زواجكم مُجدّدا... قد يكون مسبّب العنف للأولاد

قد ينجح الأهل في إقناع الأولاد بطلاقهم والظّروف التي دفعتهم إلى هنا، لكن من الصّعب جدا أن يفلحوا في فرض أمّاً جديدةً أو أباً جديداً عليهم.
ومن هنا يبدأ الحديث عن الأمّ، أغلى النّاس وأكثرهم حناناً ومحبّة. هي التي تحمل الطّفل في أحشائها، وتحتضنه لحظة ولادته، وتلازمه وتعتني به من دون أيّ قيدٍ أو شرط، فهل من السّهل استبدالها بامرأةٍ أخرى فجأة ويجد الطّفل نفسه مُجبراً على احترامها ومحبّتها؟
 قبل الزّواج الجديد
بدايةً، نُشدّد على أنّ الخطر الأساسيّ يكمُن في تسريع خطوة الزّواج الجديد من رجلٍ آخر أو من امرأةٍ أخرى بعد الانفصال مباشرةً، فالطّفل بحاجة إلى مدّةٍ زمنيّةٍ لا تقلّ عن ستّة أشهرٍ ليستوعب انفصال والدَيْه فيقبل غياب أمّه عن المنزل. ولكنّ هذا لا ينفي وجود حالاتٍ يُقدِم فيها الأب على تعريف صديقته إلى طفله، مُعطياً إيّاه الوقت الكافي للتّعرّف إليها وتمضية الوقت معها، ممّا يؤدّي إلى نشوء علاقةٍ متينةٍ بينهما تسودها المحبّة، وعندها يُصبح هذا الطّفل جاهزاً للعيش مع امرأةٍ جديدةٍ تختلف عن أمّه الحقيقيّة.
وهنا يكمن أهميّة الدّور الذي تلعبه زوجة الأب في تفهّم أولادٍ ليسوا من صُلبها، واستعدادها الصّادق للاعتناء بهم بالرّغم من عدم وجود أيّ رابطٍ دمويٍّ بينهم.
لا شكّ إذاً في وجود حالاتٍ إيجابيّةٍ تسمح للعائلة أنْ تعيش بسعادةٍ بعد انفصال الأمّ عن الأب، حيث يحظى الأولاد بأمٍّ جديدةٍ أو أبٍ جديدٍ يشعرون إلى جوارهما بالأمان والطّمأنينة.
ولكنّ خبراتنا العياديّة تُشير إلى أنّ هذه الحالات تبقى أقليّةً نادرةً مقارنةً بالحالات الصّعبة التي يتعرّض أثناءها الطّفل إلى العُنُف المعنويّ أو الضّرب من زوجة أبٍ متسلّطةٍ لا تقبل تأدية أقلّ الواجبات تجاه أولاد زوجها.
إرشاداتٌ تُجنّب الأولاد العواقب النّفسيّة
لكلّ أمٍّ أو أبٍ يقرّران الارتباط مُجدّداً بعد طلاقهما، نتوجذه غليهم بالإرشادات التّالية وذلك بهدف تجنيب الأولاد العواقب النّفسيّة التي قد تنتج عن هذا الزّواج الجديد والغريب عليهم:
  • تحضير الولد للارتباط الجديد في مدّةٍ لا تقلّ عن ستّة أشهر، يتعرّف أثناءها تعرّفاً كافياً إلى صديقة والده أو صديق والدته. ونشير إلى أنّ انتظار مرور سنةٍ على الانفصال يُهيّئ الولد بطريقةٍ أفضل لزواج أمّه أو أبيه ولم يؤثّر سلبًا على نفسيّته . بالإضافة إلى ترك الحريّة له من أجل تقبّل الآخر والشّعور بإيجابيّةٍ تجاهه من دون ضغوط خصوصًا وأنّ بأطفالنا بحاجةً إلى الوقت لكي يثقوا بشخصٍ جديدٍ ويشعروا بالأمان برفقته.
  • التّحقّق قدر المستطاع من استعداد الطّرف الجديد للعناية بالأولاد.
  • وضع شروطٍ مُسبقةٍ للطّرف الجديد، بحيث يمنعه الأب أو الأمّ من تعنيف الولد، سواءٌ معنويّاً أو جسديّاً.
ماذا بعد تعرّض الطّفل للعُنْف؟
لا بدّ من طرح سؤالًا أساسيًا في هذا الموضوع ألا وهو ماذا سيحصل لو كان الولد ضحيّةً للعُنُف بعد زواج أبيه مرّةً ثّانية، كون هذه هي الحالات الأكثر شيوعاً في مجتمعاتنا العربيّة؟
  • يحمّل الولد المسؤوليّة لأبيه، الذي سمح بتعرّضه للضّرب ومن قبلُ، ببقاء زوجته في المنزل بالرّغم من كلّ ما تقوم به.
  • تتكوّن لديه صورةٌ مشوّهةٌ عن ذاته، بحيث لا يتمكّن من تقدير نفسه كشخصٍ محترم، ومحبوب، ومرغوبٍ بوجوده في هذا المجتمع المُصغّر الذي يُسمّى العائلة.
  • يتعرّض لمشاعرَ من الكآبة تنتج عن الأزمات النّفسيّة اليوميّة التي يتعرّض لها. ونشير إلى إمكان تطوّر هذه الكآبة لتصل إلى حالةٍ فعليّةٍ من الاكتئاب المَرَضيّ.
  • تنشأ لديه رغبةٌ في الانتقام قد تؤدّي إلى القيام بأفعالٍ تنتج عن اندفاعٍ كلّيٍّ وتُمارَس في جوٍّ من الغضب يغيبُ عنه التّفكير المنطقيّ. ونذكر على سبيل المثال سرقة أغراضٍ من المنزل، أو تشويه أغراضٍ تخصّ الأب أو زوجته، أو أيضاً محاولة أذيّة زوجة الأب باستخدام أدوات المطبخ مثلاً.
  • يبقى التّأثير أكبر والعذاب أقوى في حال عُنِّف الأولاد من شخصٍ دخيل.
في الختام لا نستطيع إلاّ أن نقول أنّ العواقب السّلبيّة التي تنتج عن تعرّض الولد للعُنُف الجسديّ قد لا من زوجة الأب أو زوج الأمّ يمكننا أن نحدّها ، عِلماً أنّ تعنيف الولد من أحد الوالدَين يؤثّر أيضاً تأثيراً كبيراً في توازنه النّفسيّ. ولكنْ يبقى التّأثير أكبر والعذاب أقوى في حال عُنِّف الأولاد من شخصٍ غريبٍ يشعرون أنّه قد اقتحم بيتهم ليُسيء إليهم في وقتٍ لم يكونوا مضطرّين للعيش معه والتّعرّض إلى كلّ هذه العذاب.
 

مقالات قد تثير اهتمامك