أنجب

تسعى المرأة اليوم إلى أخذ حصّتها كاملةً من الحياة. فهي تريد التّميُّز مهنيّاً وتوفير الاستقرار المادّيّ قبل أن تُقرّر الزّواج، الأمر الذي يجعلها تتأخّر أحياناً في مسألة الحمل الذي قد يحدث في سنّ الأربعين وما فوق. وسواءٌ كان الحمل في هذه السّنّ بسبب التّأخُّر في الزّواج، أو بسبب الحاجة إلى طفلٍ جديدٍ يُعيد الرّونق إلى الحياة الزّوجيّة، هل هو قرارٌ صائب؟ وماذا يقول الطّبّ عنه؟ وما تأثيراته السّلبيّة والإيجابيّة في المرأة؟ 

صحيحٌ أنّ الطّبّ قد تقدّم كثيراً في أيّامنا هذه وأوجد حلولاً عدّةً وفعّالةً لمحاربة العقم وتسهيل عمليّة الإنجاب، إلاّ أنّ احتمالات الحمل عند المرأة الأربعينيّة لا تزال قليلةً مقارنةً بسنواتها الماضية، عِلماً أنّ نساءً كثيراتٍ نجحنَ في الحمل الطّبيعيّ أو بوساطة علاجات الخصوبة ومن دون أيّ تعقيدات. إضافةً إلى ذلك فإنّ نسبة الحمل عند المرأة التي تتزوّج في الأربعين هي أقلّ بكثيرٍ من نسبة الحمل عند امرأةٍ أنجبت سابقاً وتريد طفلاً آخر بعد الأربعين. للاطّلاع على أبرز ما يقوله الطّبّ في هذا المجال، التقت «الحسناء» الطّبيبة النّسائيّة ريما حوماني، اختصاصيّة جراحةٍ وتوليد، التي أكّدت لنا أنّ الحمل بعد سنّ الأربعين بات أكثر سهولةً من السّابق مع تقدّم الطّبّ وأنّ نسبة حدوثه ارتفعت عن الماضي، ولكن كلّما تمّ الإنجاب في سنٍّ مبكّرة كان الأمر أفضل مع العلم أنّ هناك حالاتٍ نادرةً جدّاً تحمل فيها المرأة في سنّ السّابعة والأربعين! 

التّشوّهات الخُلقيّة 

تقول د. ريما إنّ ربط التّشوّهات الخلقيّة التي تُصيب الجنين بتقدّم السّيّدة الحامل في العمر، ليس صحيحاً لأنّ هناك نساءً صغيراتٍ في السّنّ يُنجبنَ أجنّةً مشوّهةً وفي المقابل تلد نساءٌ أربعينيّاتٌ أطفالاً أصحّاءَ مئة بالمئة. إضافةً إلى ذلك فإنّ نسبة ولادة طفلٍ مشوّهٍ باتت قليلةً جدّاً لأنّ تطوّر الطّبّ مكّن من اكتشاف إعاقة الجنين في الأشهر الأولى من الحمل، إذا كانت الحامل ملتزمةً طبعاً بزيارة الطّبيب دوريّاً، فيُمكن إجهاضه إذا تمّ التّأكّد  من أنّ التّشوّه لن يسمح له بالبقاء على قيد الحياة بعد الولادة. وبالنّسبة إلى الولادة، فتؤكّد د. ريما أنّه غالباً ما تكون الولادة قيصريّةً وذلك من أجل تجنيب الجنين مجهود الولادة الطّبيعيّة ووضعه تحت ضغوطٍ معيّنة.

الإصابة بالسّرطان!

وتُشير د. ريما إلى أنّ الحمل بعد سنّ الأربعين لا علاقة له البتّة بتزايد نسبة الإصابة بمرض السّرطان، وهي تنصح كلّ المرضى باتّخاذ الخطوات الوقائيّة لهذا المرض في سنٍّ صغيرةٍ وعدم انتظار التّقدّم في العمر من أجل إجراء الفحوص الدّوريّة اللاّزمة لتجنّبه.

وعن المخاطر التي قد تُصيب المرأة الحامل في سنٍّ متأخّرة، فتذكر د. ريما إصابتها بأمراضٍ لا يُمكن أن تتعرّض لها الشابّة الحامل وبخاصّةٍ العشرينيّة، مثل مرض السّكّري وضغط الدّم المرتفع، اللّذَين يظهران بسبب الحمل ويلازمانها. وإذا كانت تُعاني أساساً من هذه الأمراض، فلا ينصحها الطّبّ بالحمل بعد سنّ الأربعين لأنّ ذلك قد يُفاقم مشاكلها أثناء الحمل، ما قد يؤثّر في صحّتها وصحّة الجنين على حدٍّ سواء، فارتفاع ضغط الدّم مثلاً يؤثّر في نموّ الجنين، ومرض السّكّري عند المرأة الحامل قد ينتقل إلى جنينها... 

عند صعوبة الحمل...

إنّ عامل الوقت مهمٌّ جدّاً في علاج المرأة الأربعينيّة الرّاغبة في الإنجاب، وكما تقول د. ريما: «نكون في صراعٍ مع الوقت، فيكون بنا حاجة إلى خطواتٍ سريعةٍ لأنّ الإباضة قد لا تكون جيّدةً في هذه السّنّ وقد لا تُلقَّح بسرعةٍ كما في سنّ العشرين. لذلك يجب على المرأة أن تجري كلّ الفحوص اللاّزمة، ثمّ تتناول أدويةً مخصّصةً لتنشيط الإباضة وهي تكون إمّا على شكل حبوب دواءٍ أو حقنٍ خاصّة. وننتظر أشهراً معيّنة، فإذا لم يحدث الحمل نفكّر مباشرةً في الزّرع ويليه طفل الأنبوب الذي نعدّه الطّريق الأنسب والأنجح في هذا العمر. ويتمّ الزّرع داخل رحم المرأة، حيث نأخذ الحيوانات المنويّة من الرّجل ونضعها مباشرةً في الرّحم، أمّا عمليّة طفل الأنبوب فتتمّ خارج الرّحم، بحيث يجري إخصاب بويضة المرأة بواسطة الحيوانات المنويّة داخل أنابيب الاختبار ثمّ تُعاد البويضة المخصّبة إلى المرأة».

فشل طفل الأنبوب؟!

عواملُ عدّةٌ تُساهم في عدم نجاح الحمل بوساطة طفل الأنبوب وأهمّها نوعيّة بطانة الرّحم التي قد لا تستطيع حمل هذا الحمل، وعدم توازن هورمونات الجسم مع بعضها لاستمرار الحمل. ويُمكن إعادة عمليّة طفل الأنبوب قدر ما تشاء المرأة، لكن إذا تبيّن أنّ بويضاتها ليست جيّدةً بالرّغم من العلاج أو أنّ هورموناتها أظهرت عدم الاستجابة للحقن، فهنا يوقف العلاج، بحسب د. ريما.

الوزن الزّائد

إن نظام حرق الدّهون وحركة الأيض في الجسم يختلفان كثيراً عن السّابق لذا فإنّ عمليّة خسارتها للوزن الزّائد بعد الولادة تكون صعبةً جدّاً، لذلك على المرأة الأربعينيّة الحامل أن تخضع لنظامٍ غذائيٍّ في فترة الحمل ومن الأفضل أن تلجأ إلى اختصاصيّة تغذيةٍ تُساعدها على اتّباع نظامٍ غذائيٍّ صحّيٍّ متوازن.

مقالات قد تثير اهتمامك