات للزّوجة بشأن المهمّات التّربويّة بحضور الأولاد
وفي هذا السّياق، أشدّد على أنّ الأب ألّا يجعل زوجته مصدراً للإزعاج بالنّسبة إلى أولادها، ونصحها بألّا تتردّد في فرض العقاب عند الحاجة. والأهمّ من كل هذا هو إن عليه الانتباه والابتعاد عن توجيه الانتقادات للزّوجة بشأن المهمّات التّربويّة بحضور الأولاد، فهذا الأمر سيشجعهم على اتّخاذ موقفٍ ضدّها والإصرار على موقفهم.
بين الأب وابنه... صداقة فريدة
يبقى أن نتحدّث عن علاقة الأب بابنه بالتّحديد، الذي يحتاج بدءاً من عمر السّتّ سنواتٍ إلى التّمثّل بصورة رجل، يُقارن نفسه به من ناحية المظهر والحركات الجسديّة في البداية، ثمّ يُتابع في تقليده وصولاً إلى منتصف مرحلة المراهقة، التي يحتاج المراهق أثناءها إلى إرشاداتٍ ونصائحَ عمليّةٍ في خياراته، وخصوصًا الجنسيّة منها.
هنا ننصح كلّ أبٍ باصطحاب ابنه في نزهاتٍ منفردةٍ بدءاً من سنّ الرّابعة تقريباً، بحيث يمارسان معاً نوعاً من أنواع الرّياضة، أو يقومان بالتّبضّع من المتجر أو يذهبان معاً لتصليح السّيارة...
لا تخجل من تقديم أجوبةٍ واضحةٍ لابنك حول أحاسيسه الجسديّة
أمّا ابتداءً من عامه الثّاني عشر، فلا تخجل أيّها الأب من تقديم أجوبةٍ واضحةٍ لابنك حول أحاسيسه الجسديّة والخبرات التي يعيشها أوّل مرّة، خصوصًا وأنّك تعتبر مصدرًا مناسبًا للمعلومات التي تُثير الفضول لدى كلّ شابّ، وأنّ دورك في هذا المجال أهمّ وأنسب من دور الإنترنت، والأفلام والمجلاّت الإباحيّة.
في الختام، يبقى ان أقول لكلّ الآباء إنّه ليس من الصّعب أن تحتلّوا في الوقت عينه مركزاً قياديّاً ومكانةً غاليةً في قلوب أولادكم. والسّرّ يكمن في أن تُتقنوا مرافقتهم في الأوقات المهمّة بالنّسبة إليهم، وأن تكونوا حكماءَ في إرشادهم وحاسمين في تأنيبهم، معبّرين لهم عن محبّتكم وحنانكم.

مقالات قد تثير اهتمامك