فيلم "روحي" لجيهان شعيب يسلط الضوء على العودة والحنين للوطن

افتتح مساء أمس العرض الأول لفيلم "روحي – Go Home" للمخرجة جيهان شعيب في سينما ميتروبوليس صوفيل في الأشرفية، وذلك بمشاركة نخبة من الممثلين ضمت: جولشیفته فراهاني (ندى)، ماكسيميليان سيويرين (سام)، فرانسوا نور (جلال)، ميراي معلوف (العمة نور)، جوليا قصار (كوليت)، ومحمد عقيل (كوستا).

يحكي فيلم "روّحي" قصة الشابة "ندى" التي قررت العودة إلى لبنان، عند عودتها تدرك أنها كالأجنبية في وطنها، ولكن رغم ذلك مازال هناك مكاناً تطلق عليه بيتها؛ إنه بيتُ مهجور في الخراب، كان يسكنه جدها الذي اختفى في ظروف غامضة أثناء اندلاع الحرب الأهلية. تؤمن ندى إيماناً مطلقاً بأن هناك شيء ما غير عادي حدث في هذا المنزل، شيء عنيف مازالت لا تدركه، ومن هنا تبدأ رحلة ندى بالبحث عن الحقيقة واكتشاف جانب آخر في نفسها.

ومن هنا تسلط المخرجة الضوء على العودة والحنين الى الوطن. وتقول: "العودة أو الحنين لا تعني فقط الوطن، أو البيت، فشعورك تجاه الحيطان التي تقطر ماءً، والألوان الباهتة، وتلك الحديقة التي تتحول للخراب، والبيت الذي أصبح مهجوراً، شعورك بأن كل شيء انهار، ينادي بداخلك: روّحي! ولكن إلى أين؟".

الاختفاء في الحرب الأهلية

ربطت المخرجة جيهان شعيب اختفاء الجد بالحرب الأهلية في لبنان، وتقول جيهان "كانت لديّ رغبة لمواجهة الحرب الأهلية في لبنان، ذلك النسيان الجماعي الذي أصاب الوطن، فأثناء الحرب الأهلية اختفى ما يقارب من 17 ألف مواطن، فهل أصبحوا فقط تحت التراب، أما مازالوا على قيد الحياة؟ لا يصح أن نبكي عليهم ونندب، وهذا بالضبط ما تحاول ندى التأكد منه بالبحث عن جدها المفقود".

إيرانية في دور لبنانية!

وقد اختارت المخرجة للنجمة الإيرانية جولشیفته لتمثل دور "ندى" وعن سبب اختيارها هذا تقول: "كنت مؤمنة إيماناً مطلقاً بالقوة في وجهها، المزج بين الملامح القوية والوجه البشوش والذي يعطينا رابطاً للوصول إلى عالمها الداخلي". وتعبر شعيب عن مدى إعجابها بالأداء التمثيلي لجولشيفته "لها حضور قوي وغير عادي، غموضها، شفافيتها، نقائها في التمثيل كان مثل السحر، وسحرها هذا أطلق الفيلم خارج حدود الواقعية، وأصبحنا ليس فقط ننظر إلى شخصية ندى، ولكن أصبحنا ننظر إلى روحها".
وجازفت جيهان شعيب في اختيارها للممثلة تحمل الجنسية الإيرانية لتقمص دور امرأة تبحث عن هويتها اللبنانية، هذا الذي جعل من التحدي اثنين، فلعب الشخصية تحدي، وتقمص الروح اللبنانية تحدي آخر، وكان هذا الاختيار أحد جوانب الإثارة للمخرجة وتعبر عن هذا قائلة "بالنسبة لي الأمر ممتع، جولفشيفته تلعب جزءً من اغترابها في بلدها الحقيقي، فهي مثل ندى تعرف جيداً وجع الاغتراب".

تمتلك المخرجة جيهان شعيب بيت للعائلة في لبنان، خرّبته الميليشيات المختلفة واحتلته وأُغرقت جدرانه بالكتابات البذيئة والسباب السياسي، البيت مازال موجوداً حتى الآن، لم تدخله إلا بعد انتهاء الحرب، وحين رأت حاله صُدِمت. "في لبنان، هناك الكثير من الناس يودون محو هذا الماضي، والكثير من البيوت مثل بيت عائلتي، لقد حوّلوا المناظر الجمالية إلى نفايات، وأصبحت مثل كبسولة الوقت، تذكرك دائماً بآثار الحرب والعنف".

يذكر أن معظم مشاهد الفيلم كانت في أوج أيام الشتاء، وكان على فريق العمل البيات في هذا الخراب. وتقول شعيب عن فترة التصوير "تم تصوير الفيلم في شتاءٍ مميت، الأجواء كانت ثلجية، وكنا وكأننا في عزلة عن العالم.. عزلة تامة". وتتابع "لقد شعر كل فريق عمل الفيلم كيف هو التخييم في الخراب لنحاول أن نجعله كمنزلنا، لقد كان صعباً وجميلاً في الوقت نفسه".

من يتحمل الذنب في نهاية الحرب؟

تقول شعيب "ما هو مرعب في الحرب الأهلية أن كلنا مذنبين، حتى الذين لم يرتكبوا أي جريمة، حتى الأطفال، فمن قذارة الحرب وقسوتها ينتشر ذنبها في كل مكان، لنظل جميعاً مشتركين في الذنب".

وتتابع شعيب "وبعد انتهاء الحروب، يعيش القتلة، يتم تصنيفهم كالأبطال أو كالمجرمين وفقاً لوجه نظرك، وفي النهاية تحتك أكتافك بهم لأنهم أصبحوا جيرانك الجدد".

وختمت: "لا توجد حقيقة مطلقة، وهذا ما وصلت له ندى. اليوم أًصبح من المستحيل تقريباً الحديث عن هذه الحرب بشكل جماعي متسق، فليس هناك نسخة يقبلها الجميع، لا يوجد كتاب تاريخي يقرأه الشباب، كلٌ له نسخته الخاصة، والكل يخاف إعادة فتح الجروح، أو إشعال الفرقة من جديد، فقط الفن والخيال يمكنه عرض هذه القضايا بحرية".

مقالات قد تثير اهتمامك