ياسمين حمدان، مغنية الاندرغراوند اللبنانية تواصل من خلال اغانيها الخروج عن المألوف نصا ولحنا وتوزيعا.  الهبت مخيلة جيل وجد في طريقتها وشكلها وأغانيها صداً لانكساراته وأحلامه المتعبة، ترندح ياسمين أغانيها بجاذبية ساحرة، كانها قادمة من كوكب هواءه نغمات ووتر، في مقابلة "للحسناء"، تدخلنا الى خيالها الممتزج بدفء اللحظات الحميمة الذي يحوي بعضا من الرومانسية المجنونة البعيدة كامل البعد عن الواقع.

أخبرينا عن ألبومك الجديد "الجميلات"؟

كتبته وأنا على الطرقات في جولة لألبوم "يا ناس" التي استمرت طويلا بعد حفلات دامت لفترة ثلاث سنوات. كنت أمضي معظم أوقاتي على الطرقات والمطارات والفنادق ومن هناك كنت أدون أفكاري وبعد انجاز 13 أغنية شعرت أنني مستعدة، رحت الى نيويورك وسجلتها لمدة خمسة أيام. ومن ثم انتقلت الى باريس وبيروت حتى أنهيت الألبوم في لندن مع منتجين اثنين. لذا هذا الألبوم انتجته بإمكانياتي المادية فأنا أؤلف وأغني، كما أنني شاركت في انتاجه الفني وسجلته بنفسي.

اختيار الأغاني

كيف تختارين الأغاني؟

من القصص التي أعيشها كل يوم. هناك دائما موضوعان أحب أن أطرحهما في الكتابة كقصص الحب والفانتازيا، ولدي بعض شخصيات النساء اللواتي أعتبرهن "نسناسات" قويات وضعيفات في الوقت عينه، يحببن التلاعب ولكن في الوقت نفسه يتميزن بروح الفكاهة. ولدي أسلوبي الخاص في انتقاء الكلمات خصوصا عندما أكون بين الناس أحب أن أدوّن الكلمات التي تعجبني، وهناك جزء من الألبوم استوحيت عدة أغان من محادثاتي مع سائق الأجرة، وهو برأيي مساحة لأهم الأحاديث المصاغة بطريقة حرفية فنجد حدة الكلام والتطرق الى المواضيع السياسية المتطرفة. وأشعر أن سيارة الأجرة هي المكان الوحيد الذي تلتقي فيه كافة الشرائح من الناس وهو مساحة عامة للجميع وبشكل طبيعي لديهم الكثير من القصص والأخبار المشوقة ،وفي الوقت نفسه يتميزون بوعي ثقافي انساني يختلف بين شخص وآخر وهذا غناً.

الى أي مدى يأخذ وقت تحضير الألبوم؟

آخذ وقتي من خلال الاستماع الى الناس، لاختيار الكلمات والإصغاء الى الموسيقى وإجراء الكثير من الأبحاث والاستمتاع بها لأستلهم، ومن هنا أحدد الطريق الذي أريد أن أسلكه لانتظار نضوج الفكرة. الأصعب بالنسبة إلي هي مرحلة المونتاج بحيث أحب كثيرا هذه المرحلة، رغم أنها تأخذ وقتا لانسجام اللحن مع الكلمات، وهي مسألة تعتمد على التوازن. أما ألبوم "الجميلات" فقد أخذ وقتاً أكثر بكثير من ألبوماتي السابقة لأنني قررت أن أهتم بانتاجه بنفسي بشكل كامل من تسجيل وكتابة ومونتاج وخططت لكل شيء لكي أصل الى مرادي المقصود في المرحلة الأخيرة من الإنتاج.

الأجانب والموسيقى العربية

كيف يتلقى الجمهور الأجنبي سماع اللغة العربية في أغانيك؟

أردت من خلال الأغاني أن أتواصل مع جمهوري عبر المشاعر النابعة منها، لذا أردتهم أن يشعروا أكثر من أن يفهموا الكلمات. من خلال جولاتي، أدركت أن الجمهور الأجنبي يدرك أن الموسيقى لغة عالمية مشتركة وهي باب مفتوح ومساحة للتواصل. فالأغاني التي تم تأديتها باللغة العربية ليست أمرا سلبيا بل على العكس. أحاول اليوم أن أجعلها مفهومة من خلال ترجمتها الى اللغة الأجنبية على الانترنت، ولكن الناس أذكياء، ومنهم المغامرون الذين لا يريدون أن يفهموا بقدر ما يريدون أن يشعروا بشيء آخر مختلف. وأنا شخصيا لا زلت أذكر عندما كنا صغارا ونسمع الأغاني الإنكليزية لا نفهمها ولكننا نرقص عليها وتشعرنا بالفرح.

الأغنية المفضلة لديك في ألبوم "الجميلات"؟

لا يوجد شيء محدد لأنهم كلهم أطفالي. كل الأغاني التي عملت عليها لا أستمع إليها اليوم ولكنني أحب أن أكتشفها بعد فترة طويلة، أحب أن أكتشف نفسي وكأنني أزورها من جديد.

شاركك زوجك المخرج إيليا سليمان بإنتاج بعض كليباتك المصورة مثل "بلد" الى أي مدى يشكل زوجك دعماً لك؟

أولا نحرص كثيرا على أن نتواصل. هو شخص ملهم وأنا أكن الكثير من الحب لعمله وكأنه جزء مني لأننا مترابطين في كثير من الأحيان. وقد شاركني في انتاج هذا الألبوم وهو مهتم كثيراً بمهنتي وحريص عليها أكثر من كونه زوجي.. وأنا أحب أن أقرأ له السيناريوهات ونناقش مواضيع متعلقة في الحياة لذا هو ملهم كثيرا أما الغوص في النقاشات فأستمتع بها لأنها تعلمني كثيرا.

هوية جديدة

في "الجميلات" أية جميلة انت؟

أنا جميعهن. أحب كثيرا محمود درويش وأشعر أن هذه القصيدة غنية بالصور والأحاسيس المرهفة وأنا أرى الجمال من نظرته هو من خلال إشادته بالأنوثة وبالتناقضات والأشياء الغير المتكاملة في الحياة الطبيعية.

هل اكتشفت هوية جديدة في هذه الصنعة؟

تتعلمين كثيرا أن تبقي قوية. وأنا منذ الصغر عرفت ما أريده وهذا ليس بالأمر السهل. حياتي الطبيعية ومهنتي اخترتها بنفسي، وها أنا أعيشها لذا أنا مدركة لهذا الشيء، رغم صعوبة هذا المجال، إضافة الى كوني محور هذا العمل وهو أمر متعب مما يجعلني أفكر أن أكون لوحدي. تعلمت أن أكون قوية أكثر وأتقبل الملاحظات والانتقادات. إضافة الى الجولات والسفر التي تعلمنا الكثير عن الأشخاص ، الأمر الذي يجبرنا على التعامل بروح الفريق والقيادة من أجل التحكم بزمام الأمور، إنها حياة ممتعة جدا.

ما نوع الموسيقى العربية التي تحبين أن تغنيها؟

قمت بتأدية أغان عربية متنوعة. أضع أهدافي وأقوم بأفضل ما يمكن. لا يمكنني أن أفكر بأي شيء ثان..

نصيحة للشباب الذين يبدأون لتوهم في الفن؟

أن يعملوا كثيرا. وأعتقد من خلال خبرتي أنه الشيء الوحيد الذي يمكن أن يفعلوه وأن يكون الإنسان صامدا وصبورا حتى لو لم ينجح بسرعة. إضافة الى الإبقاء على التواضع الأمر الذي يتطلب تأديب الذات خصوصا كوننا في عالم منافس يتوق الى السيطرة، عليهم تحديد الأولويات الشهرة أم الفن؟ أم الاثنين معا؟ وعليهم أن يكونوا واعين في ظل وجود أشخاص يريدون الأذى إلحاق الأذى بالآخرين وأن يكونوا أقوياء. ونصيحتي الأخيرة هي الاستماع الى الكثير من الموسيقى.

أين ترين نفسك في المستقبل؟

أرى نفسي في جزيرة في اليونان أو أي مكان آخر يفيض رومانسية بالطبيعة. أريد أن أكمل وأعمل على مشاريع في مجالات فنية عدة مثل المسارح والسينما ولكن هدفي إيجاد المساحة لفعل وتحقيق كل هذا.