فيلم "اسمعي" لعرقتنجي عندما يُوقظ السمع كل الحواس!

بالأمس كان احتفال بالعرض الأول لفيلم "اسمعي" للمخرج فيليب عرقتنجي الذي سيبدأ عرضه في الصالات اللبنانية في التاسع من شباط/ فبراير.

يتمحوَر "اسمعي" على الحبّ كأحد أقوى أشكال المقاومة والبقاء على قيد الحياة، من خلال رحلة عبر عالَم الصوت وأهميّة الاستماع كحاسة أساسية تفتح أمامنا الباب لباقي الحواس، إذ يمكننا من خلالها أن نتلمس الأشياء ونتذوقها ونراها حية أمامنا. وهي بدورها تسكن فينا ولكن قلما ننتبه إلى أهميتها الروحية التي تبعث الحياة في داخلنا وتنعشنا.

قصة الفيلم عاطفية مؤثرة: جود شاب لطيف وهادىء يعمل مهندس صوت، تنجذب إليه رنا، وهي ممثلة شابة صاحبة شخصية متمرّدة ونابِضَة بالحيويّة، عندما كان يعرّفها على عالم الصوت الذي يعيش فيه. وفيما كانت قصة الحبّ بين جود ورنا في ذروتها، يحصل ما لم يكن في الحسبان، وتغيب رنا فجأة. ولكي يستعيدها، يلجأ جود إلى رسائل وتسجيلات تتضمن أصواتاً من الحياة يواظب على إرسالها إليها بواسطة الشخص الأقرب إليها: شقيقتها مروى.

"الحسناء" وعلى هامش العرض الإحتفالي الذي حضره عدد كبيرمن  الفعاليات السياسية والاجتماعية، والوجوه الفنية والإعلامية،  التقت بعض الممثلين المشاركين أبرزهم الممثل جوزيف بو نصار الذي لعب دور والد رنا والذي أعرب عن حبه لخوض هذه التجربة "خصوصاً أن الفيلم يتقدم لكل الناس وليس موجهاً للمثقفين فقط وليس شعبوياً، إنه ينتمي الى السينما السهلة الممتنعة التي تتناول قصة واقعية. وطبعا تجربتي مع الفيلم رائعة جداً فقد أحببت التعاون مع فيليب لأنه ينطلق كل مرة بقصة جديدة لا تشبه الأخرى ويعالج الموضوع بطرق مختلفة وهذا أمر بغاية الأهمية".

أضاف بو نصار: "من ناحيتي أميل إلى الأدوار المركبة التي أتحدى نفسي من خلالها وأعمل على ذاتي بشكل مكثف والتي تتطلب الكثير من المشاعر المتناقضة كالحب والكراهية، الكذب والصدق، اللين والقسوة."

في بيروت، تلك المدينة المليئة بالضجيج والأصوات المتداخلة من أجراس الكنائس الى الحفريات إلى مناداة الباعة الجوالين نشهد في الفيلم صراعاً للعيش بهدوء وسكينة فقد بات الناس يتعايشون ويتآلفون مع هذا التناقض. حول هذا الصراع يؤكد الممثل هادي بو عياش "أهمية الحواس التي خلقها الله بالإنسان أنها باب لاكتشاف ذواتنا. فالأمر بات مباحا لنا في رؤية الأشياء على بشاعتها أو أن ننطق الأشياء غير الأخلاقية والمبتذلة فمن المهم جدا أن ننضج لتقدير حواسنا ونحترمها".

أما عن فن الكتابة في إيصال الرسالة تخبرنا الكاتبة منى كريّم عن تجربتها السينمائية  الأولى مع عرقتنجي وتقول: "فيليب إنسان يفكر عن طريق الصور لأنه سينمائي وأنا حاولت بقدر المستطاع أن أكون وفية لأفكاره وللرسالة التي كان يريد إيصالها والأحاسيس التي أراد أن يبثها فينا وهكذا نمت الأحداث والشخصيات بشكل تدريجي".

تضيف كريّم: "شدتني هذه القصة كثيراً وعنت لي لأنني بالأساس أنا أعمل كأخصائية تقويم نطق قبل الكتابة فعلاقتي بالصوت والسمع قديمة جدا. فقد عملت مع أناس عاشوا غيبوبة وأشخاص لم يعد باستطاعتهم أن يعبروا. فالتعبير أساس الوجود والسمع أساس التواصل وقد رأينا في الفيلم كيف استطاع ذلك الشاب الذي يدعى جود أن يوصل باقي الحواس من خلال السمع ليذكّر رنا باللمس والذوق والشم وليعيدها إلى الحياة من جديد لتعيش وتقدر ثمن اللحظة التي تدعى الحاضر".

تبقى المشاهد الجريئة كالتعري في المشاهد التي رأيناها أقوى رسالة بوجه العنف والدمار والحرب الذي نشاهده بشكل يومي على شاشات التلفزيون والذي لم يعد يحرك ساكنا. عن ذلك يشير المخرج عرقتنجي الى أن "جسد المرأة بحد ذاته هو قطعة فنية جميلة علينا تقديرها. أما إذا كان هذا الأمر خطا أحمرا، فأنا أحببت أن أتخطاه لأنني معتاد على توسيع الإطار في أفلامي كافة وعملنا "كفنانين" يتطلب منا توسيع ذلك الإطار"، متسائلا: "لماذا ننزعج من تلك المشاهد التي تعبر عن الحب والعشق ولا يهتز وجداننا عند رؤية مشاهد العنف والدمار في سوريا؟".

من ناحيتها، تعتبر الممثلة يارا بو نصار أن تجربتها في أداء دور جريء هو "جزء أساسي لاكتمال الفكرة في السيناريو وهو جزء لا يتجزأ من الحياة اليومية خصوصا في مدينة مثل بيروت المنفتحة على جميع الثقافات والشباب فيها يخضعون لتلك التجربة ولكن اليوم حياتهم أصبحت مزدوجة الأمر الذي يتطلب إخفاء هذه الحقيقة. وفي الشق الآخر لا يوجد هناك ردة فعل سلبية تجاه ما نشهده من عنف ودمار بشري وهذا الأمر يشكل علامة استفهام كبيرة".

مقالات قد تثير اهتمامك