التّسلّط الإلكترونيّ يسرق أمان أولادنا مهدّداً حياتهم

التّسلّط الإلكترونيّ يسرق أمان أولادنا مهدّداً حياتهم

ذكر المجلس الوطنيّ الأميركيّ لمنع الجريمة أنّ التّسلّط الإكترونيّ مُشكلةٌ تؤثّر في ما يقارب نصف المراهقين الأميركيّين. هذه النّسبة يُمكن تعميمها على جميع الدّول نظراً إلى نسبة تزايد استعمال المراهقين للإنترنت وما يرافقه من تقنياتٍ حديثةٍ وبخاصّةٍ وسائل التّواصل الاجتماعيّ.

التّسلّط الإلكترونيّ (Cyber bullying) يتمثّل بالمضايقة والسّيطرة عن طريق استعمال الإنترنت والتّقنيّات المتعلّقة به من أجل إيذاء أشخاصٍ عن تعمّدٍ وبطريقةٍ متكرّرةٍ وعدائيّةٍ بوساطة الرّسائل النّصيّة، والفيس بوك، والإنستغرام، والسناب تشات، وغيرها من وسائل التّواصل الإلكترونيّ. ويُمكن للمتسلّطين الإلكترونيّين أن يُنشئوا مدوّناتٍ لترهيب الضّحايا على مستوى العالم.

ولأنّها أصبحت أكثر شيوعاً في المجتمع بخاصّةٍ بين الشّباب، أقرّت الولايات المتّحدة الأميركيّة وبريطانيا تشريعاتٍ وقوانينَ تُحاسب المتسلّطين الإلكترونيّين. أمّا، عربيّاً، فلا توجد حاليّاً تشريعاتٌ أو قوانينُ خاصّةٌ وواضحةٌ لمُكافحة هذا النّوع من الجرائم التي تستدعي خطورتها وتزايدها تحرّكاً سريعاً في هذا المضمار.

يُمكن أن يُعاني ضحايا التّسلّط من مشاكلَ عاطفيّةٍ وسلوكيّةٍ على المدى الطّويل

نتائجُ مُميتة!

يُمكن أن يُعاني ضحايا التّسلّط بأنواعه الثّلاثة (التّسلّط اللّفظيّ، و التّسلّط الجسديّ، و التّسلّط العاطفيّ- النّفسيّ)، من مشاكلَ عاطفيّةٍ وسلوكيّةٍ على المدى الطّويل. إذْ إنّ التّسلّط الإلكترونيّ يؤدّي إلى الشّعور بالوحدة، والاكتئاب، وتدنّي مستوى التّقدير للذّات، وزيادة الإصابة بالأمراض. وإنّ الطّفل أو المراهق الذي يتعرّض للتّسلّط الإلكترونيّ تبدو عليه علامات الخوف والقلق، والهروب من الآخرين أو الابتعاد عن وسائل التّواصل الاجتماعيّ، بالإضافة إلى اضطراباتٍ في المدرسة، وفي النّوم وغيرها من العوارض.

ولا شكّ في وجودِ رابطٍ قويٍّ بين التّسلّط والانتحار، فبعض الدّراسات أكّدت أنّ العديد من حالات الانتحار كلّ عامٍ يكون سببها التّسلّط الإلكترونيّ. هنا نُشدّد على ضرورة متابعة الأهل أبناءهم وذلك بأن يكونوا دائماً على اطّلاعٍ ومعرفةٍ بوسائل الاتّصال الإلكترونيّ، كي يعرفوا ماذا يجري في هذا العالم الرّقميّ، وعليهم أيضاً أن يكونوا على حوارٍ دائمٍ مع أبنائهم.

كي لا يكون ابنك ضحيّة...

يقع على الأهل بالدّرجة الأولى مسؤوليّة ما يحصل مع أولادهم، لذا لا بدّ من أن يتواصل الأهل دائماً مع أولادهم حتّى لا يقعوا ضحيّة التّسلّط الإلكترونيّ أو أيٍّ من الانتهاكات النّفسيّة أو الجنسيّة، وأن يؤكّدوا لهم أنّهم جاهزون دائماً للاستماع إلى مشاكلهم وحلّها من دون أيّ ردود فعلٍ سلبيّةٍ مهما كان حجمها. وعلى الأهل أيضاً أن يحدّدوا لأولادهم وقتاً محدّداً لاستخدام شبكة الإنترنت أو أيٍّ من وسائل التّواصل الاجتماعيّ مع ضرورة وجود أحد الوالدين في المنزل. ويجب التّنبّه لأيّ تغييرٍ سلبيٍّ يطرأ على شخصيّة الطّفل أو المراهق، أو في طريقة استخدامه للإنترنت أو ربّما رفضه التّامّ لها. أخيراً، لا بدّ من ملء فراغ الأولاد ببرامجَ مفيدةٍ وموجّهة: رياضيّة واجتماعيّة وثقافيّة.

احمِ نفسك

على المراهق أيضاً أن يحمي نفسه من التّسلّط الالكترونيّ باتّباعه عدداً من الخطوات الآتية:

  • احمِ كلمة السرّ الخاصّة بك ولا تُفصح عنها لأحد.
  • لا تضع صوراً قد تُستعمل ضدّك.
  • لا تفتح رسائلَ من أفرادٍ أو مجموعاتٍ لا تعرفهم، بل قم بمسحها فوراً.
  • ضع خصوصيّةً لما تعرضه Setup privacy control.
  • ابحث عن اسمك باستمرارٍ على (Google, Bing, Yahoo)، وفي حال وجدت معلوماتٍ عنك ليست للعموم حاول أن تمسحها.
  • لا تضف أشخاصاً لا تعرفهم جيّداً إلى قائمتك.

وفي حال تعرّضك للتّسلّط الإلكترونيّ:

  • لا تردّ على المتسلّط وقم مباشرةً بمنعه من تعقّبك عن طريق «block».
  • غيّر معايير الضّبط «setting» (لا تضع رقم هاتفك، وعنوانك، وما شابه).
  • أنشئ حساباً جديداً وأخبر أصدقاءك.
  • اطلب المساعدة من الأهل والرّاشدين.
  • الرّدّ القانونيّ هو آخر المطاف وبذلك تردع المتسلّطين.
عقوباتٌ أكثر قسوة

تشير البحوث إلى أنّ المتسلّطين البالغين يتمتّعون بشخصيّاتٍ استبداديّةٍ إلى جانب وجود حاجةٍ قويّةٍ إلى السّيطرة أو الهيمنة. قد يكون التّسلّط أيضاً نوعٌ من «التّقليد» في الأماكن التي تشعر فيها الفئة العمريّة الأكبر أو المرتبة الأعلى أنّها متفوّقةٌ على المراتب الأدنى. ولأنّنا نتعامل مع بالغين أيْ راشدين، فإنّنا نتحدّث هنا عن التّحرّش الإلكترونيّ (cyber harassment) حيث تُصبح العقوبات أكثر قسوة.

مقالات قد تثير اهتمامك