الى منال عاصي وضحايا العنف الأسري: "مستمرون في النضال"!

تعيد الحسناء اليوم اطلاق حملة #حطـحالكـمحلها لأن قضية المرأة هي قضية كل مكان وزمان، وعلى الجيل الجديد أن يعي أهمية هذا الموضوع ويأخذه على محمل الجد لأن الشريحة الكبرى من الناس اليوم مؤتمنة على الاستمرار بهذه القضية التي يسعى وحوش هذا المجتمع عن جهل وقلة ادراك التغاضي عنها لمحيها عن الوجود. 

منذ أيام طلب المدعي العام القاضي سمير حمود نقض قرار الجنايات بحق زوج منال عاصي محمد النحيلي لخطأ المحكمة في تفسير العذر والتطبيق المخفف الممنوح له. 

علماً أن النحيلي أقدم على قتل زوجته منال عاصي حتى الموت بطنجرة ضغط العام 2014 ، على مدى سبع ساعات متواصلة عنفّها وغذّبها حتى الموت، أمام ابنتيها. الشهر الماضي، خفّضت المحكمة الجنائية في بيروت الحكم على النحيلي من عقوبة الإعدام إلى السجن خمس سنوات (ضمنها فترة توقيفه)، وذلك استنادا الى المادة ٢٥٢ من قانون العقوبات التي تنص على أنه ”يستفيد من العذر المخفف فاعل الجريمة الذي أقدم عليها بثورة غضب شديد ناتج من عمل غير محق وعلى جانب من الخطورة أتاه المجني عليه“، وهذا يعني أن النحيلي سيخرج من السجن بعد سنتين، كون سنة السجن القضائي 9 أشهر فقط.

جمعية ”كفى“، جنبا إلى جنب مع وناشطاات وناشطين  في جمعيات حقوق الإنسان، احتجوا أمام قصر العدل في بيروت \ الأسبوع الماضي، وطالبوا بتشديد العقوبة على النحيلي. وبعد ذلك الاحتجاج، أصدر القاضي حمود قراراً عن المحكمة الجنائية في بيروت رأى فيه أن قرار "تخفيض العقوبة من عقوبة الإعدام إلى السجن خمس سنوات من الخطأ في تفسير وتنفيذ المادة 252 من قانون العقوبات"، مشيراً إلى أن "زوج منال يجب أن يعاقب عليها بالإعدام وفقا للفقرة 4 من قانون العقوبات والمادة 549“.

الحق العام غير قابل للتنازل

وفي مقابلة أجريناها مع مستشارة الاعلام والمساواة بين الجنسين في منظمه اليونسكو في بيروت الدكتورة ديما دبوس أشارت الى أن ”هناك احدى الأمهات التي أسقطت حقها ولا نعلم ما هو السبب وراء ذلك. لا يمكننا أن نجزم ربما تكون مهددة مع أفراد عائلتها. ولكن يرجع هذا الامر الى الحق العام. بنهاية المطاف هذه جريمة لا يمكننا التغاضي عنها“، واعتبرت أن ”الفكرة ليست المعاقبة ولا التركيز على ذلك، إنما حماية المرأة وكافة أسرتها لنقول للمجتمع الذكوري أن الأنظار اليوم "مفتّحة" على الرجل وأن الحق العام غير قابل للتنازل عندما يتعلق بمصلحة المجتمع“.

وقالت: ”على الحكم أن يكون مشدداً لنحّد من العنف المنزلي الذي هو أخطر نوع بحيث تكون الحميمية مستباحة“. وتعليقاً على قرار القاضية هيلانة اسكندر، اعتبرت دبوس أن هذا الحكم أعادنا الى الوراء خصوصاً عند فتح سيرة "جريمة الشرف“ التي ألغيت العام 2011 وتطلب حذفها من قانون العقوبات نضالات قاسية على مدى عقود وبهكذا تكون بررت للمجرم جريمته“.

لتطبيق قانون رقم ٢٩٣ وعدم التغاضي عنه 

وأكدت الدكتورة دبوس: أن: "بعض القضاة لا يزالون لا يعلمون بوجود قانون رقم ٢٩٣ ”لحماية النساء وسائر أفراد الأسرة من العنف الأسري“. ”سيسمح هذا القانون للنساء أن الخروج من دوامة العنف. فالأسرة السليمة هي الأم التي تعيش حياة صحية في بيئة خالية من آثار العنف والأذى بشتى أنواعه. نحن نقول للرجل بهكذا قانون "سيطر على نفسك“، فالمرأة التي تُضرب أمام أولادها تكون عائلتها عائلة مدمّرة وبالتالي يصبح يشّل المجتمع. هذا القانون يشمل كل الذين يتعرضون للضرب سواء كانوا نساءً أو رجالاً دون تمييز. وقد أعطى تعريفاُ دقيقاً للعنف عندما ذَكَر: "يترتب العنف أي عنف أو القتل أو إيذاء جسدي أو نفسي أو جنسي أو العنف الاقتصادي“.

وتابعت: ”قانون العقوبات يقول إنه يجب إثبات العنف. هذا الأمر غير مقبول فأنا لا أريد أن أخسر شيئاً من جسدي لأثبت أنني معنفة، لذلك جاء هذا التوسع في القانون لإيقاف العنف على مختلف أنواعه“. 

وتقول المادة 3 من القانون: "تشدد العقوبة 257 وفقا لأحكام المادة من قانون العقوبات إذا وقع الجرم ضمن الأسرة. وتضاعف العقوبة إذا رافق الجرم أي شكل من أشكال العنف أو التهديد“. تضاف على القانون (قانون العقوبات) فقرة جديدة: "من قتل إنسانا قصداً عوقب بالأشغال الشاقة من 15 الى 20 سنة تكون العقوبة من 20 الى 25 سنة اذا ارتكب فعل قتل إحدى الزوجين“. ولفتت دبوس الى ”أننا نطالب برفع مدة العقوبة. هذه الفقرة تقول أن هنالك تشديد على قانون العقوبات، فالأخير يتجاهل القانون الجديد وبالتالي الواقع الجديد“.  

وأشارت الى أن ”قانون العقوبات وضع على أيام الانتداب الفرنسي أي في القرن التاسع عشر ولا زلنا حتى يومنا هذا متمسكين بقوانين ليست دينية ولا اجتماعية بل بقوانين استعمارية. هناك عدة تحديات لتطبيق هذا القانون كما أن هناك تحديات على مستوى العقليات بحيث خصصت دورات تدريبية للأمن العام لحماية المرأة والتعاطي معها بطريقة خاصة. كما أن هذه العقلية عليها أن تتغير على مستوى الدولة ابتداء من كتاب التربية المدنية“.

وأكدت ”نحن نرفض أن نعيش في القرن الـ21 في ظل الثورات والانتفاضات العربية ولا تزال المرأة تعيش في الرعب والخوف من زوجها الذي يسعى دائما الى ضربها وتهديدها. علينا أن نعي خطورة الوضع وأن نفهم أننا نعيش بمجتمع ذكوري، وفي بعض الأحيان الجدة أو الأم هن اللواتي يشجعن على تنمية هذا الظاهرة عندما يرضخن لهذا الواقع ويقلن لبناتهن أن يتحملن بغية المحافظة على العائلة. الأم تمدّد لهذا الواقع. هذه العقلية علينا أن نكسرها من خلال تطبيق القانون وهذا أكبر تحد لنا“.

قضية المرأة قضية نضال 

لبنان هو مساحة للحريات والعمل على القضايا الاجتماعية باستقلالية عن الدولة هو أمر أولي. لا يزال لدينا فسحة للتظاهر والمطالبة بالحقوق.

شددت دبوس على ”أهمية الاستمرار بهذه القضية والنضال من أجلها"، لافتة الى أن "شباب اليوم وخصوصاً الشابات لديهم الحرية الكافية ليفعلوا ما يشاؤون ولكنهم ينسون أن هنالك نساء ناشطات منذ القدم مثل لور مغيزل لديهن وعي سياسي ناضلت ونزلن الى الشوارع والطرقات لانجاز أبسط حقوق المرأة اللبنانية وهي المشاركة في الانتخابات السياسية. كما أن هنالك أشخاص عملوا على اقرار "العذر المحل" ونحن حققنا انتصارا في مجال اقرار قانون ”حماية النساء وسائر أفراد الأسرة من العنف الأسري" العام 2014. ولكن الامر ليس بتلك السهولة، لأنه في الشق الآخر، لا يزال هناك بعض الأشخاص الذين يفعلون المستحيل من أجل ابقاء النظام الذكوري حياً خدمة لمصالحهم“.

وقالت: ”لا زلت أذكر بالتسعينات كيف كان من غير المسموح أن أسافر إلا بموافقة زوجي. على الشباب اليوم أن يدركوا حقوقهم وواجباتهم على أكمل وجه من أجل الاستمرار بهذا النضال لأن المعرفة قوة علينا التسلح بها.

وأضافت: ”أحب أن أرى جيل الشباب ينزلون الى الشارع ويشاركون في الاعتصامات وأن يتبنوا هذه القضية كما فعل جيل المناضلات في الستينات وما فوق اللواتي كن على اطلاع بالسياسات المحلية، ولكن المشكلة تكمن في هذا الجيل الذي لا يعنى بتلك الامور ويرى العالم من منظار الحرية ولكنه لا يعلم أنه يوجد تمييز في قوانين الأحوال الشخصية“.

وختمتالدكتورة ديما دبوس قائلة:" عندما أشاهد الأمهات ودمعتهن تسيل، صوتي يصبح أعلى والصرخة أقوى عندما أشارك في التظاهرات. وأقول الله يساعدهن لأنه لا يوجد أم واحدة تريد أن ترى ابنتها معذبة أو مقتولة. أناشد الشابات وأقول: ”احموا أنفسكن وتسلحن بالمعرفة، اعرفن حقوقكن وواجباتكن التي يقدمها القانون. وناضلن من أجل الارتقاء بهذا المجتمع“. 

 

مقالات قد تثير اهتمامك