"أمنية” نيفين مكتبي تتحقق وتَجُولُ العالم!

عندما كانت طفلة، كانت نيفين مكتبي تتمنى وتحلم بأن تصبح مصممة مجوهرات للقطع الأثرية القديمة. لم تعنِ لها صناعة السجاد، تلك المهنة العائلية التي يتوارثها الجيل تلو الآخر في عائلة مكتبي. ولكن الظروف شاءت أن تغير خارطة طريقها بعدما اسودت الدنيا في وجهها، أي عندما فارق والدها محمد مكتبي الحياة، الذي كان أحد أهم تجار السجاد والذي ترك اسما عريقا في تركيا، الهند وإيران وسويسرا وغيرها من البلدان التي ازدهرت فيها صناعة السجاد.

عن "أمنية" نيفين مكتبي، كان لـ"الحسناء" لقاء معها أخبرتنا فيه عن شغفها بالمهنة والصعوبات التي واجهتها وعن أحلى التجارب والمفاجآت التي حدثت معها جراء ذاك العشق الذي في داخلها المتجدد دوما.

حافظت نيفين على تقاليد صناعة أفخر السجاد التاريخي العريق إنما مع إضفاء نفحات عصرية تحاكي الواقع وتشد أنظار الشباب. فهل كان اختيارها لهذه المهنة تكملة مسار أم نابعاً عن شغف؟ تقول: "بالطبع أهلي لهم التأثير الأول على اختياري هذا، إلا أن هنالك عدة عوامل أثرت في تنمية هذا الشغف بداخلي خصوصا بعد وفاة والدي وأنا البنت البكر في العائلة وكنت في الثانية عشرة من عمري. فإلى دراستي التي أكملتها في لندن أخذت دورات عن تاريخ السجاد والأقمشة. ومن هنا بدأ هذا الشغف ينمو بداخلي وهو يزداد مع الوقت خصوصا أنني كنت أحضر بنفسي المزادات العلنية الذي تحصل في لندن وأرى كيف يكرس البعض أموالاً باهظة على قطع صغيرة للسجاد ذات قيمة عالية“.

أضافت: "أذكر أن لوالدي محل تجاري في سويسرا مخصص للسجاد بالإضافة الى رحلاتنا العائلية الى ايران، تركيا، والهند واكتشفت في ما بعد أنهم لا يزالون حتى اليوم يذكرون والدي وما تركه في هذه الصناعة الرائعة.

نيفين مكتبي حاضرة في محلها "أمنية" في قلب العاصمة اللبنانية بيروت في منطقة الصيفي. بعد أن عملت طويلا في مكان والدها كتاجرة سجاد تمنت كمصممة أن تدخل لمستها الخاصة التي تحاكي الشباب بحيث حافظت على الستايل الشرقي مع إضافة نفحات عصرية عليها.

وقالت: "كوني امرأة أعشق الألوان والأشياء البعيدة عن اللون الأسود الذي يعيد الذكرى المأساوية في حياتي وهي وفاة والدي، وبذلك أدخلت الألوان الصارخة على بعض القطع، إضافة إلى الشالات التي أصنعها والتي تباع اليوم في المتاحف والمعارض التراثية ويشتد الطلب عليها خصوصا في السفارات بحيث يحبون تجميعها وإهدائها إلى معارفهم".

وتعتمد مكتبي في تصاميمها صورا رمزية عدة كالبركة، العصافير، الزليج التراثي، القصور التاريخية، الخط العربي، الرمان، الليرة اللبنانية، جبران خليل جبران، أمور لها رمزية كبيرة في ثقافة بعض الحضارات.

وقالت: "بدأت أعطي التصاميم الى إيران، الهند، تركيا... وكنت دائما أتشوق لأقدم شيء في لبنان للمجتمع. ولحسن الحظ طلب مني الذهاب الى منطقة عرسال لإعطاء دورات تعليمية للنساء المحدودات الدخل وتمكينهن في العمل".

أضافت: "هذا المشروع الممول من قبل الUSAID  بدأنا به منذ سنة. أحببت هذه التجربة التي أشبهها برحلة الاكتشاف والسفر وأتمنى أن تستمر مع أولئك النساء اللواتي يتحلين بروح الحماسة والتفاني لعملهن".

وتابعت: "هؤلاء النساء يحتجن إلى من يرشدهن كون هذه المهنة صعبة جدا ولا تحتمل الأخطاء. والسيدات بدورهن يمرّن بعضهن البعض. هناك عدد كبير من الطاقات خصوصا النساء اللبنانيات اللواتي يجب الاستثمار بهن للمستقبل".

ولفتت الى أن "تصاميم القطع مخصصة لتناسب ذوق كل زبون بحسب طلبه. كما أننا وفي كل مناسبة ننشئ مجموعة خاصة وتباع بعد ذلك في المعارض. ولحسن حظي سمع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة عن مشروع عرسال فطلب أن يأخذ السجاد إلى المصارف وقدمها كهدايا ".

أما بالنسبة للمعايير المتبعة لاختيار أولئك النساء، تقول: "نستهدف النساء اللواتي ما بين الـ20 والـ55 من العمر، نتطلع الى الموهبة والمهارة والشغف والصبر لأنها مهنة تستغرق وقتا طويلا لإنجازها. في الوقت عينه، نعتمد النمط الهندسي في الحياكة الذي يسهل علينا العمل وإنجاز تلك القطع الفنية خلال شهر واحد تقريبا".

أضافت: "أردت من "أمنية" أن يكون متاحا للجميع لذلك رحت أصمم قطعا فاخرة بأسعار معقولة تتراوح ما بين الـ300 دولار أميركي وما فوق. فليس هنالك تلك الأسعار المخيفة لأنني أريدها أن تدخل كل منزل ودار".

وتابعت: "إنني فرحة ببعض العملاء الأوفياء الذين هم يرتادون المحل بشكل متكرر. بالإضافة إلى تشجيعي من قبل رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري الذي أهدى احدى السجادات المصنوعة من الكليم والمصممة بنمط هندسي رائع باللونين الفيروزي والأبيض الى المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، الأمر الذي يعطيني دعما معنويا رائعا لتجديد أفكاري وتطويرها".

تعطي مكتبي اليوم محاضرات عن تاريخ السجاد وتطوره خلال الأعوام في سفارات عدة أبرزها السفارة الأميركية، إضافة الى أسلوبها الرائع في التحدث عن كل قطعة صممتها وصنعتها بشغف وحب كبير وكأنها واحدة من أولادها.

وعن نصيحتها للمرأة العاملة، ترى مكتبي أنه "لا يوجد أي شيء سهل في الحياة وليس هناك مستحيلات خصوصا عندما تتحلى المرأة بالمسؤولية والصبر والإصرار والشغف الذي سيعكس على أدائها في العمل بإحساس رائع وفريد من نوعه يشبهها".

أما عن نساء عرسال فتقول: "فرحة بحماسة أولئك النساء فمن الجميل جدا رؤية كيف يشجعن بعضهن على التفاني في العمل وهن خير مثال لنا لنستلهم منهن وأن نصبح رائدات في أعمالنا".

وعن مشاريعها المستقبلية كشفت مكتبي عن توزيع شالاتها المصممة بتوقيع "أمنية" لطيران الشرق الأوسط (MEA) بحيث ستكون الأرزة وأعمدة هيكل باخوس التي ترمز الى بعلبك والمستوحاة من الليرة اللبنانية بارزة بشكل واضح عليها". 

 

مقالات قد تثير اهتمامك