«العذر المخفّف» والضمائر النائمة

 
ماذا يعني ان ينقض قاض / رجلٌ حكماً مستغرَباً اصدرته قاضية / امرأة على قاتل زوجته بعد تعذيبها ساعات امام اولادهما، «لخطأ في تفسير العذر والحكم المخفَّف»؟ ، بل لماذا خفّضت المحكمة الجنائية في بيروت، وعلى رأسها امرأة، حكماً على ذلك القاتل من عقوبة الإعدام إلى السجن خمس سنوات، استناداً الى مادةٍ من قانون العقوبات تنص على أنه ”يستفيد من العذر المخفف فاعل الجريمة الذي أقدم عليها بثورة غضب شديد ناتج من عمل غير محق وعلى جانب من الخطورة أتاه المجني عليه“؟ ترى ما هو العمل الخطير وغير المحقّ الذي اقدمت عليه الضحية حتى تستحق الموت؟ بل ايّ ثورة غضب تدوم ثلاث ساعات حتى تمنح قاضيةٌ / امرأةٌ قاتلاً تلذّذ بتعذيب زوجته «عذراً مخفِّفاً» عن جريمته الشنعاء؟
 
لا نعرف بالضبط دوافع القاضية وكيف يمكن ان يخدم حكمها العدالة. لكن لا يمكن الا القول ان بعض الرجال اقرب الى إنصاف النساء وتحقيق مساواة الجنسين في الحقوق والواجبات من نسوة كثيرات استبطنَّ قيمَ الذكورة وميراث المجتمعات البطريركية والفكر الديني الذي يحطّ من انسانية الانثى جاعلاً منها تابعة للذكر وخادمةً له ولنسله من الذكور، وإلا كان ايذاؤها والعدوان عليها حتى الموت مجرّد «ثورة غضبٍ» تستوجب العذر المخفّف وربما اعتذار الضحية في مثواها من قاتلها.
 
يصدر هذا العدد من «الحسناء» وقد مرّ عام على «الحراك المدنيّ» احتجاجاً على تسلّط الطبقة السياسية اللبنانية وفسادها الذي بلغ حدّ الخلاف على تحاصص شركة جمع النفايات فتراكمت هذه في الشوارع، وهدّدت ولا تزال تهدّد اللبنانيين بكارثة بيئية وصحية. فهل حقّق الحراك المدنيّ ايّاً من اهدافه التي بدأت من ازمة النفايات وامتدت الى المطالبة بقانون انتخابات تمثيليّ، ووقف الهدر الماليّ في الدولة، وصولاً الى بعض الحقوق الفردية ومنها حقوق المرأة؟ قد يكون للحراك بعض الأثر في تفتيح الوعي العام وإعلاء الصوت بلا وجل او خوف. الا انّ معركة الشعب والافراد مع ما تكلّس من قيم وانظمة وحكّام مستمرّة. ولعلّ في طليعتها حقّ المرأة في الحرية والمساواة والعدالة. 
 
 

مقالات قد تثير اهتمامك