فاطمة مرنيسي... نسّاجة روابط

«مرّ وقتٌ طويلٌ على لقائنا الأخير. أفكّر في التّوجّه إلى الرّباط بعد رحلتي إلى برشلونة»...
بينما كنتُ أكتب لها لم أكن أعي ما كان ينتظرني. لا في الرّباط ولا حتّى في برشلونة! كلّ ما أعرفه هو أنّ رغبةً تملّكتني في رؤية هذه المرأة الفريدة مجدّداً. المرأة الرّصينة التي لا تقبل المساومة، الواثقة من نفسها، المتسلّطة وصاحبة روح نكتة أيضاً.

عرفتُ المغرب المرّة الأولى من منظار فاطمة مرنيسي، الكاتبة والعالِمة الاجتماعيّة المغربيّة. وأنا مَدِينَةٌ لها خصوصاً بصياغة كتابي الأوّل. 

يصلني ردٌّ سريعٌ من فاطمة مرنيسي على بريدي الإلكترونيّ، تقول فيه: «سيكون من دواعي سروري أن أستقبلكِ. يُمكنكِ البقاء بضعة أيّامٍ في منزلي. الطقسُ جميلٌ في الرّباط وستكون فرصةً جيّدةً لاستعادة التّواصل. أُرسل إليكِ أشياءَ كثيرة: مقدّمة كتابي الجماعيّ الأخير تحت عنوان «تأمّلاتٌ حول عُنف الشّباب»، ومعلوماتٌ للاتّصال بشخصَين يُثيران إعجابي في برشلونة وهما منخرطان في عالم الثّقافة والنّشر. يجب عليكِ حتماً أن تقابليهما! سأرفق عنوان بريدك الإلكترونيّ مع الرّسالة المُرسلة إليهما على البريد الإلكترونيّ التّالي».

امرأةٌ عربيّةٌ جديدة

في الأسبوع التّالي بعد تواصلنا، فوجئتُ بتلقّي دعوةٍ من جانب رشيد شريبي، ناشري المغربيّ، لتوقيع كتابي في الرّباط. وعلى بطاقة الدّعوة التي أرسلها لي لهذه المناسبة، دُهشتُ لاكتشاف أنّ فاطمة بنفسها ستدير جلسة النّقاش، لأعرف لاحقاً أنّها هي أيضاً كانت السّبب في خلق التّواصل بيني وبين رشيد شريبي.

للإرهابيّ حظوظٌ أكبر في جذب وسائل الإعلام من شخصٍ يبني حواراتٍ فقط!

أقرأ على بطاقة الدّعوة:

«للإرهابيّ حظوظٌ أكبر في جذب وسائل الإعلام من شخصٍ يبني حواراتٍ فقط! من هنا أهميّة الإصغاء إلى الكاتبة اللّبنانيّة نادين أبو زكي حول كتابها: «من امرأةٍ إلى رجل».
ففي كتابها تقول نادين: «إنّ العالم العربيّ يشهد ولادة امرأةٍ جديدة. لا تقليديّة ولا «مُغَربَنة». امرأةٌ تستنبط طريقةً جديدةً للتّعامل مع أنوثتها في عصر العولمة. امرأةٌ تُعيد إحياء الحوار... لتُخلق من جديد». تُبهرني نادين لأنّني أُعدّ نفسي تقليديّة! تعالوا إذاً استمتعوا بدهشتي».

فاطمة مرنيسي

فاطمة مرنيسي ليست تقليديّةً كما تظنّ. فاطمة هي هذه المرأة العربيّة الجديدة. المرأة الجديدة لكلّ حقبة...

مشروع مجتمعٍ برمّته

الكتابة بالنّسبة إليها تعني التّحاور والانفتاح على العالم

قبل أن أصل إليها، كانت تتبادر إلى ذهني أفكارٌ كثيرة. كيف ينبغي فهم مبادرات فاطمة؟ ما معناها؟ بادرةٌ طيّبةٌ منها؟ أم بادرة صداقة؟ أم حُسن التفاتة؟

«نسج روابط...» كلماتها عادت إلى ذاكرتي. فاطمة مرنيسي هي نسّاجة. نسّاجة روابط. هذا ما تنكبّ على فعله. دوماً. بلا كلل. من الرّباط إلى برشلونة. من الرّباط إلى برلين. من الرّباط إلى دبي. من الرّباط إلى بيروت... عائلة فاطمة مرنيسي عالميّةٌ تتخطّى كلّ حدود. هي على صورتها تماماً، عائلةٌ تحمل راية مشروعها. مشروع فاطمة مرنيسي ليس فرديّاً. هو مشروعٌ للآخرين. مشروع مجتمعٍ برمّته. مشروع حوار. ومع الشّباب أوّلاً. من هذا المنظار، الكتابة بالنّسبة إليها لا تعني العزلة. الكتابة هي التّحاور والانفتاح على العالم.

مقالات قد تثير اهتمامك