أبقى شابة

يوميّاً تودّع نساءٌ حول العالم العقد الثّالث ليستقبلن العقد الرّابع الذي يُعدّ المرحلة الأجمل من قصّة حياتهنّ، إذْ تسعى المرأة إلى الشّعور بمُتعة السّنوات القادمة بعد أن أصبحت أكثر نضجاً و«تفتُّحاً». لكنْ هناك نساءٌ يشعرنَ بالخوف من هذه السّنّ بعد تعب السّنين الماضية التي قضينها في تربية الأولاد والعمل، فيستولي عليهنّ الإحباط، وبدلاً من هزمه يهزمنَ ذاتهنّ ويهملن جمالهنّ ويهجمنَ بشهيّةٍ على الأكل فلا يُدركنَ أخطاء ذلك إلا بعد ترهُّل أجسادهنّ وزيادة أوزانهنّ وبروز علامات التّقدّم في العمر بوضوح! 

في الواقع، لا شيء يُشعر المرأة بالسّعادة أكثر من شبابها مهما تقدّمت في العمر، وإحساسها بأنوثتها وجمالها. غير أنّ ذلك لا يتحقّق إلاّ إذا اهتمّت المرأة ببشرتها ولياقتها في سنٍّ مبكّرة. فالبشرة تعيش حالة تغيُّرٍ تبدأ في العشرينيّات بسبب مجموعة عواملَ نتأثّر بها تلقائيّاً مثل التّلوّث، والتّدخين والتّعرض لأشعّة الشّمس الضّارّة، وعامل الجينات وطبيعة البشرة التي تختلف من شخصٍ إلى آخر، بالإضافة إلى جاذبيّة الأرض التي تشدّ مع العمر عضلات الوجه نحو الأسفل فتساهم في ارتخاء الجلد. وتساهم حركات الوجه النّاتجة عن التّعبير عن المشاعر كالغضب والحزن في رسم تجاعيد الوجه أيضاً، فضلاً عن الدّهن الذي يخفّ في الوجه ويتكوّن في أماكنَ أخرى مثل أسفل الوجه وحول الرّقبة.

الوقاية في سبيل المواجهة

كلّ هذه العوامل على المرأة مواجهتها بالوقاية واتّباع نظام حياةٍ صحّيٍّ مثل النّوم المريح، والغذاء الصّحّيّ المنتظم الغنيّ بالخضروات والفاكهة، وترطيب البشرة بالكريمات المغذّية في سنٍّ صغيرةٍ واستخدام كريماتٍ لتقشير الطّبقة السّطحيّة للجلد مساءً أو كريم التّفتيح، والابتعاد عن أكبر عدوٍّ للبشرة وهو التّدخين وتليه أشعّة الشّمس. ولكن كيف يجب أن تتعامل المرأة مع بشرتها ومع التّرهلات والدّهون التي تظهر واضحةً بعد سنّ الأربعين بخاصّةٍ إذا لم تتلقَّ البشرة العناية اللاّزمة في السّابق؟ 

للاطّلاع على أبرز ما يقوم به الطّبّ التّجميليّ من أجل أن يُبقي المرأة الأربعينيّة صاحبة جسمٍ مشدودٍ ووجهٍ شبابيّ، التقت «الحسناء» جرّاح التّجميل الدكتور جميل الرّاعي، الذي أكّد لنا أنّ هناك مشاكلَ جماليّةً بعد عمر الأربعين لا تُعالج إلاّ جراحيّاً...

البوتوكس والفيلير أو العمليّات الجراحيّة؟

ليس هناك من حلٍّ تجميليٍّ واحدٍ ينطبق على كلّ النّاس، بل هناك حقيقةٌ لا يُمكن إهمالها إذا أردنا أن نتجمّل: بعض التّرهّلات لا يُمكن شدّها إلاّ بوساطة العمليّات الجراحيّة التي بدورها لن تُزيل بعض التّجاعيد والخطوط الرّفيعة التي يكمن حلّها بالبوتوكس والفيلير.

يُشير د. الرّاعي إلى أنّ البوتوكس وقايةٌ مهمّةٌ لمرحلة الثّلاثينيّات في بدايتها، بخاصّةٍ للمنطقة التي تحيط بالعينَين ولمنطقة الجبين. أمّا الفيلير فيُستخدم عندما يذوب الدّهن في الخدود مثلاً أو لتعبئة منطقةٍ بها حاجة إلى ذلك، ولكنّه لن يُغني عن العمليّة الجراحيّة. فإذا رفضت السّيّدة إجراء عمليّة شدّ الوجه وفضّلت تعبئته بالفيلير، فسوف تزيد المشكلة بدلاً من حلّها، إذْ ستبدو أكبر سنّاً لأنّ عُنُقها يكون أيضاً مترهّلاً وعامل الجاذبيّة قد ساهم في انحدار العضلات والدّهن.

عمليّة شدّ الوجه

بحسب د. الرّاعي، يقسّم الوجه دائماً إلى ثلاثة أقسام: القسم العلويّ الذي يشمل الجبين والحاجبَين، ويكون أفضل علاجٍ له البوتوكس كفعاليّةٍ مضمونةٍ وكلفةٍ معقولة، وبالنّسبة إلى علامة «11» الموجودة بين الحاجبَين فإنْ لم تتحسّن مع البوتوكس يُعمل على تعبئتها بالفيلير فتختفي. أمّا القسمان الآخران فيحتاجان إلى علاجاتٍ أخرى أهمّها العمليّة الجراحيّة. فعندما يُصبح هناك جلدٌ زائدٌ على العُنُق وترهّلٌ في الوجه مع اختفاء دهونه يُضطّر الطّبيب إلى إخضاع السّيّدة الأربعينيّة لعمليّةٍ من أجل رفع عضلات وجهها وإعادتها إلى مكانها السّابق وشدّ الجلد ورفعه، وللغاية يؤخذ الدّهن من بطنها أو رجلَيها لوضعه حيث تدعو الحاجة  في منطقة الوجه. هذه العمليّة تتمّ ببنجٍ عموميٍّ وتحتاج السّيّدة إلى الرّاحة بعد إجرائها وقد تنام ليلةً واحدةً في المستشفى.

عمليّة شدّ الجفون 

بسبب السّهر الطّويل والعمل طيلة النّهار أمام شاشة الكومبيوتر، يتكوّن الجلد الزّائد في منطقة الجفن العلويّ للعين، ويُصبح كغطاءٍ فوق العين يزيد في الفترة المسائيّة، فتبدو السّيّدة كأنّها مُتعبةٌ أو حزينةٌ على الرّغم من أنّها ليست كذلك. وقد يتكوّن أيضاً الجلد تحت العين فيُسبّب انتفاخاً واضحاً في هذه المنطقة. هنا كما يقول د. الرّاعي، تُجرى عمليّة شدّ الجفون ببنجٍ موضعيٍّ وفي مدّةٍ تتراوح بين السّاعة والسّاعة ونصف السّاعة من دون أيّ مضاعفات. ولا تحتاج بعدها السّيّدة إلى البقاء في المستشفى بل تذهب إلى بيتها أو عملها على أن تعود بعد ثلاثة أيّامٍ لإزالة القطب. هذه العلميّة تُجرى غالباً في أوائل الأربعينيّات أو حتّى قبل ذلك إنْ كانت السّيّدة تعاني من هذه المشكلة، بحيث يتمّ إزالة الجلد الزّائد حول العينَين وتُفتح العين لتأخذ مداها وتُعطي تلك النّظرة الشّابة. أمّا إذا كانت مشكلة العين هي اللّون الغامق الذي يُحيط بها بسبب عدم وصول الدّم إلى الجفون بالطّريقة الصّحيحة، والخسوف العميق بين العين والخدّ، هنا يُستخدم الفيلير فقط لحلّ المشكلة.

الذّقن المزدوج

من أكثر العوامل التي تُعطي مظهراً أكبر سنّاً هو الذّقن المزدوج حيث تتجمّع الدّهون تحت الجلد في الفكّ السُّفليّ وحول العُنُق فتتسبّب بترهّل الجلد. هذا الأمر ليس له علاقةٌ بالسّمنة ولا بالعمر، بل هي مُشكلةٌ خَلقيّةٌ قد تتفاقم مع العمر. والحلّ الأنسب والمضمون لإزالة «الذّقن الثّاني» هي العمليّة الجراحيّة. فبوساطة جُرحَين صغيرَين وخفيَّين حول الأذنَين يتمّ شفط الدّهن المُكدّس تحت الذّقن مع دعمٍ من اللّيزر لإزالته بالكامل. وبالنّسبة إلى الّذين يُعانون من ذقنٍ صغيرٍ مصحوبٍ بالدّهون الكثيرة تحته، أو«الذّقن الثّاني»، فبعد إجراء الشّفط يوضع لهم «بروتيز» صغيرٌ في الحنك السُّفليّ لتقديمه نحو الأمام وإظهار الذّقن بوضوحٍ وجمال. هذا الـ  «بروتيز» لا يُزعج أبداً، وهو بعد أيّامٍ قليلةٍ يُصبح جزءاً من الجسم. مدّة عمليّة الشّفط لا تتعدّى نصف ساعةٍ وقد تصل إلى ساعةٍ أو أكثر إذا تمّ تركيب الـ «بروتيز». وإذا كانت السّيّدة المتقدّمة في العمر تُعاني بالإضافة إلى الذّقن المزدوج، من التّرهّل في منطقة الوجه يتمّ إجراء عمليّة شدّ وجهٍ كاملةٍ لها تحلّ كل مشكلات الرّقبة والوجه معاً، كما يوضح د. الراعي.

عمليّة شدّ البطن 

بعد سنّ الأربعين غالباً ما تلجأ النّساء إلى معالجة آثار الحمل كالوزن الزّائد، والجلد المترهّل، وعضلات البطن التي تبتعد عن بعضها بسبب الانتفاخ وتؤدّي إلى ترهّل جدار البطن. هنا يتمّ اللّجوء إلى عمليّة شدّ البطن التي تتألّف من خطواتٍ عدّة: شدّ الجلد من السّرّة باتّجاه الأسفل لإزالة كلّ الجلد الزّائد فتختفي معه التّشققات الموجودة أيضاً، وشدّ عضلات البطن وجمعها مع بعضها، وشفط الدّهن المتجمّع عند الخاصرتَين وفوق السّرّة، وكلّ ذلك في عمليّةٍ واحدة. أمّا التّشققات الموجودة فوق السّرّة فلا يُمكن إزالتها بهذه العمليّة، بل لها علاجاتٌ أخرى تُخفّف من آثارها مثل اللّيزر والتّقشير والتّعبئة.

المؤخّرة والأرداف 

أخيراً، يتحدّث د. الرّاعي عن المؤخّرة والأرداف، فيوضح أنّه لا يُمكن أن نعدّ المؤخّرة جزءاً منفصلاً عن سائر أعضاء الجسم بل هي تشمل أسفل الظّهر والفخذَين من الخلف، فهذه كلّها منطقةٌ واحدةٌ يتمّ تحسين مظهرها بوساطة النّحت والعمل الفنّيّ للطّبيب الجرّاح، حيث يقوم بشفط الدّهن من أسفل الظّهر لإعطاء منحنًى جميلٍ كالذي تملكه عارضات الأزياء، ويشفط الدّهن أيضاً من الأرداف والجزء العلويّ من الفخذَين وتُشدّ المؤخرة، فإذا كان فيها خسوفاتٌ وأماكنُ خاليةٌ تتمّ تعبئتها بالدّهون التي سبق أن تمّ شفطها، لإعطائها مظهراً دائريّاً جميلاً. هذه العمليّة تحتاج إلى ساعتَين ونصف السّاعة إلى ثلاث ساعات. وفي حال كانت السيّدة تمتلك جلداً ودهناً زائداً في المنطقة فوق المؤخّرة مع بطنٍ مترهّلٍ تُجرى لها عمليّة شدّ بطنٍ ورفع مؤخّرةٍ في الوقت ذاته.

رفع الأوزان ضروريٌّ لكلّ امرأة!

نساءٌ كثيراتٌ ابتعدنَ عن الرّياضة سنواتٍ عدّة، أو لم يُمارسنها حتّى، لعدم توفّر الوقت اللاّزم لذلك بسبب العمل أو الأطفال ومتطلّبات الحياة بعامّة، أو لجهلهنّ فوائدها الصّحّيّة والتّجميليّة العديدة... و الآن بعد أن بلغنَ سنّ الأربعين، يتساءلنَ: «هل فاتنا  القطار لنكون صاحبات أجسامٍ رشيقةٍ وجذّابة؟».

كلاّ، لا تزال الفرصة مُتاحةً أمامكنّ، فهناك وسيلةٌ فعّالةٌ ومضمونةٌ لا تحرق الدّهون في الجسم فحسب، بل تمنحكنّ مزاجاً إيجابيّاً وتؤخّر شيخوختكنّ: إنّها الرّياضة! ومن أجمل أنواعها «الأيروبيكس». 

فإذا أردتِ أيّتها الأربعينيّة أن تُباشري الرّياضة أوّل مرّةٍ في حياتكِ إليك بعض الخطوات:

أوّلاً، عليك زيارة الطّبيب للتّأكّد من عدم وجود مشاكلَ صحّيّةٍ خفيّةٍ مثل أمراض القلب والضّغط وغيرها، وعلى أساس ذلك يُمكن للفرد البدء بجميع أنواع الرّياضة تدريجيّاً. 

ثانياً، ممارسة صفوف «الأوكسيجينو» وهي تمارين «ستراتشينغ» ويوغا تُحضّر الفرد للتّمارين الأقوى. 

ثالثاً، ممارسة تمارين الحديد والأوزان، فهي ضروريّةٌ جدّاً للمرأة لأنّها أكثر عُرضةً للإصابة بترقّق العظام، وهذه التّمارين تؤخّر الإصابة به. أيضاً هناك رياضة تقوية العضلات وهي أكثر رياضةٍ تحرق الدّهون في الجسم بنسبةٍ عالية... ومع اتّباع نظام حمل الأوزان أوّلاً والمشي ثانياً يتمّ حرق الدّهون واستعادة المرأة جمال جسمها الصّحّيّ. 

مقالات قد تثير اهتمامك