أيهما أحلى صلاة أمي أو ضحكتها؟

خطر في بالي مرة ان اكتب عن أمي مقالاً فكاهياً، كان ذلك عام ونصف العام قبل ان ترحل على غفلة. قهقهت كثيرا عندما قرأته، وكم ضحكت انها "انجبت مرة سابعة ومن يومها لم تسترح"، كنت انا السابعة والأخيرة، كانت تردد على مسامعي عندما اجادلها وازعجها "الأم لما بتكبر لازم ولادها يكبّوها"، فعدّدت لها في ذلك المقال الساخر أسباب إحجامي عن رميها، وكل الأسباب كانت بالتأكيد نابعة من "طمعي" بكل ما تقدمه لي، فلو انا حملت امي على ظهري ورميتها من يحشو لي الفوارغ والكروش؟ من يدغدغ انف ملاكي الحارس بالبخور؟ من يدفع فواتير مصاريفه اليومية بالصلوات صباحا، ظهرا ومساء حتى لا يستقيل من مهمته كـ"بادي غارد خاص بي وخفي"

إن أنا رميتها من سيصفق لي دون ان يستجعل في نقلي إلى اقرب مستشفى للأمراض العصبية متى فجرت مواهبي الفنية على طريقة اخوت شاناي وصرخت وأنا عائدة من الجامعة وقبل أن أدخل عتبة البيت: اميييييي. كانت لذيذة أمي تواجه كل مصاعب الدنيا بصمت ولا تنسى أن تضحك كثيراً كلما تسنى لها ذلك، نعم نعم كانت لذيذة جداً أمي عاشت إيمانها بالله حتى العظم ولم تتحول يوماً إلى متزمتة متأففة، كل صلاة كانت تقرّبها أكثر إلى الفرح وحس الاستمتاع بلحظات عذبة مع الذين تحبهم، كيف يمكن لي أن أرميها أو ربما كان علي فعل ذلك فهي لم تكتف بحب أولادها فقط، بل أحبت أولاد أخواتها وأخوتها وأسلافها وحنّت على كثيرين من أولاد أقاربها، من كان موجوعاً أو متعباً كان يأتي إليها تسمعه وتطمئنه، وكلما جمعت عائلتها على مائدة عيد أو أحد، تتعب كثيراً وتقهقه كثيراً، فكيف أرميها وأحرم نفسي من قهقهاتها.

كل هذا وذكريات ضاحكة أخرى قرأتها امي قبل أن تغيب، ضحكت كثيرا ثم سافرت الى البعيد... وتستمر ضحكتها كما صلواتها حاضرة في رأسي كأنها ما سافرت من زمان وكأنها لن تسافر إلا متى سافرت أنا.

كل عيد وضحكات أمهاتكم بخير، ومن سافرت أمه إلى فوق فليرحمها الله وليتذكرها هو باسمة، ضاحكة، مصلية دائماً!

مقالات قد تثير اهتمامك