زها حديد إن أردت حياة سهلة-فلا تكن مهندسا معماريا

زها حديد مهندسةٌ معماريّةٌ عراقيّةٌ عالميّة، استطاعت بفضل قوّة شخصيّتها وإصرارها على تحدّي الصّعاب أن تترك بصمتها الإبداعيّة الخلاّقة في معظم مُدن العالم الشّهيرة، وأن تحصد نتيجة ذلك أرفع الأوسمة والجوائز العالميّة المرموقة التي كان أهمّها جائزة «بريتزكر» في التّصميم المعماريّ التي تُعادل جائزة نوبل في هذا المجال. فهي أوّل امرأةٍ تفوز بها منذ إطلاقها قبل نحو 25 عاماً، وأصغر مَن فاز بها سنّا وكان ذلك عام 2004.

التقينا المعماريّة زها حديد التي تعترف أنّها «إنسانةٌ عنيدةٌ جدّاً» في الأكاديميّة الملكيّة - لندن (The Royal Academy)، فتحدّثت عن أعمالها وأحلامها والكثير من الأمور...

قلتِ إنّ الهندسة المعماريّة لم تُخلَق للرّاغبين في حياةٍ سهلة. أوَليست هذه حال كلّ مَن يريد أن يبرع في عمله؟

هناك مِهنٌ أخرى صعبةٌ جدّاً، ولكنّ الهندسة المعماريّة هي صعبةٌ تحديداً لأنّها رهنٌ بالأشخاص الذين تعمل معهم، وهذا هو العائق الأوّل. والثّاني هو الزّبائن. ليس لديك أيّ تحكّمٍ بالمطوِّر أو الاقتصاد.

كعملكِ في كارديف؟

من المؤسف أنّهم لم يبنوا دار الأوبرا «كارديف»، ولكن ما كلّ ما يتمنّى المرء يدركه. اليوم يكون قد مضى 20 عاماً على المشروع والنّاس ينسون ما حصل. لقد كانت تجربةً بغيضةً جدّاً، ولكنّها جعلتنا أقوى بكثير.

في هونغ كونغ فزتِ بمسابقةٍ ولكنّكِ لم تبني المشروع أيضاً. ما كان شعوركِ؟

عندما ذهبت مارغريت تاتشر إلى هونغ كونغ، تلك كانت نهاية المشروع. حدث ذلك في بداية مسيرتي المهنيّة وعدد الدّروس التي استخلصتها يفوق بأشواطٍ ما كنتُ لأتعلمّه لو أنّني بنيت المشروع.

ما يزال المشروع قائماً. هل كنتِ ستُضيفين إليه تعديلاتٍ كثيرةً لو أنّك تعملين عليه الآن؟

لا أزال أؤمن بفكرة الجبل المنحوت التي اعتُمدت في ما بعد في المناظر الطّبيعيّة والطّباعة في الكثير من المشاريع.

 

امرأةٌ وعربيّة

هل واجهتِ أنتِ بالتّحديد الصّعوبات لأنّ مشاريعكِ تتميّز بطابعها الطّموح؟

عملي لا يندرج ضمن المألوف المُجمَع عليه، ربّما لأنّني امرأةٌ وعربيّةٌ بخاصّة. لقد سادت أفكارٌ خاطئةٌ حول هذه الأمور.

لقد سبق أن قلتِ إنّه من الصّعب أن يكون الشّخص عربيّاً وامرأةً ومسلمةً أيضاً؟

أنا من العراق، حيث الكثير من المسيحيّين واليهود والمُسلمين. أنا مُسلمةٌ ارتادت مدرسة راهبات. رسمتُ إشارة الصّليب على قلبي ستّة أعوامٍ من حياتي. لم يكن من فرقٍ بين مسيحيّين ومسلمين.

نهاية شراكة!

أصبحتِ أستاذةً في جامعاتٍ مهمّةٍ حول العالم، كمدرّسة العمارة التّابعة للجمعيّة المعماريّة في هارفارد، والآن تدرّسين في فيينا.

لطالما عددت التّعليم مهمّاً للغاية. تتعلّم ممّا تُعلِّم، وتُظهر للأشخاص أنّه يمكنهم الذّهاب إلى حدٍّ أبعد ممّا كانوا يتوقّعون.

ماذا تدرّسين؟

لا أعتقد أنّه يمكنكَ تدريس الهندسة المعماريّة، بل تكون فقط مصدر إلهامٍ للآخرين. في فيينا، يُطلَق على مادّة العمارة اسم «الدّرس الذي يلقيه خبير» لأنّك تكون خبيراً ويُمضي الطّلاب معكَ 5 سنواتٍ أو 6، لينتهي بهم الأمر إلى اكتساب مهاراتكَ وخبراتك.

وهل يأتون للعمل لديكِ بعدها؟

أكثر الأشخاص براعةً في الاستديو عندي هم من برنامج فيينا، والجمعيّة المعماريّة. أنا أستثمر في الاستوديو (تضحك).

 

درستِ الرّياضيّات في لبنان. أيمكنكِ القول إنّ المهندس المعماريّ هو مزيج مواهبَ عدّة: الرّسم، والهندسة، والدّبلوماسيّة؟

الدّبلوماسيّة؟! ليستْ أفضل مواهبي! أنا لا أستميل الأشخاص. أذكر «ريم كولهاس» عندما طلب منّي الانضمام إلى مكتب العمارة الحضريّة، وكنتُ قد أنهيتُ دراستي للتّوّ، فقلتُ: «فقط كشريكة. أتمزح؟!» فقالوا لي: «شرط أن تكوني شريكةً مطيعة». فقلت: «كلاّ، لن أكون شريكةً مطيعة». وهذه كانت نهاية شراكتي!

تجاربُ فضائيّة

كنتِ باحثةً نظريّةً معماريّةً مدّةً طويلة، وبعدها طرأ تغييرٌ ما فأصبحتِ مهندسةً معماريّةً منتجةً جدّاً تعمل حول العالم.

لطالما أردتُ أن أبني ما أسمّيه بالمشروع النّظريّ. فالعمل على الورق لم يكن قطّ لغاية الرّسم المحض، وإنّما ليُنقل إلى الواقع بصورةٍ حيّة. في الجمعيّة المعماريّة في بداية منتصف السّبعينيّات، عندما تداعت الثّقة بالهندسة المعماريّة بعد العام 1968، بقيت عقيدة الحداثة طاغية. وكانت البدائل تتمثّل بتيّاراتٍ معماريّةٍ مثل التّاريخانيّة، وعمارة ما بعد الحداثة، وعمارة العقلانيّة الجديدة. ففكّرت في وجوب توفّر بديل، وهكذا بدأت أستكمل مشروع الحداثة، بدون أن أعرف أنّني في معرض سعيي هذا سأكتشف أموراً أخرى.

في نهاية المطاف، أشكالك هي أشكالٌ فنّيّة؟

العمارة هي شبه فنّيّة، ولكنّك تستلهم فيها من الطّبيعة والمناظر الطّبيعيّة وعلم الأحياء وكلّ ما هو حيّ. يُمكنك أن توسّع آفاق طموحاتك معها، يمكنك خوض غمار تجاربَ فضائيّة، ولكنّ الأمر الوحيد الثّابت هو أنّه علينا التّعامل مع الجاذبيّة والهبوط على الأرض. تعلّمت من مهندسٍ عظيمٍ اسمه بيتر رايس كيفيّة فهم المنطق وراء البنية.

كمهندسةٍ معماريّة، عليكِ أن تكوني ضليعةً في الأمور العمليّة. فلبناء مدرجٍ مثلاً، يجب الإلمام بالمسائل الأمنيّة وغيرها، ليس فقط البيئيّة، أليس كذلك؟

يجب الإلمام بمختلف هذه الأمور؛ ليس إلماماً كاملاً، وإنّما يجب فهم المنطق وراء كلّ هذه الجوانب.

وهل عليك أن تتقني المضمار الاقتصاديّ أيضاً؟

أعرف ما الذي سيصبح باهظ الثّمن وما الذي سيبقى بخساً. أجد أنّه من المهمّ جدّاً أن يبقى المشروع مقبول الكلفة.

مشروعٌ مفصلي

مقارنةً بمهندسين معماريّين من الزّمن الغابر أمثال ميكيل أنجيلو، وألبيرتي، وبرونيليشي، وبوروميني، الذين لا تزال مبانيهم قائمةً اليوم، هل تعتقدين أنّ عملكِ وُلِد ليبقى خالداً على مرّ القرون؟

لقد تغيّر مفهوم الوقت. فالعالم يسير بوتيرةٍ أسرع، وقد يغيّرون هذه الهيكليّات في منتصف القرن. لا يُمكنني التنبّؤ بضرورتها هنا بعد 20 عاماً أو هناك بعد مئة عام.

هل كان متحف ماكسي للفنون المعاصرة في روما مشروعاً صعب الإنجاز نظراً إلى طبقات العمارة في روما، تلك المدينة الخالدة الزّاخرة بالأشكال المعماريّة العائدة إلى قرونٍ عدّة؟

أعتقد أنّ روما سجينة تاريخها، لذا هي تحتاج إلى تدخّلات. أحبّ مشروع «ماكسي» في روما وأذكر كلّ خطٍ منه. كان مشروعاً مفصليّاً بين بداياتي شبه التّكتونيّة ونمطي شبه الانسيابيّ في وقتٍ لاحق.

تصميم المفروشات مُتعة والكرسيّ أكثر التّصاميم دلالة

هل هناك مشاريعُ تحبّينها وأخرى تندمين عليها؟

لم أُنجز الكثير، لذا لا أندم على أيٍّ من مشاريعي. لقد حالفنا الحظّ في الكثير من التّجارب المتنوّعة، من بناء جسرٍ في أبو ظبي إلى مدرجٍ هنا لحوض السّباحة، أو مدرسةٍ في بريكستون أو مركز علاجٍ للسّرطان في سكوتلاندا. معظمها مشاريعُ كبرى.

أنتِ تصمّمين المفروشات أيضاً، أتحبّين ذلك؟

أجدها مُتعة، وكأنّني أصنع نموذجاً. تصمّم وفي غضون أشهرٍ قليلةٍ تنفّذ، على عكس الهندسة المعماريّة التي يتطلّب تنفيذها وقتاً طويلاً جدّاً. الكرسيّ هو أكثر التّصاميم دلالةً ولكنّنا لم نصمّم بعد كرسيّاً.

خطّ التّجريد ثمّ التّعقيد

قلتِ إنّ روما صعبة، ولكن هل كانت الصّين واليابان وأذربيجان وبيجينغ أسهل؟

ليست أسهل، وإنّما يعتمد الأمر على العميل. فعلى الرّغم من أنّهم يقولون في الصّين إنّهم «صعاب»، ولكنّهم ليسوا كذلك.

 

هل هناك أيّ خيطٍ مشتركٍ في عملكِ، أيْ مصدر إلهام؟

التّجريد كان الخيط المُشترك، والآن هو التّعقيد. منذ ثلاثين عاماً، كان عليّ التّعامل مع إيديولوجيا الحداثة والإنتاج على نطاقٍ واسع. وتحدّي تلك الفكرة كان يزيد الأمور تعقيداً، بالإضافة إلى أنّ فكرة الأنماط تغيّرت كثيراً. فقد كان هناك نمطٌ واحدٌ من المكتبات أو مباني المكاتب أو الشّقق وظننتُ أنّه في الإمكان تغيير كلّ ذلك. منذ القرن العشرين، تبيّن أنّ الحقل العامّ بالغ الأهمّيّة.

تصمّمين الآثار والمباني العامّة، ولكن بمَ تأثّر ذوقكِ أو مخيّلتكِ؟

تأثّرت بالمعاصرين وبالنّظريّة البنائيّة، والتّجربة الرّوسيّة لم تُختَبَر بالكامل. بدأت أهتمّ بتأثير الموقع على المشروع. وما نشأ كان يقضي النّظر بما أسمّيه الميدان، والميدان يُصبح موضوعاً آخر.

مدرج حوض السّباحة في لندن هو موضوع مسابقة. فكيف تبادر ذلك إلى ذهنكِ؟

بالطّبع استوحيتُ من المياه وحوض السّباحة وفكرة الموج التي كانت بديهيّة، وكنّا مهتمّين بنوع المنظر الطّبيعيّ وتجسيد فكرة الموج.

إفساد المتعة

هل برأيكِ هذا زمنٌ تاريخيٌّ جيّدٌ للهندسة المعماريّة؟

لقد كان زمناً ممتازاً للأعوام العشرة أو الخمسة عشر الأخيرة. أنا دوماً يقظةٌ جدّاً لأنّني أجد أنصار المذهب العمليّ في حالة تربّصٍ دائمة، ينتظرون الفرصة الملائمة للتّدخّل في أيّ لحظةٍ وإفساد المُتعة.

كنتُ أفكّر في روما بطريقةٍ مختلفة، ماذا عن الهندسة المعماريّة الفاشيّة؟

إنّها الآن في لندن، هاجرت من إيطاليا إلى المملكة المتّحدة! (تضحك). أعتقد أنّه لا يمكن فصل الهندسة المعماريّة عن الحالة السّائدة. بعض هذه المباني هو بالطّبع أثريٌّ ومُثيرٌ جدّاً للاهتمام، ولكن إن نظرنا إلى تلك الحقبة في ألمانيا، نجدها تقشّفيّةً جدّاً وقمعيّة.

ماذا أميركا التي تحبّ الهندسة؟

نحن نعمل على برجٍ في ميامي ومبنًى في نيويورك. بالنّسبة إلى مشروعَيّ السّابقين، أوّلهما كان في سنسيناتي والثّاني كان متحفاً في ميشيغين.

ما الفرق بين إنكلترا وأميركا؟

في أميركا، يستخدمون في الغالب أطر الفولاذ الحديديّة والطّوابق المتكرّرة. وعلى غرار لندن، معظم الأعمال الهندسيّة مخصّصةٌ للتّجارة والأعمال، إمّا للسّكن أو كمكاتب، خلافاً لأوروبّا التي استثمرت كثيراً في المباني الثّقافيّة. عندما يزدهر الوضع في أميركا، تزداد النّزعة الهندسيّة المعماريّة، والعكس صحيح. لهذا أقول إنّ المهندس المعماريّ هو تحت رحمة القدر.

قدراتٌ هائلة

أحبّ لندن وأحبّ تنفيذ شيءٍ ما فيها ولكنّني لا أعلّق آمالاً كبيرة

لمَ مكتبكِ في لندن؟

أنا إنسانةٌ عنيدةٌ جدّاً. أوّلاً أحبّ لندن. فهي مدينةٌ عظيمةٌ ازدادت عظمةً في الأعوام العشرين إلى الثّلاثين الأخيرة. لطالما وجدت أنّ لندن تحفل بقدراتٍ هائلةٍ في مجال الهندسة المعماريّة. وقد ثبُت ذلك لي؛ قدراتٌ هائلةٌ نعم، إنّما ليست لي شخصيّاً!

لندن مقرّكِ إذاً، فكم من الوقت تمضين هنا؟

الكثير من الوقت، فأنا أحاول عدم الإفراط في السّفر، وأنا محظوظةٌ لكوني محاطةً بعدّة أشخاصٍ في مكتبي مستعدّين للحلول مكاني في السّفر. أحبّ السّفر لكنّه مُتعبٌ جدّاً.

وهل أنتِ مرتاحةٌ جدّاً في إنكلترا؟

كلاّ، لست مرتاحةً في إنكلترا. أحبّ لندن، أقول فقط «ليس لديّ عملٌ في لندن!» وليس هذا بفعلٍ اختياريّ.

لا تدخل هذا المعترك!

ما الذي يصيبكِ بالإحباط؟

لا شيء في الواقع. إن أردتَ حياةً سهلة، فلا تكن مُهندساً معماريّاً.

أوَلا ينطبق الأمر على أيّ فنّان؟

الأمر نفسه بالنّسبة إلى الفنّان. على المهندسين المعماريّين تنظيم خطّة: تدخل هنا، تعبر من هناك، تفهم مبدأ السّلالم، تصنع غرفة... هل هو الحجم الصّحيح أو الخاطئ؟ تماماً كالكتابة. ها هي الصّياغة وعلى الكاتب تنقيحها مراراً وتكراراً، حتّى تبدو يسيرةً بلا شائبة.

ما هي الأمور التي لا تعجبكِ وتفقدكِ الصّبر؟

ألاّ يفهم النّاس ما أقوله لهم! فهذا أكثر الأمور إرباكاً. ولكن إن درّبتهم يفهمونك فهماً أفضل. لكن من الصّعب جدّاً شرح الأمور للنّاس. بل هي مهمّةٌ مستحيلةٌ. الجيل الأكبر في مكتبي يعدّ نفسه أفهم من الآخرين. والجيل الأصغر أكثر مرونةً. الإهمال هو أكثر ما يزعجني.

ذاك البريق في إيطاليا ذكّرني ببيروت. وإسطنبول هي إحدى المدن المفضّلة لديّ

يبدو أنّك تكنّين مشاعرَ خاصّةً لروما؟

اصطحبني أهلي إلى روما عندما كنتُ في السّابعة من العمر وقد بقيَت محفورةً في ذهني. ذاك البريق في إيطاليا ذكّرني ببيروت. أحبّ تلك المدن الزّاخرة النّابضة بالحياة والأنهار كبغداد والقاهرة. لستُ إنسانةً رومانسيّة، إنّما للمجاري المائيّة في تلك الزّاوية من العالم رنّةٌ خاصّة».

أحبّ تلــك المــدن الزّاخــرة النّابضة بالحياة والأنهار كبغداد والقاهرة

هل تُلهمكِ إسطنبول؟

إسطنبول هي إحدى المدن المفضّلة لديّ، أحبّها. أحبّ كيف أنّ سِنان أراد أن يجعل تلك القبب تبدو كأنّها جبل.

وتحبّين الآثار الرّومانيّة؟

نعم. أحبّ أموراً عدّة. فهي ما أتعلّم منه. عندما تفعل شيئاً ليس عليك أن تكرّره، إنّما تتعلّم منه.

هل تحلمين ببناء شيءٍ ما؟

أحلم بمشروعٍ يرقى إلى المستوى الحضريّ المعماريّ. هناك مواقعُ عملاقةٌ قيد التّطوير وأحبّ تنفيذ شيءٍ ما في لندن، ولكنني لا أعلّق آمالاً كبيرة.

وضعٌ مقلقٌ جدّاً

أحياناً، الحروب توقّع الهندسة المعماريّة في مشقّاتٍ جمّة. فهل شهدتِ الكثير من الكوارث؟

كنتُ أقطن في بيروت وقد تعرّضت لدمارٍ شامل.

ما شعوركِ تجاه حلب؟

الوضع مقلقٌ جدّاً. ولا أعني فقط مسألة الهندسة المعماريّة، وإنما أيضاً سكّان المدينة. لا يهمّ إن كنتَ من المنطقة أو لا. إن رأيتُ أناساً من أفريقيا، أتعاطف معهم ولو أنّني لستُ من أفريقيا. في أيّامنا هذه، وفي هذا العصر، يجب ألاّ يجد الاقتتال سبيلاً. هذا مؤسفٌ جدّاً.

بيـن حــدودي والعمــل الــرّائـع

تقول زها حديد في معرض إجابتها عن كون المنطق سمةً أساسيّةً في عملها: «عليّ أن أعرف أين تقع حدودي، ولكن في الوقت عينه أعي مدى أهمّيّة أن تحظى المدن بعملٍ رائع. يجب على المدن أن تستثمر في تنظيمٍ جيّدٍ لفسحاتها، لأنّ لذلك وقعاً أهمّ من تشييد مبنًى فظيعٍ زهيدٍ فقط، تعجّ المدن بأمثاله».

قدّمت التّكنولوجيا الجديدة الكثير من التّسهيلات في أيّامنا هذه، فلقد أصبح هناك قدرٌ أكبر من الدّقة وعملٌ لا تشوبه شائبةٌ في العديد من الطّبقات، ليس فقط على مستوى التّصميم وإنّما أيضاً في المسار ككلّ، من التّصميم إلى الهندسة إلى التّصنيع ثمّ البناء. أجد ذلك ممتعاً للغاية.

مقالات قد تثير اهتمامك