تأمـلاتٌ في الحِراك المـدنيّ: فلتزهرْ أجسامُكم شقائقَ نعمان
تأمـلاتٌ في الحِراك المـدنيّ: فلتزهرْ أجسامُكم شقائقَ نعمان
تأمـلاتٌ في الحِراك المـدنيّ: فلتزهرْ أجسامُكم شقائقَ نعمان
تأمـلاتٌ في الحِراك المـدنيّ: فلتزهرْ أجسامُكم شقائقَ نعمان
تأمـلاتٌ في الحِراك المـدنيّ: فلتزهرْ أجسامُكم شقائقَ نعمان
تأمـلاتٌ في الحِراك المـدنيّ: فلتزهرْ أجسامُكم شقائقَ نعمان

تأمـلاتٌ في الحِراك المـدنيّ: فلتزهرْ أجسامُكم شقائقَ نعمان

الرسوم: الفنان منصور الهبر

عشاء

أُعدّ عشائي لأتناوله أمام التلفزيون حيث أحصل على جرعتي المسائيّة من الِحراك المدنيّ: احتجاج، شتم، قمع، وجوهٌ فائرة في وجه الطوائف وأمرائها.

نار

فتوّتي أشمّها في الصدور العارية لـ «زعران» التظاهرة يقطّعون الشريط الشائك أو يرشقون الحجارة. أستعيد حربةً من شقاوتي القديمة الباقية.

«نازلين»
  1. «نازلين عالمظاهرة ضدّ جلسة الخُوار وبَدنا نتشيطن ونراشق حجارة ونشدّ ويشدّونا النسوان».
  2. سنتظاهر مع الهواء الأصفر ضدّ الكوليرا. رايتنا غبار. حرابُنا الغضب.
«أبو رخّوصة»

عندما اكتشفت أمي صبيحةَ أحد الشّعانين اختلافاً بين «فردتَي» حذائي الجديد، ركبَ والدي سيّارة الأجرة من الأشرفيّة إلى سوق الطّويلة في وسط بيروت. ففوجئ بالمحل فاتحاً أبوابه وبصاحبه يبادره: اكتشفتُ أمس عدم تناسب زوج الأحذية ففتحتُ اليوم لكي يعيّد ابنُك، متوقّعاً أن تأتي. هل كان التّاجر أو الوالد أبا رخّوصة أم كانا خيرةَ الأنام؟

الزرع للمستقبل

لا بدّ أن ترافق المطالب الآنيّة لحراك 22 آب في بيروت، مطالبَ بعضُها بات مثار نقاشٍ وبعضها الآخر  أكثر راديكاليّة، ولكن لا بأس بل لا بدّ من طرحه بلا خوف مهما حاولت الأحزاب الطائفيّة الحاكمة استغلاله لإفشال التحرّك (كمثلِ موقف الناشط في حركة «طلعت ريحتكم» أسعد ذبيان من الدين، ولو أن ما كتبه لا يرقى إلى النقد المأمول).
احتجاجات أيّار 68 في فرنسا تركزت مطالبها المباشرة على النظام بعد الحرب، البيروقراطيّة، الاستعمار الفرنسيّ. أما الأفكار الاجتماعيّة الجذريّة التي لم تتحقّق يومها، وقد أجهض الجنرال ديغول الثورة، فقد انزرعت في ثقافة أوروبا والغرب لتتحقّق في العقود اللاحقة ومنها حقوق المرأة: مساواتها بالرجل، حقّها في الجنس والإجهاض، تسجيل الابن الطبيعيّ («غير الشرعيّ»)، منح الجنسية لأولادها من والدٍ أجنبيّ. وطبعاً إلغاء القوانين المتعارضة مع ذلك بتأثير المسيحيّة في القوانين المدنيّة. إضافةً إلى حقوق المواطنين في الطبابة المجانيّة، ومعاش البطالة، والتعليم المجانيّ في المدارس والجامعات وسوى ذلك الكثير. أقول فلنزرع بذور المطالب بلا خوفٍ أو ترقّب.

الدين والطائفية السياسية

كلّ كلمةٍ تُقال في نقد زعيمٍ سياسيٍّ لطائفةٍ من الطّوائف أو رجل دين، سرعان ما يعمد أتباعه إلى اتّهام قائلها بالإساءة إلى الطّائفة والدّين وأحياناً بالعمالة للخارج. فكيف إذا تطرّق كاتبٌ إلى الدّين نفسه وما لعب ويلعب من أدوارٍ اجتماعيّةٍ وسياسيّةٍ واقتصاديّةٍ منها الإيجابي ومنها السّلبي، وكيف يتمّ توظيفه من الطّبقات المسيطرة للتّحكم بالنّاس ومنع التّغيير السّياسيّ؟ عندها سيُرشق مباشرةً بالكفر والشّيوعيّة والماسونيّة والإلحاد. فالدّين يولّد في بعض استعمالاته عصبيةً قطيعيّةً يُبنى عليها ما يُعرف بالطّائفيّة السّياسيّة. ولا مفرّ من تفكيك هذه الاستخدامات «المؤدلَجة» للدّين إذا أردنا التخلّص من الطّائفيّة السّياسيّة. هذا التّفكيك يعني التّخلّي عن القراءات الحَرفية للكتب الدّينيّة ونبذ ما عُلّق بها من أحكامٍ وممارساتِ مؤسّساتٍ عفِنة ورجال دينٍ أبعد ما يكونون عن الرّسالة في مواقفهم أو تغطيتهم الأنظمة السّياسيّة. هنا علينا ألاّ نخشى تلك الرّدود الشّعبيّة المقيتة وأن نطرح ما نفكّر فيه في أبحاثٍ أكاديميّةٍ ومقالاتٍ ونصوصٍ إبداعيّةٍ أدبيّةٍ وفنيّةٍ وعلى مواقع التّواصل الاجتماعيّ. أمّا أسلحة التّهكّم والسّخرية فيستعملها الموهوبون لإحداث المفارقة وصدماتِ وعيٍ تهزّ أسن العقول وتفتح نوافذَ على الفكر.

نقد هادئ

يتأسّس كلٌّ من الأديان الإبراهيميّة على الآخر قبل أن يعمد إلى إقصائه صراحةً تارةً ومواربةً تارّة. عقائدُ تمسّ أعماق المتديّنين بحكم التّربية والتّلقين والتّعويد والتّخويف. ولكن أيضاً بفعل زخمها الرّوحيّ والتّاريخيّ والأدبيّ. فلا بدّ إذن من التّعامل معها بهدوءٍ ودرسها بمعنى الإضاءة على كيفيّة تكوّنها التّاريخيّ والاجتماعيّ، وتناسلها منذ أوّل انبلاجةٍ للخارق والسّحريّ في أوّل «طوطم»، وبما لا ينفي أو يؤكّد «عِلميّة» ما تقوله (أهمّيّة الدّين، إضافةً إلى الآداب والفنون، أنّها ليست عِلماً) أو يقلّل من تعدّد وظائفها، وبعضها خدَم التّطوّر البشريّ. في الوقت عينه لا مناص من نقد الوظائف الأخرى التي جعلت من الدّين مطيّة السّلطة (دينيّة وسياسيّة) والحروب والمال.

الدين والسّلطة

يكتب المفكّر الجزائريّ محمد أركون: «إنّ التسامح (الدينيّ) الذي نتوق إليه الآن من جديد كان قد تولّد بالضبط عن عدم التسامح المتشكّل على مرّ القرون للأنظمة الدينيّة التقليديّة المرتكزة على أجهزة سلطة الدولة، سواء أإمبراطور كان يقف على رأسها أم  خليفة أم سلطان أم ملك. فمن المعروف أنّ كلّ هؤلاء كانوا يستمدّون شرعيّتهم من الذرى الدينيّة. والواقع أنّ وضع المسيحيّة والإسلام متشابه جدّاً من هذه الناحية، لأنّ توسعهما كدينيْن مرتبط بتشكّل الإمبراطوريّات أو الممالك الخاضعة كليّاً للتحديد اللاهوتيّ «الأرثوذكسي» لما يمكن أن ندعوه بالقانون ـ الحقيقة، أو بالحقيقة ـ القانون (أيْ الحقّ بحسب اللّغة القرآنيّة ذاتها). المقصود الحقّ الذي علّمه الله للبشر. صحيح أنّ طرق التدخّل الإلهيّ في الشؤون البشرية تختلف من دين لآخر، ولكن أجهزة الدولة المتسلّطة تستمدّ بالطريقة نفسها مشروعيّتها من التعاليم المقدّسة والمتعالية التي يحرص على صيغتها الأرثوذكسية ويحافظ عليها «مسيّرو شؤون التقديس» بحسب تعبير عالم الاجتماع الألماني ماكس فيبر (أيْ رجال الدين). وهكذا تمّ خلق نموذج للعمل التاريخيّ مروراً بالتاريخ تجسّد في عددٍ كبيرٍ جدّاً من حالات التضامن المتبادل والوثيق بين ذروة السّلطة السّياسية (أيْ الدولة بمختلف أشكالها)، وبين ذروة السّيادة المدعوة روحيّة، وهذا هو النموذج الذي نجده وكنت قد دعوته بمجتمعات أمّ الكتاب/ الكتاب». (أركون -«أين هو الفكر الإسلامي المعاصر؟»).

ملحد ومؤمن

بعض المُلحدين سمجون حين يتباهون بإلحادهم.
ولكن كم يتبجح المتديّنون بأنّ دينهم دين الحقّ ودين الخلاص والدين الأسمى والأحلى والأكمل؟ ألم يقتلوا ولا يزالون باسم الدين؟ هل قتل ملحد أحداً دفاعاً عن الإلحاد؟ لا، لأنّ الإلحاد ليس عقيدةً إلاّ عند قلةٍ قليلةٍ لا تُوجِد حتّى تيّاراً داخل مجتمعٍ من المجتمعات (استثنِ  طبعاً الإلحاد القسريّ في الصين وكوريا الشمالية والدول الشيوعيّة السّابقة، وقد كان جزءاً من الأيديولوجيا وليس هي). الملحد لا يبشّر ولا يعنيه إلاّ أن تكفّ السّلطة الدينيّة ومعها السّياسيّة والقانونيّة عن وصمه وإقصائه حدّ السّجن والنفي. وحيداً وخارج عصبّية الجماعة يواجه المُلحد الحياة والآخرة.

الدين والحياة

هل المطروح أمامنا اليوم في العالم العربيّ سؤال أين تنتهي حرّيّة نقدنا للدّين (ماذا حلّ بمن حاول بعض النّقد البحثيّ الرّزين والهادئ، من صادق جلال العظم حتّى نصر حامد أبو زيد مروراً بالمطران غريغوار حدّاد؟)، أو أنّ المطلوب الملحّ هو حماية البشر والحياة من تغوّل الأيديولوجيا الدّينيّة وكلّ أيديولوجيا عصيّة على النّقد والتّجديد تكيّفاً مع الحياة وكرامة الفرد والجماعة؟ هل التّكفير وهدر الدّم وعدّ العَلمَنة «إلحاداً» والإلحاد «فسقاً» واضطهاد غير المتديّنين وسجنهم ونفيهم إلى الغرب والتّبشير بالمسيحيّة أو الدّعوة إلى الإسلام ومنع الإنسان من ترك دينه الذي لم يختره أصلاً وتسفيه الرّبوبيّ (المؤمن بالله من غير الانتماء إلى دين) وحروب القتل باسم الله والمقدّسات، هل هذا من «حرّيّات التّعبير» الدّينيّ «المقبولة» قانوناً التي لا تَمَسّ عقائد الآخرين الدّينيّة أو غير الدّينيّة ولا تزدري مشاعرهم ولا تعنّفهم معنويّاً ولا تصل في إلغائهم الماديّ حدّ القتل والذّبح والخطف والسّبي؟ أظنّ علينا البحث في سبل الحدّ من العُنف الكامن في كلّ دينٍ وهذا يتطلّب جرأةً ومعرفةً وشجاعة.

نفاية وهجرة

القارة العجوز تحتاج شباباً من عندنا يُبْدلون حفاضات شِيبها لأنّ شبابها منشغلون في الأبحاث العلميّة وتكنولوجيا المستقبل. شكراً للزعيمة ميركل وَليتها مع العمّ أوباما وقيصر روسيا يضعون حدّاً للحرب الدينيّة السّلطوية الاقتصاديّة، وطبعاً بمشاركة شعوبنا العظيمة وأنظمتنا الفوّاحة بالديكتاتوريّة والنفايات. لو فعلوا سيخسرون النفط والغاز بأبخس الأسعار وصفقات التسليح وآلاف مليارات تتكدّس لإعادة البناء. لكن سيربحون تفوّقاً أخلاقيّاً ويكفّون عن التخويف من «الإرهاب الكامن» في بعض المهاجرين. رغم الحسّ الإنساني العالي لدى الشعوب الغربية، إلاّ أن تحالف السّياسة وأشداق المال والإعلام يمرّر السّياسات الخارجيّة غير الأخلاقيّة بخبث وسلاسة. فليكن المهاجرون عقابك أيّها الغرب، أيٌّها الحبيب المكروه، أيّها الصديق اللدود والعدوّ المحمود.

كوليرا

(إلى المتظاهرين والمتظاهرات في 9 أيلول 2015 في بيروت)

أَقطعُ الكوليرا
مربّعاتِ سُكَّر.
شايُ المساء
بنكهة عُرسٍ
أخير.
لا جدوى
للبتلات.
مطرٌ يسقي
الضّريح والميت
يغرق.
اسألوا الغبار
عن خناجر الرّيح.
مذبحة ورقٍ
حلوى العشاء.
بائسٌ ينتظر
الحشد.
اضربوا الفضاء
بعصيّ الحقد.
أجسامُكم فلتزهر
شقائقَ نعمان.

مقالات قد تثير اهتمامك