هل تُعلنها النّساء ثورة؟

صدقت الشاعرة الزجليّة حنينة ضاهر حين قالت: «مش للأساور بس خلقاني الزنود». فهذا ما أثبتته النّساء اللّبنانيّات في انتفاضة 22 آب 2015، إذْ غصّت ساحة رياض الصلح بالسّيدات والأمّهات والفتيات اللّواتي صرخن لإنهاء مخاضٍ متعسّرٍ في إحداث التغيير المنتظر.

الممثّلة زينة دكاش الّتي خاضت غمار العمل الاجتماعيّ لعلاج الشباب اللّبنانيّ من الإدمان على المخدّرات والكحول، تعتقد أنّ ما يحصل اليوم «أمر عظيم وبيرفع الراس. هيدا المطلوب ليضلّ لبنان الحلو. هيدي هيّي  الأرضية اللي بينبنى عليها للمطالبة بحقوق الشباب اللّبناني وحقوق النساء شرط إنّو يستمرّ العمل والحراك».
من جهتها أكّدت المغنية رولا سعد: «نزلت متلي متل أيّ امرأة لبنانيّة لنطالب بالحريّة وبأبسط الحقوق المعيشيّة، ونطالب السّلطة بتحقيق مطالب الشعب وإذا ما بدها تفلّ أحسن».

الأمّ والجدّة معاً لحماية الأبناء

لارا، المواطنة الأمّ حملت رضيعها وتوجّهت إلى السّاحة للمشاركة في الانتفاضة الشعبيّة، فلماذا نزلت؟ وهل فكّرت في احتمال أن يُصيب طفلها مكروه؟
تقول لارا: «الأمّ اللّي بتخاف على مصير ولادها لازم تنزل ع الشارع حتّى ما يضّطروا ولادنا ينزلوا وحدهم بعد 10 سنوات. أنا نازلة اليوم كرمال ما يهاجروا ولادي بس يكبروا وما يلاقوا وظيفة، ويتركوني وحيدة أبكي فراقهم».
أمّا نيكول فأجابت لمّا سألناه السّؤال نفسه: «بدي اتظاهر كرمال ابني لمّا يكبر يفهم إنو ما لازم يسكت عن حقّو شو ما كان الثمن. المظاهرة سلميّة وابني ما رح يتأذّى وواجبي احميه من الأذى اللّي ناطرو بالمستقبل».

ولا تختلف السّيدة الخمسينيّة التي شاركت وزوجها في التحرّك، عن لارا ونيكول في هدفها من التظاهر، إذْ تقول: «زمان كنت خاف شارك وقول بلكي صار شي خلال التحرّك، ومين راح ساعتها يهتمّ بولادي؟ اليوم لأ ما عدت خايفة، أنا نزلت لأني مهتمة فيهن، ولادي تلاتتهن بالغربة وأحفادي بشوفهن مرّة بالسّنة. أنا عايشة وحدي. بدي يرجعوا، تعبت من غربتهم».

مطالب نسائيّة... خجولة

الحضور النسائيّ كان كثيفاً، غير أنّ المطالب النسائيّة بدت «فقيرة جدّاً» وخجولة، فسألنا المنظّمين من مختلف الحملات المشاركة أبرزها «بدنا نحاسب» و«طلعت ريحتكم»، عن سبب عدم وجود لافتات تُطالب بحقوق المرأة ومطالبها، فكان الجواب: «الناس حملت شعاراتها ونزلت إلى التحرّك، وما تدخلنا إلاّ بإزالة الشعارات الحزبيّة».
«الهيئة النسائيّة الشعبيّة» شاركت في الاعتصام ضدّ «الفساد والقمع»، مطالبةً «ببيئة نظيفة، وبالإصلاح ومحاربة الفساد، وتوفير فرص عمل للشباب ومحاربة الاستغلال والاحتكار»، غير أنّها لم تركّز على حقوق النساء أو المطالب الّتي تسعى النساء اللبنانيّات إلى تحقيقها، مكتفيةً برفع شعار «رحمونا تعبنا».
ورفع التجمّع النسائيّ في طرابلس صوته أيضاً بوجه الّذين همّشوه قائلا: «عِملونا مزبلة وتخطّونا وطلّعوا قرارات بلا ما يحسبوا حساب حدا، نزلنا ونزّلنا ولادنا ليتعلّموا ما يسكتوا عن حقهم. نحنا النساء مطالبنا كثيرة أوّلها، واللي هيّي أبسطها، حقوقنا المدنيّة وصولاً لمنح الجنسيّة لولادنا».

القوى الامنية

لم تعتقل القوى الأمنيّة او تحتجز أي امراة أثناء هذا التحرك، علما أنّ الاعتداءات والضرب الّذي حصل أثناء الاشتباكات بين القوى الامنيّة لم يميّز بين الموجودين نساءً كانوا أو رجالا.
حقوق المرأة لن تحصّلها إلاّ المرأة، فالشعب أدرك الوسيلة وبادر إلى تنفيذها «فهيّا يا نساء: آن الأوان».

وجوهٌ نسائيّةٌ معروفة
من أبرز الوجوه النسائيّة المعروفة الّتي وَاكبت هذا التحرّك: الإعلاميّتان ديما صادق وريما كركي؛ والمخرجة نادين لبكي، والممثّلات عايدا صبرا، وكارمن لٌبس، وندى بو فرحات، وورد الخال، وزينة دكاش، وسينتيا خليفة، وداليدا خليل وزينة مكي، ومن المغنّيات هبة طوجي، ورولا سعد، ومايا نعمة، ونينا عبد الملك، وميريام كلينك وغيرهنّ...
رفيق علي أحمد: «الصبايا بصيرو ا أجمل بالمظاهرات»
رفيق علي أحمد الذي شارك في هذه التحرّك، يرى أنّ كلّ تطوّر إنسانيّ فكريّ ما هو إلاّ تراكم للعديد من القضايا الإنسانيّة على رأسها المطالبة بالديمقراطيّة، «فكما الحقّ للشعب أن يُحكم، يحقّ له أن يُعارض». 
ويُضيف رفيق علي أحمد ممازحاً: «الصبايا بصيروا أجمل بالمظاهرات لأنّو بفرجوا الوجه الحقيقي للفتاة اللبنانيّة... إنّو هي عندها قضية ونزلت عالشارع تهتمّ بحقوقها».

مقالات قد تثير اهتمامك