كيف يصون الرّجل العلاقة ويقوّي مناعتها؟

لا يُمكن أن تنجح العلاقة بين المرأة والرّجل أو تفشل بالصّدفة، إذْ لا بدّ من التّعاون معاً من أجل بناء شراكةٍ متينةٍ تُساعد العلاقة على الاستمرار بمستوًى يرقى إلى طموحات كلٍّ من الشّريكَين ورغباتهما. لذا، من أجل تحقيق هذه الشّراكة العميقة لا بدّ من أن يعي الشّريكان الحاجات التي على كلٍّ منهما تلبيتها للآخر وما هو المطلوب منهما انطلاقاً من الخصوصيّة التي تُميّز كلّ طرفٍ في إنجاح العلاقة.

في هذه المقالة سنركّز على كيفيّة مساهمة الرّجل في خلق ديناميكيّةٍ إيجابيّةٍ داخل العلاقة، وكيف يُمكن أن يتجاوب مع تطلّعات المرأة وأن يتجنّب ما تخشاه في الوقت نفسه.

الانتباه لهذه المسائل...

من أبرز المشاكل التي يتصادم المرأة والرّجل بسببها هي جهلهما الطّريقة التي يفكّران فيها وكيفيّة تعاملهما في مقاربة مواضيعَ معيّنةٍ في العلاقة. لذا على الرّجل أن يطوّر مهاراتٍ محدّدةً وأن ينتبه إلى المسائل الآتية:

طبعاً لا يُتوقّع مـن الرّجــل أن يُصبح كالمــرأة فــي التّعبير العــاطفيّ

التّعبير عن المشاعر

من الأمور التي يواجهها معظم الرّجال هي كيفيّة التّعبير عن مشاعرهم، ولعلّه التّحدّي الأبرز لكي يتمكّن الرّجل من إرساء علاقةٍ عاطفيّةٍ مع المرأة وألّا يحصر التّعبير فقط في العلاقة الجنسيّة. لذلك لا بدّ للرّجل من أن يتعلّم تدريجيّاً كيف يُعبّر عاطفيّاً بوساطة الكلمات والنّظرات واللّمسات والمواقف المناسبة، وأن يُطوّر هذا التّعبير تدريجيّاً بحيث يدخل في علاقةٍ أفضل مع شريكته التي تتفاعل في العادة كثيراً مع شريكها إذا استطاع أن يُصغي إليها وأن يلبّي باستمرارٍ هذه الحاجة. طبعاً لا يُتوقّع من الرّجل أن يُصبح كالمرأة في التّعبير العاطفيّ وأن يتبنّى أسلوبها، إلاّ أنّ المهمّ هو التّوصّل إلى لغةٍ مشتركةٍ تُعزّز العاطفة عند الطّرفَين.

المرأة بحاجةٍ إلى الإصغاء لا إلى حلاّلٍ للمشاكل

احترام حاجة المرأة للتّعبير

على الرّجل أيضاً أن يعلم كيف يُصغي إلى شريكته، وأن يحترم حاجتها إلى التّعبير مهما كانت الدّوافع من دون أن يُسخّف ما تقوله أو أن يلجأ إلى طرح الحلول والقيام بنصحها لأنّ هذا يُنفر المرأة عادةً، فهي بحاجةٍ إلى الإصغاء والتّعاطف لا إلى حلاّلٍ للمشاكل. فبتعبير المرأة عمّا يُزعجها تكون قد حصلت على ما تريد وتعود إلى مزاجها الطّبيعيّ. في حين أنّ الرّجل كونه مُبرمجاً على إيجاد حلولٍ للمشاكل في مجال عمله، يُسقط غالباً هذا الأسلوب على شريكته ويستغرب عدم تجاوبها معه في وقتٍ يكون المطلوب منه هو أن يُصغي إليها وأن يُشعرها بالأمان والتّفهّم.

اللّيونة في الابتعاد والاقتراب

في العادة، يحتاج الرّجل إلى الانزواء من وقتٍ إلى آخر كي يُعيد التّواصل العاطفيّ مع المرأة، التي قد تفهمها على أنّها أنانيّةٌ من الرّجل وأنّه لا يكترث لها.

لذا على الرّجل أن يُعرب للمرأة عن حاجته إلى الابتعاد قليلاً كي يُفكّر في مسألةٍ ما أو بكلّ بساطةٍ كي يجلس في الصّندوق الفارغ في رأسه ويُعيد تعبئة طاقته من دون القيام بأيّ مجهود. ويُفضّل أن يؤجّل الرّجل حاجته إلى الابتعاد إذا كانت الشّريكة بحاجةٍ ماسّةٍ إليه كي يكون حاضراً معها، ذلك لأنّ إظهار الاهتمام بالمرأة يُعدّ من الحاجات الأساسيّة عندها.

تحمّل المسؤوليّة مع المرأة

على الرّجل ألاّ ينتظر من المرأة أن تلعب معه دور أمّه، أيْ أن تلبّي كلّ رغباته وتسهر على حاجاته وهو لا يفعل شيئاً في المقابل. إنّ الرّجل، وبخاصّةٍ الرّجل الشّرقيّ، ينشأ على الاعتقاد السّائد بأنّه يستطيع أن يطلب ويأخذ من دون أن يعطي كما لو كان ذلك حقّه المُكتسب.على الرّجل أن يُدرك أنّ عليه أن يهتمّ بالمرأة وأن يعطي في المقابل كي يُحقّق نوعاً من التّوازن في العلاقة. ولا بدّ أيضاً من أن يتعلّم ويتقبّل أنّه مسؤولٌ عن حاجاته ولا يستطيع إلقاء المسؤوليّة كاملةً على زوجته. لذلك لا بدّ من الاتّفاق على كيفيّة توزيع المسؤوليّات في البيت وفي تربية الأولاد.

غياب الشّريك يؤدّي غالباً إلى إحداث شرخٍ في العلاقة

العلاقة أوّلاً

من المهمّ أن يتذكّر الرّجل أن العلاقة هي أولويّةٌ في حياته ولا يُمكن أن يأتي ترتيبها بعد العمل أو بعد النّشاطات الشّخصيّة أو العلاقات الاجتماعيّة أو العلاقة مع الأهل. إذا كان يطمح إلى إقامة علاقةٍ ناجحةٍ لا بدّ من أن يستثمر وقتاً ويبذل جهداً في العلاقة، وأن يواكب الشّريكة في تطوّرها وأن يدعم أحلامها ويساعدها على تحقيقها.

إنّ الشّعور بالكبت جرّاء غياب الشّريك وانشغاله يؤدّي غالباً إلى إحداث شرخٍ في العلاقة وإلى اضمحلالها مع الوقت. لذا إنّ التّركيز على العلاقة وصيانتها باستمرارٍ يقوّيان المناعة النّفسيّة داخل العلاقة.

اعتماد سلطة المشاركة

على الرّجل أن يتخلّى عن مفهوم «السّلطة لي»، وعن السّعي الدّائم إلى فرض آرائه وقيَمه ونمط حياته على شريكته. وعليه بالمقابل أن يُظهر مرونةً في قدرته على التّأثير في شريكته باحترام آرائها والأخذ بها، والتّفاعل مع مشاعرها وتلبية حاجاتها، فهو بذلك يتبنّى مفهوم سلطة المشاركة بالتّشاور وأخذ القرارات معاً وإيجاد حلولٍ للمشاكل التي تُشعر الطّرفَين بالرّبح، لا أن ينتصر أحدهما على الآخر بعيداً عن الحلول التي تأتي على حساب المرأة، كونها تدفعها دائماً من رصيدها العاطفيّ.

إنّ الرّجل الواثق من رجولته يستطيع أن يُخاطب أنوثة المرأة من دون خوفٍ أو سيطرةٍ بل يسعى إلى التّكامل معها بتأسيس تقاربٍ فكريٍّ وعاطفيٍّ وجنسيٍّ تجعلهما يُقبلان على الحياة بشغفٍ فتولّد بينهما طاقة حبٍّ لا حدود لها.

مقالات قد تثير اهتمامك