ماغي بو غصن: «عشتُ ظلمـاً لا أفجّـره سـوى بأدواري التّمثيليّة»

ماغي بو غصن فنّانةٌ لا تُشبه إلاّ نفسها. شفافةٌ، واضحةٌ لا تخشى في الفنّ لومة لائم، فهي كالعملة النّادرة لكنّها بوجهٍ واحدٍ فقط لا بوجهَين. لها حضورٌ ناجحٌ وعميقٌ في المشهد السّينمائيّ والتّلفزيونيّ على امتداد الوطن العربيّ المُثقل بالأوجاع من شدّة احترافها وافتتانها بمهنتها. لم تتكل فقط على جمال الشّكل والمظهر، بل حصّنت تجربتها بالعلم والثّقافة حتّى أمست وجهاً ثابتاً ومألوفاً في وجوه الدّراما العربيّة بشقَيها الكوميديّ والتّراجيديّ.

تطلّين على غلاف «الحسناء» بمظهر الملكة، فلو كنتِ «ملكةً» بحقّ، ما هي الأمور التي تغيّرينها في لبنان؟
أغيّر الطّاقم السّياسي بأكمله وأعيّن أفراداً من الشّعب يحكمون بعدلٍ ونزاهةٍ وضمير، أناساً عانوا وتعبوا واجتهدوا وكافحوا في حياتهم، فيدركون معنى أن يكون المواطن مجرّداً ومحروماً من أبسط حقوقه الأساسيّة. فالأمن والأمان والسّلام أمورٌ ضروريّةٌ لبناء أيّ وطن، واللّبنانيّ معروفٌ بذكائه وإبداعه في شتّى المجالات، ولو أُتيحت له الفرص لقام بما يُدهش العالم. لقد مَللنا من الوعود الكاذبة والعيش على أملٍ لا تظهر بوادره.

على الرّغم من الفراغ السّياسيّ، قرّرت شركة «إيغل فيلمز» إنتاج فيلمٍ سينمائيٍّ لبنانيٍّ يحمل اسم «السيّدة الثّانية». فما الجديد الذي يحمله بعد «بيبي» و«فيتامين»؟
إنّ الفيلم، الذي كتبته كلوديا مرشليان وأخرجه فيليب أسمر، سيكون من المحطّات اللاّفتة في السّينما، لا بل نقلةً مهمّةً كونه موجّهاً إلى كلّ لبنانيٍّ من دون استثناء، إذ ينقل وجع المواطنين اللّبنانيّين بمختلف طوائفهم ومستوياتهم الاجتماعيّة والثّقافيّة بواسطة قصّةٍ جميلةٍ ومواقفَ يوميّةٍ مُضحكةٍ تحمل رسالة وطنٍ يُعاني منذ زمن. نحاول في هذا الفيلم طرح المشاكل بقالبٍ كوميديٍّ كما هي من دون تجميل الواقع، لكنّنا للأسف لا نستطيع تقديم حلولٍ فعّالةٍ وملموسة. كلّ ما يمكنني أن أؤكده أنّ الفيلم مضحكٌ حتّى الدّمع، وساخرٌ حتّى الوجع لذا هو «حفر وتنزيل» على الواقع اللّبنانيّ. و«ع فكرة» حال الفيلم أفضل من حال البلد، لاسيّما أنّ كرسيّ الرّئيس ليس شاغراً مع الممثّل جوزيف بو نصّار!

أنا مثل «دهب»

مَن ترشّحين رئيساً للجمهوريّة اللّبنانيّة؟
جوليا بطرس أو ريما فرنجيّة، فكلتاهما جديرتان بهذا المنصب، لاسيّما أنّهما تتمتّعان بأناقةٍ فكريّةٍ وقامتا بالعديد من الأعمال الخيريّة.

إلى أيّ مدى تشبهك شخصيّة «دهب» التي تؤدّينها في الفيلم؟
أنا مثل «دهب» لا أستطيع العيش خارج لبنان بالرّغم من كلّ الظّروف المضطربة التي تحيط بنا.

لو أراد ولدَاك ريان ويارا السّفر إلى الخارج من أجل التّخصّص ثمّ العمل، كيف ستكون ردّة فعلك؟
منذ مدّة، كنت وعائلتي نتناول العشاء، فقال لي ابني ريان أنّه اتّفق ورفاقه على التّخصّص في الخارج عندما ينتهون من المرحلة المدرسيّة. عندما سمعت ذلك «علقت اللّقمة بزلعومي»، وحاولت بشتّى الطّرق إقناعه أنّ في لبنان جامعاتٍ توازي بأهميّتها ومستواها أرقى الجامعات في الخارج. أخاف أن أخسر ولديّ في حال أرادا السّفر إلى الخارج.

الصّوت سيصل

ما هو موقفك من الحراك الشّعبيّ الذي نشهده في وسط العاصمة بيروت؟
أؤيّد المتظاهرين وأدعمهم لأنّهم لا يطالبون بالكماليّات بل بأبسط حقوقهم الأساسيّة والضّروريّة، وآمل أن يزول الفساد السّياسيّ بوجود شعبٍ يتحرّك بإصرارٍ لإيجاد حلولٍ سريعةٍ وفعّالةٍ لمَطالبه المحقّة. لن نسكت بعد اليوم، وسنتكلّم ونصرخ بالرّغم من أنّ لا حياة لِمن تنادي، لكنّي متأكّدةٌ أنّ الصّوت سيصل في يومٍ من الأيّام وسيكون له رجع صدى قويّ.

تساءل كثيرون لماذا لم تشاركي في التّظاهرات ولم تنزلي إلى السّاحة؟
كنت مشغولةً في تصوير «السّيّدة الثّانية»، وبعدها بدأتُ مباشرةً في تصوير ثلاثيّة «ليه يا بحر» من مسلسل «مدرسة الحبّ» مع الممثّلين قيس الشّيخ نجيب وباسم مغنيّة. صِدقاً لو كان وقتي يسمح، لكنتُ نزلت إلى الشّارع ووقفت في صفوف المتظاهرين لأنّني في النّهاية مواطنةٌ لبنانيّةٌ أعيش المعاناة نفسها. من ناحيةٍ أخرى، أحسب أنّ عملنا الفنّيّ أيضاً هو حِراكٌ ورسالةٌ وكلّ شخصٍ يُعبّر على طريقته.

أيزال حلم الغناء والوقوف على أهمّ المسارح أمام جمهورٍ عريضٍ يُراودك؟
نعم، والدّليل حرصي السّنويّ على المشاركة في «One Lebanon» الذي يُعدّ أضخم تجمّعٍ فنّيّ، سياسيّ الهويّة ووطنيّ الجوهر، يعود ريعه لتنفيذ مشاريعَ إنسانيّة. فمثل هذه المشاركات تُشبع رغبتي في الغناء على مسرح، ولا شكّ في أنّ تجربتي في «ديو المشاهير» كانت من أهمّ المحطّات في مشواري الفنّيّ. عندما أقف على المسرح يعلو الأدرينالين في جسدي وأشعر بسعادةٍ لا توصف.

لاحظنا في المدّة الأخيرة أعمالاً مشتركةً تضمّ ممثّلين من مختلف الدّول العربيّة، هل أنتَ مع فرض ضرائبَ على الفنّانين العرب العاملين على الأراضي اللّبنانيّة؟
أظنّ أنّ ذلك حقٌّ وواجب، إذْ عن طريق هذه الضّرائب تستطيع النّقابات القيام بأعمالها على أكمل وجه، فتوفّر المستلزمات التي يحتاجها أيّ فنّانٍ من ضمان الشّيخوخة والطّبابة وغيرها. أشير أنّ اللّبنانيّين أيضاً يدفعون ضرائبَ عندما يعملون في الخارج.

بيني وبين سيرين...

بعد انتهاء عرض مسلسل «24 قيراط»، صرّحت سيرين عبد النّور أنّ مؤامرةً حيكت ضدّها في أثناء التّصوير وأنّ دور «هيا» الذي أدّيتِهِ كان في الأساس لها، وأنّها - على حدّ تعبيرها - كانت «هبلة» لأنّها وقّعت على العقد قبل الاطّلاع على بنوده وقراءة النّصّ، ما ردّك؟
لا صحّة لكلامها، فدور «هيا» كان من الأساس لي وهي من المستحيل أن تكون قد وقّعت على العقد قبل قراءة بنوده بتمعّن. حقوق سيرين كانت محفوظةً ولم تطلب شيئاً إلاّ وتمّت تلبيته وبإمكانكم أن تسألوا كوادر العمل حول ذلك. لا أدري ما الغاية من وراء كلامها بالرّغم من أنّ الموضوع لا يهمّني ولا يعنيني. كلّ ما يمكنني قوله إنّني سعيدةٌ جدّاً بالعمل ووقوفي أمام نجمٍ كبيرٍ مثل عابد فهد، والحمد لله دوري لاقى أصداءً إيجابيّة.

أنادمةٌ على تعاملك مع سيرين؟
إطلاقاً، لا أندم على شيء. بالنّهاية، الحياة تجاربُ وخبراتٌ وعِبر.

هل من الممكن أن تعيدي الكرّة معها؟
«مش ضروري، وليش لأ».

لماذا في كلّ تصريحاتها تُطلق عليك لقب «زوجة المنتج» ولا تسمّيك باسمك؟
«يمكن نسيت اسمي» (تضحك غامزة) وتتابع: لا تزعجني هذه التّسمية لأنّني بكلّ فخرٍ زوجة المنتج جمال سنّان الذي بالرّغم من كلّ الظّروف، ما يزال مؤمناً بلبنان ويُغامر لإنتاج أعمالٍ دراميّةٍ وسينمائيّةٍ تُعيد للبنان أمجاده وتضعه على خارطة المهرجانات العالميّة.

الوسط الفنيّ والنقّاد

لماذا يُقال دائماً إنّه لولا جمال سنّان ما كانت ماغي بو غصن حقّقت هذه النّجوميّة الكبيرة؟
كنت موجودةً على السّاحة ولديّ أعمالٌ ناجحةٌ  قبل 10 سنوات من ارتباطي بزوجي. ومع ذلك، لا أنكر أنّ زوجي كان الدّاعم الأساسيّ لي، وكم جميلٌ أن تجدَ إنساناً طموحاً يُشاطرك الأحلام والأهداف نفسها، ويأخذ بيدك لبلوغ غايتك. «في ناس ما بتشوف إلاّ المصاري والدّولارات»، وجمال في حياتي ليس المنتج فحسب بل هو الزّوج والأب الذي يأخذ على عاتقه مسؤوليّة الاهتمام بولدَينا عندما أكون منشغلةً في تصوير عملٍ ما، وهو لا يُميّزني عن غيري من فريق العمل في أثناء تصوير أيّ عمل، بل يُعاملني كأيّ ممثّلٍة عاديّة. فهو إنسانٌ جدّيٌّ ومُحترفٌ ويعطيني الفرص مثل أيّ ممثّلةٍ لبنانيّةٍ أخرى وليس لأنّني زوجته وأمّ أولاده. ولو كنت ممثّلةً فاشلةً لما حقّق الفيلمان «بيبي» و«فيتامين» نجاحاً كبيراً حتّى لو صرف زوجي عليّ مئات آلاف الدّولارات.

هل الفنّانون أشرس من السّياسيّين في مشاكلهم؟
لا شكّ في أنّ بعض الفنّانين يُشاركون في تضخيم الأمور وإطلاق الشّائعات وفي تغذية الأخبار الكاذبة. «ياما في فنّانين بيمسّوا بعرض وكرامة غيرن»، والكلمة أحياناً تكون أشدّ تأثيراً وإيلاماً من الرّصاصة. وهناك فنّانون يتّبعون مقولة «فرّق تسد» وهذا أمرٌ معيبٌ جدّاً.

إلى أيّ مدى أنت ديبلوماسيّةٌ في زمنٍ يتطلّب الكثير من المجاملة؟
لستُ ديبلوماسيّةً على الإطلاق، فأنا صريحةٌ وشفّافةٌ وصادقةٌ إلى أبعد الحدود. لست مجاملةً لكنّني محبّةٌ وأتقبّل النّاس على أخطائهم و«ما بعرف جمّل الأشياء ومكيج كلامي».

الدين والأولاد

أنت وزوجك من ديانتَين مختلفتَين، هل هذا الأمر يُعطي غنى فكريّاً وثقافيّاً لولدَيكما أم قد يُسبّب لهما ضياعاً ومشاكلَ في المستقبل؟
أظنّ أنّه في حال صدر قانونٌ لا يُبيح سوى الزّواج المُختلط، عندها فقط سنؤسّس لخلق جيلٍ واعٍ. فالاختلاف لا يعني خلافاً، صحيحٌ أنّني أنا وزوجي نختلف في الدّيانة لكن نتّفق على محبّة الله والوصايا العشر في ديانتي لا تتنافى مع تعاليم القرآن الكريم. على هذا الأساس، نحرص على تربية ريان ويارا ونشأتهما لأنّ ذلك سيجعلهما يتقبّلان الآخر.

هل يوافق زوجك على معموديّة ريان ويارا في حال أرادا ذلك مُستقبلاً؟
سيوافق طبعاً إذا كان هذا خيارهما ونابعٌ من قناعتهما، لكنّ ذلك لا يعني مُطلقاً خوفهم أو هروبهم من كونهم مسلمين وكما يقال «لا إكراه في الدّين».

كان عمرك 14 عاماً عندما طلبت من الله في ليلة القدر أن يمنحك حياةً مليئةً بالمشاكل والمصاعب، لماذا؟
لطالما رغبت ألاّ أحيا حياةً عاديةً ومثاليّة، وأن أمرّ مرور الكرام على هذه الحياة، بل كنتُ أتوق دائماً إلى التّميّز والاختلاف، ولذلك طلبت من الله ذلك و«استجاب وكتّر». مررتُ بصعوباتٍ عديدةٍ في حياتي وعشتُ ظلماً ما يزال مختبئاً في داخلي لا أفجّره سوى بأدواري التّمثيليّة. فكلّ الأزمات التي مررتُ بها هي التي جعلتني المرأة التي أنا عليها اليوم، وبتّ أدرك قيمة الأشياء وأقدّر الأشخاص والنِّعم التي أغدقها الخالق عليّ، وهذا أعطاني رضا وسعادةً وسلاماً داخليّاً.

العبارة الأخيرة!

«قدّي مرق ناس غلط بحياتك»؟
صادفت «كتير ناس غدّارة» لكنّهم علّموني دروساً كثيرة.

هل تؤيّدين المُساكنة؟
لا أؤيّدها بالرّغم من أنّه لا توجد محذوراتٌ معيّنةٌ في قاموسي، ولا أطلق أحكاماً مُسبقةً على الأشخاص. فكلّ إنسانٍ حرٌّ أن يعيشَ حياته بالطّريقة التي تحلو له.

ما هي العبارة التي ترغبين في أن يتذكّرك بها النّاس بعد عمرٍ طويل؟
«يا الله شو كنّا نضحك كلّ ما نشوفها». أحبّ أن أزرع البسمة أينما كنت.

مقالات قد تثير اهتمامك