ما لا تعرفونه عن عالم النّبيذ...نخبكم!

الأمر ليس بهذه الصّعوبة، بل يكفي أن يتعلّم أحدنا بعض المبادئ الأساسيّة في اختيار النّبيذ ليستطيع أن يختار ما يناسب أمسيته أو مناسبته التي يبتاع النّبيذ من أجلها. 

لكلّ مناسبةٍ لون...

أحمر أو أبيض؟ لعلّ هذا السّؤال البديهيّ هو الأوّل قبل الانتقال إلى نوع العنب، وعمر النّبيذ وطريقة تخزينه. غير أنّ اختيار لون النّبيذ يرتبط مباشرةً بنوعيّة الطّعام. فالأحمر هو للوجبات الغنيّة أو الدّسمة لاسيّما شرائح اللّحم الأحمر أو الوجبات الثّقيلة، أمّا الوجبات الخفيفة كالسّلطة أو الدّجاج أو السّمك فعليك بالنّبيذ الأبيض. أمّا النّبيذ الورديّ فهو أقرب إلى النّبيذ الأبيض ويتّخذ لونه من قشور العنب الأحمر التي تُصفّى من النّبيذ بعد مدّةٍ صغيرةٍ من عصرها، فتمنحه هذا اللّون الجميل، في ما تصفّى القشور فوراً من النّبيذ الأبيض لكي يبقى لونه صافياً، أمّا النّبيذ الأحمر فيُخمّر مع القشور ليصفّى في مرحلةٍ لاحقةٍ وهنا من المفيد أن نعرف أنّ ما يُشاع عن أنّ النّبيذ الأبيض يُصنّع من العنب الأبيض والنّبيذ الأحمر يُصنّع من العنب الأحمر هو غير صحيح. عِلماً أنّ النّبيذ الأبيض والنّبيذ الورديّ وحتّى النّبيذ الغازيّ تُعدّ من المشروبات المُنعشة لأنّها تُقدّم باردةً فهي من المشروبات المفضّلة لأنخاب الاحتفال وحفلات الكوكتيل.

 السّعر ومدّة التّعتيق

الخطوة التّالية بعد تحديد لون النّبيذ، تكمُن في تحديد الثّمن الذي تقرّر أن تدفعه مقابل زجاجةٍ من النّبيذ، لاسيّما أنّ الأسعار تبدأ من بضعة دولاراتٍ لتصل إلى الآلاف منها. 

القاعدة الذّهبيّة توجب عليك الابتعاد عن النّبيذ الرّخيص، أيْ ذلك الذي تشعر أنّ سعره هو أقلّ من سعر زجاجةٍ من العصير الطّازج. لكنْ هذا لا يعني أبداً أنّ النّبيذ الجيّد هو ذلك الباهظ الثّمن، بل يُمكنك أن تحصل على نوعيّةٍ جيّدةٍ بنحو عشرين دولاراً.

الأهمّ في اختيار النّبيذ الأحمر هو أن يكون مخزّناً في براميلَ من خشب السّنديان، لأنّ هذا لا ينطبق على جميع أنواع النّبيذ في السّوق. فالكثير منها يُخزّن في أسطواناتٍ معدنيّةٍ أو في الزّجاجات مباشرة. هذا النّوع لا يُمكن تعتيقه أو تخزينه مدّةً طويلة، وهو جيّدٌ لاستخدامه في الطّهي. ويُمكنك أن تعرف إذا كان النّبيذ مخزّناً في البراميل الخشبيّة عند قراءة الملصق الموجود على الزّجاجة، حيث يجب أن تبحث عن عبارة  «élevé en fût de chêne» وغالباً تسبق كلمة «reserve»  اسم النّبيذ الذي يخزّن في البراميل لتمييزه عن سواه. 

ويكتسب النّبيذ نكهته الغنيّة بالتّفاعل بين مكوّناته ومكوّنات خشب السّنديان ما يمنحه تلك النّكهة العبقة والغنيّة. ومن الأفضل أن تختار زجاجةً معتّقةً مدّة سنتَين أو ثلاث سنواتٍ على الأقلّ.

أنواعٌ فاخرةٌ 
بنكهاتٍ مختلفة 

أمّا الخطوة الأهمّ فتتعلّق بالنّكهة التي تريدها للنّبيذ وذلك بتحديد نوع العنب المصنوع منه، فإذا كنت ترغب في نكهةٍ حلوةٍ وسلسةٍ تعبق بنكهة الفاكهة الصّيفيّة، فعليك بـ Merlot أو Cabernet Sauvignon. النّوع الثّاني متوفّرٌ بكثرةٍ في النّبيذ اللّبنانيّ وهو غنيٌّ وثقيلٌ إلى حدٍّ ما وهو الذي يصنّف بالنّبيذ السّلس إذا أردت أن تتناوله مع شرحات اللّحم المقدّد أو حتّى بعض الجبن. أمّا نكهة Merlot فأخفّ وهو النّوع الذي تفضّله النّساء تحديداً ويعدّ نبيذاً رومانسيّاً. أمّا إذا كنت ترغب في نكهةٍ أكثر قوّةً وحدّةً  فعليك بالنّبيذ الشّيرازي أو syrah المناسب جدّاً للسّتيك المطهوّ بالتّوابل والحرّ. لكن من غير المفضّل أن تكون زجاجة النّبيذ معتّقةً أقلّ من ستّ سنواتٍ لأنّ عنب Syrah يفقد نكهته المميّزة مع مرور السّنوات.  

ومن أنواع النّبيذ السّلس pinot noit الخفيف والحلو المذاق، وهو يعدّ ممتازاً مع الأطباق الشّتويّة الخفيفة، ويتميّز بدفئه وسلاسته.

وإذا أردت النّبيذ مع الأطباق الآسيويّة الغنيّة بالتّوابل والألوان، فأنت بحاجةٍ إلى نبيذٍ يعطيك نكهةً قويّةً لكي لا تضيع نكهة النّبيذ مع التّوابل، وهنا عليك بـ نبيذ Malbec ذي النّكهة التي لا يُمكن أن تخطئ بها، فهو حادٌّ ومرٌّ إلى حدٍّ ما، وغالباً ما تجده مدموجاً مع أنواعٍ أخرى من العنب كـ sauvignon وMerlot لتخفيف حدّته. هو ليس النّبيذ المناسب أبداً لكي تشربه في سهرةٍ من دون وجبةٍ مرافقةٍ بسبب حدّته. 

بالنّسبة إلى النّبيذ الأبيض، إذا أردت نبيذاً خفيفاً مع السّلطات أو السّمك أو الوجبات الصّينيّة فعليك بـ Muscadet الذي يُصنع من عنب  Melon de Bourgogne وهو يختلف عن نبيذ Muscatel الحلو المذاق الذي يتمّ تقديمه للتّحلية ويُصنع من عنب Muscat. 

أمّا إذا أردت نبيذاً أقوى نكهةً مع نكهة «تعتيق» يتلاءم مع الدّجاج والوجبات الأكثر دسامةً مثل المأكولات البحريّة، فعليك إمّا بنبيذ Sauvignon blanc أو  نبيذ chardonnays وذلك لأنّ نكتهما غنيّةً وقويّة. 

طريقة التّقديم والجودة

قبل تقديم النّبيذ الأبيض والورديّ عليك أن تضعه في الثّلاجة نحو نصف ساعةٍ تقريباً لأنّ البرودة تُثبّت نكهته وتجعله مُنعشاً، على عكس النّبيذ الأحمر الذي يحتاج إلى أن تضعه في الخلاء مدّة نصف ساعةٍ قبل تقديمه، ومن الأفضل أن تتركه مفتوحاً بعض الوقت لاسيّما إذا كان معتّقاً، فتفاعله مع الهواء يسمح بأن يظهر نكهته الحقيقيّة. ويُمكنك أن تتعرّف جودة النّبيذ بوساطة كثافته فكلّما تعتّق وكان مصنوعاً من العنب الجيّد،  زادت كثافته، الأمر الذي يمكنك اختباره بتدوير النّبيذ داخل الكأس لتراقب خيوط السّائل تسيل عمودياً. وكلّما كانت تلك الخيوط (التي تسمّى سيقان النّبيذ) كثيفةً وواضحةً كان النّبيذ أفضل. هذا بالإضافة إلى نقاء اللّون وصفائه بصرف النّظر عن كونه غامقاً أو فاتح اللّون الأمر الذي يتعلّق بلون القشرة الأساسيّة.

الطّعم قد يتغيّر!

ممتعٌ هو عالم النّبيذ، وغنيٌّ إلى حدٍّ لا يتوقّعه الكثيرون، لاسيّما أنّ كلّ العوامل الطّبيعيّة والبشريّة يُمكن أن تساهم في جعل النّبيذ جيّداً أو أقلّ جودة، فإذا جرّبت نبيذاً محدّداً من شركةٍ محدّدةٍ وأعجبتك فهذا لا يعني أنّ الزّجاجة ذاتها سيكون لها الطّعم نفسه في السّنوات الأخرى، لأنّ لكلّ زجاجةٍ نكهتها ولكلّ موسمٍ ميزته. إذاً، الأمر يختلف من عامٍ إلى عامٍ مع اختلاف الطّقس وكميّة الأمطار وحرارة الشّمس والتّغيّرات التي تطرأ على التّربة وما إلى ذلك من عواملَ فضلاً عن طريقة التّصنيع والمراقبة والتّخزين. لذلك إذا أردت الغوص فعلاً في عالم النّبيذ فتحضّر لتدخل هوايةً جديدةً لا تقلّ إثارةً وتشويقاً عن أيّ هوايةٍ أخرى. 

نخبكم!

مقالات قد تثير اهتمامك