ألف باء صعوبات العودة إلى المدرسة

انتهت العطلة الصيفية وحان وقت العودة الى المدرسة. فلا سهر بعد اليوم، ووداعا للفوضى ومشاهدة التلفاز واستخدام الالعاب الالكترونية بكثرة، أهلا بالروتين المدرسي والانتظام في تناول الطعام والدراسة. انطلاقاً من هنا فانّ التأقلم مع فكرة العودة الى المدرسة تبدو من اصعب المراحل التي تواجه الاطفال والاهل على حد سواء. فكيف الاستعداد لعامٍ دراسي جديد؟

ليس من السهل تعويد الاطفال على التوقيت الجديد، بعدما اعتادت الساعة البيولوجية التوقيت الصيفي. يكبر حجم المشكلة بالنسبة الى عدد كبير من الاهالي، بينما تبدو اقل صعوبة بحسب بعضهم، وأي كان فانّ ترتيبات خاصة يجب ان ترافق العودة الى المدرسة، وخصوصاً على المستويات الذهنية والجسدية والنفسية. "الحسناء" من خلال التحقيق التالي دليلكم الى بداية عام دراسي تتلائم وحاجات أولادكم للانتقال الى مرحلة دراسية اكثر نجاحاً.

صعوبة التأقلم مع عام دراسي جديد

كما لدى التلاميذ كذلك لدى الاهل، تتضاعف صعوبة التأقلم مع العودة الى المدرسة، مع ما يترتب عليهم ذلك من مهمات لجعل ابنائهم مهيئين ذهنيا ونفسياً واجتماعياً للعودة الى المدرسة. تتحدث نورا غانم عن تجربتها مع ابنها جاد (12 عاماً)، وتسأل عن كيفية تمكنها من ان تعّود ابنها على روتين المدرسة بعد عطلة صيفية صاخبة. تقول نورا بانّها سمحت لابنها بالسهر والتأخر في النوم وعدم تناول الطعام بانتظام خلال عطلة الصيف، اضافة الى توفير هامش واسع من الحرية الفوضوية، وذلك ما يجعل العودة الى المدرسة أصعب، وخصوصاً لجهة تقبل ابنها الدروس المضاعفة عن العام الدراسي السابق. الطاقة الايجابية الوحيدة التي تتسلح بها نورا هي الكتب الصيفية التي جعلتها اساسية خلال العطلة وفرضت على ابنها التزام تطبيقها، تقول: "فرضت على جاد ان يتابع الكتب الصيفية خلال الشهر الاخير من الصيف، وهو ما اعتقد انّه سيجعله مهيأً أقلّه بنسبة معينة للاستعداد للدراسة، ووجدت بانّ مستواه الدراسي لم يتراجع. ولكن المشكلة الأكبر في كيفية جعله يعتاد على الالتزام بنظام الاستيقاظ باكراً والاستغناء عن الأجهزة الالكترونية التي بحوزته وخصوصاً الـIpad".

تبدو المشكلة التي تعاني منها نوراً نموذجاً عن مئات الامهات اللواتي يواجهن المشكلة عينها، وخصوصاً لجهة عدم قدرتهن على معرفة اسلوب التحفيز على العودة للمدرسة وجعل الولد متحمساً للقاء الاصدقاء والاساتذة، وتقبل المزيد من الدروس. وعليه فانّه يتوجب على الاهل القيام بخطوات عدّة قبل العودة الى المدرسة بفترة قليلة، ومنها تعويد التلميذ على التوقيت الجديد وجعلهم ينامون أبكر قبل اسابيع من بداية العام الدراسي الجديد، تحضير التلميذ نفسياً من خلال التحدث عن حسنات العودة اليها، التقليل من ساعات مشاهدة التلفزيون، جعل التلميذ يساعد في تحضير القرطاسية وشراء الكتب، ومراجعة أبرز محطات العام الدراسي المنصرم.

الاستعداد النفسي والذهني والاجتماعي

من جهتها تتحدث الاخصائية في علم النفس العيادي والمرضي الدكتورة بيلا عون لـ"الحسناء" عن الدور الأبرز للاهل في جعل أولادهم حاضرين نفسيًا وذهنيًا للعودة الى المدرسة، بحيث يتوجب عليهم ان يحمسّوا اولادهم للعودة بالدرجة الاولى. فالتلاميذ يصبحون كسولين ومهملين بعد فترة انقطاع عن المدرسة، وهنا يأتي دور الاهل، وتقول عون: "على الاهل ان يجعلوا ابنائهم فرحين بالعام الدراسي الجديد، من خلال اطلاعهم ومشاركتهم في كل تفاصيل العودة، ولكن بعيدا عن ادخالهم في تفاصيل الاقساط وغلاء المعيشة، وإلاّ فذلك سيطالهم بشكل سلبي، وهو ما يجب أن يُقابل بالتحفيز من الناحية الذهنية والنفسية والجسدية".

فمن الناحية الذهنية تتابع عون: "يُستحسن ان يصطحب الاهل ولدهم لدى شراء الكتب والقرطاسية والحقيبة الجديدة وجعلهم يختارونها بأنفسهم، وابقاء الاولاد على اطلاع على كتب المطالعة والدفاتر الصيفية كي يبقى الدماغ في حالة عدم انفصال عن المدرسة وإن كان ذلك لساعة في اليوم، كي لا يضيع عنصر الحماس لديه ايضاً".

وبحسب عون فانّ دماغ الولد يتباطئ بعد ثلاثة اشهر من الانقطاع عن الدراسة، لذلك هو بحاجة ماسة الى ما يعيد اليه النشاط الذهني. وتتابع: "كثيراً ما نجد اطفال لديهم رفض او خوف من الذهاب الى المدرسة، وهو ما يُعرف بقلق الفراق، ويرجع ذلك إلى الاهل الذين لديهم هذا التخوف وإن كانوا لا يظهرونه بشكل واضح، فبعضهم يتخوفون من ترك ابنائهم في المدرسة، وهو ما يشعر به الابناء وخصوصاً في الصفوف الاولى، ما قد يؤدي الى فوبيا من المدرسة، وهو ما يجب على الاهل التنبه له كي لا ينقلوا هذه العدوى الى ابنائهم".

ابرز صعوبات العودة

تعتبر المدرّسة كوثر السباعي انّه لا يوجد صعوبات واضحة للعودة الى المدرسة بقدر ما هو احساس بالخوف من انّ الطالب سيصبح مقيداً. وتتابع السباعي في حديثها لـ"الحسناء" مشيرة الى انّ الولد سيقلق اولاً من فكرة الاستيقاظ الباكر قبل اي شيء اخر، "يلي ذلك اقتناعه بانّه لن يستطيع اللعب كما في السابق وهو الذي كان يشعر بالحرية خلال فصل الصيف". وبالتالي فانّه على الصعيد النفسي يجب ان يلعب الاهل الدور الاساسي في ذلك، وبحسب السباعي: "من الضروري ان يشجع الاهل الابناء عبر استخدام عبارات كثيرة مثل "لقد اصبحت شابًا"، "لقد اصبحت اليوم انسانًا مسؤولا"، "ستعود وتلتقي برفاقك وتلعب معهم"، أظن انّ الاساتذة سيكونون فرحين بعودتك"، وغيرها من العبارات المحفزة". يُضاف الى ذلك ضرورة مراجعة ابرز المحطات التي حصلت خلال العام الدراسي المنصرم، وخصوصاً تلك التي أحبها التلاميذ.

وتضيف السباعي: "تعد المراجعات والمطالعات مسألة اساسية بالنسبة الى الابناء، وأنا أفضّل ان لا تكون هذه المطالعات عبر الكتب الصيفية، فأحيانا ما يشعر الاولاد بأنهم معاقبون بسبب هذه الكتب. لذا يمكن تحفيزهم على القراءة والمطالعة ومشاهدة البرامج التلفزيونية التوعوية التي يمكن الاستفادة منها. أضف الى ذلك اهمية تنظيم العطلة الصيفية فلا يجب ان تكون فوضوية بشكل تام ولا يجب ان تكون استمرار للمدرسة، بل يجب ان تكون عطلة فعالة يستفيد منها التلميذ وجعله ينتظرها للعام المقبل بفارغ الصبر، وهذا ما سيجعله يدخل العام الدراسي براحة أكبر".

مقالات قد تثير اهتمامك