هل في بيتك جهاديّ؟ "زرعتم طفلاً وحصدتم قنبلة"
هل في بيتك جهاديّ؟ "زرعتم طفلاً وحصدتم قنبلة"
هل في بيتك جهاديّ؟ "زرعتم طفلاً وحصدتم قنبلة"

هل في بيتك جهاديّ؟ "زرعتم طفلاً وحصدتم قنبلة"

لا يكفي التعصّب لدينٍ او ايديولوجيا ليقتل الانسان من اجلهما بل لا بد من اسباب وظروف عدة نفسية واجتماعية وسياسية واقتصادية وثقافية. هذا ما نفهمه من قراءة اوّلية لكتاب فتحي بن سلامة "رغبة جامحة للتضحية بالذات: المسلم الأعلى" الصادر حديثاً في باريس. يردّ الباحث اسباب العنف الاسلامي الى سؤال الهويّة وضياعها. ويقول ان "المسلم الأعلى"، كما الانسان السوبرمان الذي عبّر عنه نيتشه وتجسد لدى النازية في "تفوّق العرق الآريّ"، هو تعويض عن جرح نرجسي اصاب المسلمين بانهيار السلطنة العثمانية بعد "المشهد البدائي الاوّل للاسلاموية" متمثّلاً في حملة نابوليون على مصر. وانه "بعد اربع سنوات فقط على سقوط الخلافة العام 1924 نشأ تنظيم "الاخوان المسلمين" الراديكالي انتقاماً لله الذي انهار حكمه الارضي" بانهيار دولة الخلافة. فالحركات الجهادية المعاصرة، بالنسبة للباحث الفرنسي التونسي، ابنة تلك الصدمة. وإن ما تلاها من استعمار للعالم الاسلامي والعربي ضاعف من جرح الانا المسلمة وصعّب على المسلمين تقبل الحداثة الغربية وانظمتها. يضيف ان سعي بعض المسلمين لتبني قيم الغرب او تحقيق الفردية اعتُبر على حساب الامّة ودون الرجوع الى "الجماعة" مما زاد من "الاذى النفسيّ"، فجرى تكفير هؤلاء بعد ان كُفّر الغرب.

ينقل بن سلامة رصداً لـ1800 مراهق ومراهقة كانوا مستعدين للجهاد يضمّهم "مركز الوقاية من انحرافات البدع المتصلة بالاسلام" التابع للشرطة الفرنسية: 60 بالمئة منهم من الطبقة الوسطى، 30 من الطبقة الفقيرة و10 من الطبقة الثرية (35 بالمئة فتيات، 40 بالمئة ارتدّوا عن دينهم نحو الاسلام) ويقول ان هؤلاء "يخافون من المجتمع ويكنّون له العداء".
وبحسب تقرير نائب فرنسي عن "الصراع ضد الارهاب" قدّمه في حزيران 2015 يقول المؤلف انه ينطبق ايضاً على العام الحالي، فإن "ثلثي من يتوجهون للجهاد من الفرنسيين هم بين الـ15 والـ25 من عمرهم". فالمراهقة هي المرحلة الاخطر من عمر الانسان حيث يفتش عن الهوية ويتنازعه قطبان: اقصى الخير والمثالية واقصى العدائية. ويشرح بن سلامة: لأن رغبة الموت قوية لدى المراهق فهو لا يخشاه وقد يأتي من يتلاعب بتلك الرغبة عبر القول ان مكافأتها ستكون الجنة وملذاتها بعد ان تمّ ايهامه بأنه "المسلم الأعلى" الذي سيعيد الاسلام الى نقائه الاول، الى الاسلام الصحيح".

يخلع جلده وينتحر
يؤكد بن سلامة ان الجهاديين يتسمون بالبنية النفسية ذاتها للمراهقين الفرنسيين الذين يزورون عيادته، تدليلاً على خطورة هذه المرحلة العمرية وخياراتها المتطرفة بالاتجاهين. ولكن ليس كل هؤلاء المراهقين سيمارسون العنف والقتل. هنا يعود الى المحلل النفسي الانكليزي دونالد وودز وينيكوت Winnicott الذي وصف ترجّح المراهق بين البرودة والحرارة، "مرحلة لم يعد فيها طفلاً ولا صار رجلاً. كما لم يعد يرى في والده بطلاً ولا في امه قديسة". وبينما يبحث عن عالم جديد قد يأتي من يقول له "ستساهم انت في بناء هذا العالم". بعد عمليات غسل دماغ سيغدو زعيم التنظيم الارهابي اباً بديلاً للمراهق. "المراهقة مرحلة صراع بين الانا واللاأنا، الحياة والموت، جنسه والجنس الآخر، الواقع واللاواقع، هذا العالم والعالم الآخر. هنا تكون الحدود ضبابية ومتداخلة وبالتالي يسهل عليه ان يخلع جلده ويحاول الانتحار". فكيف اذا صُوّر له هذا الفعل ليس فقط كخلاص من واقع القلق او الاغتراب او غياب المعنى بل ايضاً للانتقال "الى السماء الحقيقية"، يسأل بن سلامة؟
"انتم زرعتم طفلاً ولكنكم حصدتم قنبلة" قالها وينيكت للاهل في العالم العام 1960. لا عجب اذن ان يكون المراهقون وحتى المراهقات ادوات الحروب والصراعات ولاسيما في صفوف التنظيمات الاصولية

مقالات قد تثير اهتمامك