اليوم الدولي لمناهضة العنف ضد المراة: لمستقبل أكثر إشراقاً!

في 17 كانون الاول/ديسمبر 1999 ، اعلنت الأمم المتحدة عبر الجمعية العامة تعيين 25 تشرين الثاني/نوفمبر موعدا سنوياً لليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة ، هذا اليوم يصادف أيضاً بداية من 16 يوماً من النشاط لمناهضة العنف ضد المرأة، تنتهي يوم 10 كانون الاول/ديسمبر المصادف اليوم العالمي لحقوق الإنسان .

ويُعّد العنف ضد النساء والفتيات واحداً من انتهاكات حقوق الإنسان الأوسع نطاقا في العالم.إذ يتخطى الحدود والعرق والثروة والثقافة والجغرافيا. يحدث في كل مكان في المنزل أو في العمل، في الشوارع أو في المدارس، في أوقات السلم أو الصراع. ولكن هذا ليس أمراً حتمياً. إذ يمكن مواجهة العنف ضد النساء والفتيات والحد منه بشكل منهجي.

تؤكد منظمة الصحة العالمية إن العنف ضد المرأة يعتبر واحداً من أبرز المشاكل الصحية والنفسية التي تواجه المرأة حول العالم، وتسلبها أبسط حقوقها الإنسانية.

ووفقا لإحصائيات المنظمة، عايشت نحو 35 في المائة من النساء حول العالم أحد مظاهر العنف الجسدي سواء كان ذلك من قريب، كالزوج، أو من غريب، كما تؤكد التقارير أن 30 في المائة من النساء حول العالم تعرضن في حياتهن مرة واحدة على الأقل لشكل من أشكال العنف الجنسي.

وترجع المنظمة الدولية أسباب العنف الجسدي الذي يتسبب به شخص قريب إلى سجل سابق في العنف لهذا الشخص، أو عدم رضاه عن العلاقة الجنسية مع المرأة، أو صعوبة التواصل بين الطرفين.

أما العوامل المرتبطة بارتكاب العنف الجنسي ضد المرأة، وفقا للمنظمة، فتندرج في خانة الإيمان بأهمية ارتكاب جرائم كجرائم الشرف، والسيطرة الذكورية على النساء، إضافة إلى ضعف الرقابة القانونية على مرتكبي مثل هذه الجرائم.

وتؤمن المنظمة الدولية بضرورة تسليط الضوء على جميع العوامل التي تميز ضد المرأة، والترويج للمساواة بين الجنسين، ومساندة المرأة في جميع جوانب الحياة، إضافة إلى التركيز على إيجابيات التعامل مع المشاكل الاجتماعية كبديل لاستخدام العنف.

بحسب الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون فإن "العنف ضد النساء والفتيات هو انتهاك لحقوق الإنسان، ووباء يمس الصحة العامة، وعقبة خطيرة أمام التنمية المستدامة. ويفرض العنف ضد النساء والفتيات تكاليف ضخمة على الأسر والمجتمعات المحلية والاقتصادات. وليس في إمكان العالم أن يدفع هذا الثمن" 

يقوم الأمين العام للأمم المتحدة هذه السنة العامب حملة اتحدوا لإنهاء العنف ضد المرأة ، فكانت دعوات في هذا الإطارلاستخدام اللون البرتقالي بالطريقة التي يراها المحتفلون مناسبة لجعل العالم برتقالياً: اللون الذي يرمز إلى مستقبل أكثر إشراقا دون عنف موجه ضد النساء والفتيات. كما دكانت دعوات بجعل شوارع الدول ومرافقها ومعالمها برتقالية في هذا اليوم.

وبحسب موقع الأمم المتحدة الإلكتروني فإن من أكثر التحديات التي تواجه الجهود المبذولة لمنع وإنهاء العنف ضد النساء والفتيات حول أنحاء العالم هو النقص في التمويل بشكل كبير. ونتيجة لذلك، تفتقر المبادرات الرامية إلى منع وإنهاء العنف ضد النساء والفتيات مكانها الى آاليات الدعم والتنفيذ. وتظل الأطر المبشرة لمكافحة العنف ضد المرأة، مثل الأهداف الإنمائية المستدامة، رهينة النقص في التمول وضعف إمكانيات إحداث تغييرات حقيقية وكبيرة في حياة النساء والفتيات.  كما يهدف النشاط المناهض للعنف القائم على نوع الجنس، المصاحب لليوم العالمي لحقوق الإنسان في الفترة من 25 تشرين الثاني/نوفمبر وحتى 10 كانون الأول/ديسمبر، على تسخير 16 يوما لرفع الوعي العام وحشد الناس في كل مكان لإحداث تغيير لصالح النساء والفتيات.

أما لماذا اختيرالخامس والعشرين من تشرين الثاني ليكون اليوم الدولي لمناهضة العنف ضد المراة، فالمسألة تعود لحادثة وقعت للعام 1960  في جمهورية الدومنيكان القريبة من كوبا. في ذلك اليوم  قتلت الأخوات ميرابال، انهن  ثلاثة شقيقات دومنيكيات اغتيلن من قبل مجهولين وبتوجيه حكومي في 25 تشرين الثاني العام 1960 في عهد الدكتاتور رافاييل تروخيلو، وتحولن فيما بعد إلى رمز من رموز الحرية في الدومنيكان والعالم.

كان والدهن رجل اعمال ناجح وكن يعيشن حياة الطبقة الميسورة المستقرة مع شقيقتهن الرابعة، وكانت العائلة معارضة سياسية لنظام الدكتاتور تروخيلو الذي حكم بلاده حتى العام 1961، فارضاً سيطرة مطلقة على البلاد من خلال تحالفه السري مع الكنيسة والأرستقراطيين والصحافة.. مع ادارته لسلطة عسكرية بوليسية واعدامه الالاف من معارضيه.

وفي احدى المناسبات العامة التي حضرتها مينرفا احدى الشقيقات وكانت تدرس الحقوق  كان الدكتاتور تروخيلو حاضراُ فحاول أن يحرش بها فواجهته بشكل رافض مهين وغادرت المناسبة مع عائلتها، وشكلت لاحقاً حركة ضمت مجموعة من المعارضين لنظام تروخيلو، وعرفت بأسم حركة الرابع عشر من حزيران/ يونيو، وضمن هذه المجموعة، كانت الشقيقات ميرابال يلقبن بالفراشات لجهودهن وحيوية الشباب التي يعشنها، بعد مدة  امر الديكتاتور بأعتقالهن وذويهن وجرى سجنهم والتنكيل بهم. ولاحقاً وبعد الافراج عنهم قتل مجهولون الشقيقات الثلاث بطريقة وحشية وكشف لاحقاً بأن الدكتاتور كان وراء الاغتيال. فكان اغتيالهن الضربة القاضية لنظامه، فاغتيل بعد ستة أشهر من حادثة اغتياله للشقيقات.

بعد انهيار نظام الديكتاتور كُرمت ذكرى الاخوات ميرابال، وقامت اختهن المتبقية على قيد الحياة لاحقاُ بتحويل المنزل الذي ولدن فيه الى يضم مقتنياتهن.. ويجمع العديد من الكتب والافلام الوثائقية والسينمائية التي خلدت ذكرى الاخوات ميرابال.

ولعل اشهر ما كتب حولهن رواية  (في زمن الفراشات) للكاتبة الامريكية جوليا ألفاريز  والتي نشرت عام 1994 ، ولاحقاً حولت الرواية إلى فيلم حمل نفس الاسم (في زمن الفراشات) عام 2001، وقامت النجمة العالمية سلمى حايك فيه بشخصية مينيرفا ،وشارك في الفيلم المغني الشهير مارك أنتوني في دور مساعد.

في 17 كانون الاول/ديسمبر 1999 ، اعلنت الأمم المتحدة عبر الجمعية العامة تعيين 25 تشرين الثاني/نوفمبر (ذكرى اغتيال الأخوات ميرابال) موعدا سنوياً لليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة تقديراً لأخوات ميرابال، ودعماً لكل معنفة في كل أنحاء العالم، ولا بد أن ينتج عن كل هذه الاحتفالات والدعم تراجعاً ملموساً في العنف ضد النساء حول العالم، مهم جالعيبداً وضع الإصبع وعدم الخوف من  التبليغ والمطالبة الدائمة برفع الظلم عن النساء.

مقالات قد تثير اهتمامك