اعنف واطول مشهد اغتصاب في السينما!

اعنف واطول مشهد اغتصاب في السينما!

بعدما اثار عرض فيلمه الاخير "حب" Love  في مهرجان "كان" الصحف الفرنسية والعالمية بين مرحّب ومنتقد ب"حقد" على حدّ وصفه (راجع تعليقي حول الفيلم على موقعنا) اعود الى فيلم السيناريست والمخرج الارجنتيني غاسبار نوي Noé "بلا رجعة" (Irreversible (2002 حيث لا تنفصل العاطفة والجنس وهذه المرة العنف عبر حكاية ثأر ماركوس (فانسان كاسيل) من مغتصب وقاتل حبيبته. المرأة التي حين قال لها ماركوس انه سرقها من حبيبها، صديقه بيار (البير دوبونتيل)، اجابته انها تتخذ قراراتها بنفسها وان "المرأة هي من يختار الرجل" وليس العكس. مقابل هذا الايحاء بقوة المرأة الطبيعية نراها في الفيلم منتهَكة اما بالدعارة كمهنة للكثيرات او بمجرد ان تكون عرضة لاعتداءات مرضى مهووسين. يبالغ نوي في عنف مشهد الاغتصاب الذي دام عشر دقائق كاملة وصرحت ممثلته مونيكا بيللوتشي انها في الاستعادة الثالثة والرابعة لم تكن تريد العودة الى النفق حيث يصورون وانها عندما تشاهد الفيلم لا تستطيع النظر الى المشهد. ويعدّه نقّادٌ اعنف واطول مشهد اغتصاب في تاريخ السينما. يحضر الجنس في مشاهد طويلة في افلام نوي القليلة، الجنس بأذواقه و"انحرافاته" ونزقه وهواماته وتشوّهاته وجمالياته ومشاعره كافة. في فيلمه الاخير "حبّ" الكثير من حالات الجنس الجميل و"مشاهده الطبيعية"، كما يصفها المخرج، مما لا تقدمه السينما او يظهر بعضه بتصنّع وزيف في افلام البورنوغرافيا. الحب بالنسبة لنوي ساحة مليئة بالأفراح والآلام "ما يجعل عملية البحث عنه مثل إدمان بعض المواد الكيميائية الغريبة، فدماغك يتحرر وتدمن السيروتونين والدوبامين والاندروفين". انه الادمان الذي لا شفاء منه حتى بالهجر او الاختفاء او الموت.

اما في "بلا رجعة" فتصدم الحوارات المباشرة التي تعرّي الشخصيات ولاوعيها النفسي والعشقي. لا تتوقف العبارات "البذيئة" الحاملة عنف الغرائز البشرية عن التوالي: "- فكاكَ يرتجفان. - نهداكِ ايضاً. - كيف تتناول كل هذا الشراب والمخدرات لتستمتع، توقف". "ايتها الغنية القذرة، هل العالم حقٌّ لكِ لانك جميلة؟ سأشوّه وجهك". اذاً حكاية حب وشغف بين امرأة فاتنة ورجلين احدهما مثقف والآخر "غرائزي" يصغي الى حواسّه، يدمّرهم حادث اغتصاب وقع صدفة في نفق للقطارات. سيناريو يشْهر العاطفة الجنسية من جهة والعنف من جهة اخرى باعتبارهما جوهر النفس وينحاز الى الجهة الاولى كجوهرة مجرّحة بوحول الذات والعالم. فيلم تميز بالبحث عن شكل سينمائي يخرج عن المكرّس والمعروف من الاشكال، عبر مشهديات خاصة وحركة عريضة للكاميرا تشبه احياناً دوّامة متعاطي المخدّرات. كما عمد نوي الى بدء الفيلم من نهايته، ما سوف يُربك المتفرّج في البداية قبل ان تنكشف اللعبة وتزداد متعة الفرجة. تجريب فنّي وفظاظة في ابراز "الشرط" العاطفي/ الانسانيّ في المجتمعات الحديثة والمعاصرة يواصلهما الفنان كلما توافر له المال للانتاج. ولا يبدو مستعجلاً او مستعداً للدخول في نمط تجاريّ او سهل، الا اذا غدت لغته التجريبية نفسها كليشيه تحمل سمات يجدر به تجاوزها والتخلص منها. 

مقالات قد تثير اهتمامك