"كاسيريس" في إسبانيا: وصفةٌ سحريّةٌ لشهرِ عسلٍ أكثر مُتعة

ما هي الوصفة السّحريّة لجعل شهر العسل مُتعةً للحواسّ كلّها؟

في الواقع، إنّ سرّ شهر العسل المثاليّ هو اختيار المكان الذي يُتيح لكما الابتعاد عن كلّ شيء، والاستمتاع بنشاطاتٍ تُعجبكما أيضاً. ولعيش ذكرياتٍ لا تُنسى، اجعلا سفرتكما غنيّةً بالتّفاصيل الصّغيرة، وتشاركا اللّحظات المميّزة التي ستُضاعف حبّكما.

"الحسناء" تنصحكما باختيار وجهةٍ حميمةٍ بعيداً عن ضجيج المدن كـ «كاسيريس» (Cáceres) في إسبانيا. هذه الوجهة التي لا نسمع عنها الكثير في عالمنا العربيّ، تُعدّ مثاليّةً لقضاء شهر عسلٍ كونها تُرضي جميع الأذواق إلاّ عشّاق المغامرة. وعلى أيّ حال، إنّ شهر العسل ليس مرادفاً للمغامرات.

موقعٌ تراثيٌّ عالميّ

كما لو أنّ الزّمن قد توقّف في «كاسيريس». فهندسة أبنيتها التي تجمع بين الأبراج الإسلاميّة وكنائس العصور الوسطى والقصور التي بناها المنتصرون بعد عودتهم من أميركا، لا تزال كما هي. ولا عجب في أنّ «اليونسكو» أدرجت هذه المدينة ضمن قائمة مواقع التّراث العالميّ.

يعود بعض أجزاء المدينة إلى العصر الرّومانيّ، وقد احتلّ المورو في وقتٍ لاحقٍ المدينة التي اتّخذت اسم «قصري» (أيْ القصر)، ومع الوقت أصبح اسمها «كاسيريس». هؤلاء أحضروا خبراتهم المعماريّة وشيّدوا العديد من المباني التي لا تزال موجودةً حتّى اليوم كبرج «أبو يعقوب».

يُمكنكما سماع صوت اللّقالق في جميع أنحاء المدينة. فعند رفع عينيكما نحو السّماء يمكنكما رؤية أعشاشها المنتشرة في كلّ مكانٍ في المدينة: فوق الأبراج، وأسطح المنازل، والكنائس. أمّا الشّوارع فقد حافظت على مظهر القرون الوسطى بحيث تُضيء أشعّة الشّمس واجهات المنازل الفخمة وتمنح الجدران الحجريّة ألوانها الذّهبيّة المُذهلة.

الاستمتاع بالهدوء

ليست «كاسيريس» واحدةً من تلك المدن الإسبانيّة التي تحتوي على نُصبٍ تاريخيٍّ مشهور. فهناك لا نجد قصر الحمراء، ولا قصوراً ملكيّة، ولا كاتدرائيّاتٍ مهيبة، ممّا يجعل المدينة بحدّ ذاتها محور اهتمام السّيّاح. فـ «كاسيريس» هي واحدةٌ من مدن إسبانيا التي حافظت على طابعها القديم.

دعونا نبدأ جولتنا في الصّباح بنزهةٍ قصيرةٍ في «بلازا مايور» (السّاحة الرّئيسة). في هذه السّاعة تكون السّاحة هادئة، إذْ لم يبدأ السّياح بالتّوافد عليها. يمكن الاستمتاع بالهدوء والسّكينة عند الجلوس على ترّاس أحد المطاعم العديدة المنتشرة في السّاحة. الألوان والظّلال على المباني تخطف الأنفاس. والنّاس لطفاءُ جدّاً ومستعدّون لإرشادكما إلى الطّريق وإخباركما عن تاريخ هذه المدينة.

مع حلول السّاعة الحادية عشرة، يغزو السّيّاح المكان. بعد احتساء القهوة، يُمكن البدء بجولةٍ لزيارة المتاحف والأبراج في كلّ أنحاء المكان.

معالمُ تاريخيّةٌ مهيبة

لكلّ معلمٍ تاريخه؛ فهذه المدينة تتضمّن العديد من المتاحف التي يصعب ذكرها في هذه المقالة، إنّما من الممكن اكتشافها عند التّنزّه في أزقّة المدينة سيراً على الأقدام.

برج أبو يعقوب: لا يصعب تكهّن أصل هذا البرج. من السّاحة يُمكن رؤية هذا البرج المهيب الذي أصبح رمزاً لـ «كاسيريس» والكبيرحيث يمكن رؤيته من السّاحة.

أركو دي لاستريلا: (قوس النّجم) يقع على مدخل المدينة من السّاحة الرّئيسة.

الجيبه: هو خزّان مياهٍ كبيرٌ يعود تاريخه إلى الحقبة العربيّة ولا يزال صالحاً للاستعمال. وهو يُعدّ أحد أضخم الخزّانات في تلك الحقبة. يقع الخزّان تحت متحف كاسيريس الذي كان في أيّام العرب ثكنةً عسكريّةً وهو مكوّنٌ من 12 عموداً.

كازا سوليس: هو حصنٌ من القرن الخامس عشر وهو مميّزٌ جدّاً ولا سيّما واجهته.

بالاسيو جودوي: قصرٌ يتميّز بطابع النّهضة وقد بُني في القرن السّادس عشر بفضل الثّروة التي اكتسبها صاحب القصر عندما قام بزيارة القارّتَين الأميركيّتَين. وهو يتضمّن فناءً جميلاً وشُرفاً هي الأجمل في المدينة.

الفندق القصر

وإنْ كنتما تبحثان عن فندق، فننصحكما باختيار «أتريو»، وهو قصرٌ وفندقٌ مميّزٌ سيحوّل إقامتكما إلى ذكرياتٍ لا تنسى. هندسته الخارجيّة تعود إلى القرون الوسطى، أمّا هندسته الدّاخليّة فتتمتّع بطابعٍ عصريّ، ناهيك عن القطع الفنّيّة المعاصرة التي يمكن استكشافها عند القيام بجولةٍ حوله. أمّا مطعمه فقد اكتسبَ مكانه في دليل ميشلان. وهو معروفٌ بأطباقه الممتازة التي تجمع بين التّقاليد والنّكهات العصريّة، حيث لا تُستخدم سوى المنتجات المحلّيّة. ويشتهر «أتريو» أيضاً في كلّ أنحاء العالم بقبو النّبيذ الذي يقصده العديد من الأشخاص لمشاهدة مجموعاته النّادرة من زجاجات النّبيذ.

شوارعُ للتّسوّق

يوجد حول «بلازا مايور» شوارعُ عديدةٌ للتّسوّق، حيث تتوفّر جميع أنواع الحِرف اليدويّة المُغرية. ولن ننسى طبعاً الملابس الجلديّة العالية الجودة والمتوفّرة بأسعارٍ معقولةٍ جدّاً حيث يمكن أن تروا السّيّاح وهم يتنازعون هذه القطع.

حياةٌ ليليّةٌ فريدةٌ

الحياة اللّيليّة في «كاسيريس» فريدةٌ من نوعها. فهي تبدأ كالعادة من بلازا مايور والمناطق المحيطة بها حيث تنتشر العديد من الحانات التي تُعرف بأجوائها المختلفة، ولكن ما يجمع بينها هي الأجواء الودّيّة، حيث يمكنكما ببساطةٍ التّحدّث مع روّاد هذه الحانات. تتواصل الأمسية في منطقة «مادريلا» في الحانات التي تستقبل الرّوّاد حتّى طلوع الفجر. ويُمكن أيضاً التّنزّه في أرجاء المدينة حيث تكون الأجواء مفعمةً بالرّومانسيّة والسّحر الذي يلامس الأحاسيس كلّها.

مطبخ كاسيريس التّقليديّ

ما هي الأطباق التي يمكن تناولها في كاسيريس؟

إنّ الأطباق التي تشتهر بها هذه المدينة تناسب الأذواق والميزانيّات كلّها. تنتشر في «بلازا مايور» المطاعم التي تقدّم «التاباس»، وهو نوعٌ من المازات الإسبانيّة، بالإضافة إلى المطاعم التي تقدّم الوجبات الشّهيّة التّقليديّة في «كاسيريس». يُمكنكم أيضًا تذوّق الأطباق المصنوعة من الطّرائد، هذا بالإضافة إلى فطيرة الجبن من «كاسار»، أو «لا كارداريتا دي كورديرو»، وهو طبقٌ نموذجيٌّ مصنوعٌ من لحم الضّأن أو سلطة البرتقال مع زيت الزّيتون والثّوم ذات المذاق اللّذيذ. يتميّز سكّان «كاسيريس» بتعلّقهم بالمنتجات المحلّيّة. فهم يقدّمون الأطباق التّقليديّة بعد أن أضافوا إليها على مرّ السّنين النّكهات العصريّة. 

بعند عودتكما من هذه الرّحلة ستحتاجان إلى بعض الوقت للعودة إلى الواقع، والتّأكد من أنّكما لم تعيشا حلماً طيلة هذه المدّة. فـ «كاسيريس» كفيلةٌ بأن تنقلكما إلى حقبةٍ مختلفةٍ وحياةٍ أخرى.

مقالات قد تثير اهتمامك