ماذا لو تزوّج سامي الجميّل مدنيّاً؟

احتفل محبّو رئيس حزب "الكتائب اللبنانية" سامي الجميّل بزفافه قبل ايام على طبيبة الاسنان كارين تدمري. لكنّ بعضهم لامَ العريس على إغفاله خيار الزواج مدنياً. كما استغرب بعضٌ آخر تنصير الآنسة تدمري بعد تلقّيها التعليم المسيحي على يد المطران بولس مطر مع ان الكنيسة كانت لتزوّجهما وهي على دينها. المفكر الأب ميشال سبع، وهو رجل دين مسيحيّ من رفاق المطران غريغوار حداد، تساءل على حسابه في فايسبوك: "اين مواقف الشيخ سامي من المساواة بين المرأة والرجل؟ ولماذا على المرأة ان تتبع دين زوجها اساساً؟" ليضيف: "هل اصبح الحصول على دين الرجل اسهل من الحصول على جنسيته (بالنسبة لأبناء اللبنانية المتزوجة اجنبياً)؟".

ليس الزعيم الشاب الذي عُرف بصراحته وشجاعته اوّل من لا يرى في الانتماء الطائفي تقليلاً من الانتماء الى الوطن. ولا هو اللبناني الوحيد الذي يشترط او يتمنى على من ستغدو زوجته و"أُمَّ اولاده" الانتقال الى طائفته، كما لو ان هذا شرطُ اكتمال الاتحاد بين الحبيبين او بالاحرى شرطُ قبول العائلة والطائفة الوافدةَ الجديدة اليها (عدا ان مستقبلاً سياسياً ينتظر الجميّل في نظام الديمقراطية "التوافقية" بين الطوائف حيث تقاس الانتماءات العصبية بالدم والانفاس). ولكن ما كان يتوقّعه ويتمنّاه علمانيون لبنانيون، وكثيرهم مؤمن وحتى متديّن، أن يشذَّ قياديٌّ شابٌّ عن نظامٍ تبيّنََ بالوقائع والانهيارات المتتالية عقمه عن انتاج مستقبل آمن لابنائه. وأن يضع الجميّل بزواجه مدنياً، لو حصل، لبنةً جديدةً على طريق لبنان اكثر علمانية وأحوالٍ شخصية مدنية تجتثّ جذور الطائفية، لا تُنقص من ايمان الافراد ذرّةً ولا تبعد الجماعةَ عن الدين شبراً بل تجعله في مرتبة تلي الوطن والمواطَنة. لو فعلَ العروسان ذلك، لاعتُبرا قدوةً متجددةً للشباب.

بالطبع سيقال ما جدوى ان يُقدمَ زعيمٌ مسيحيّ مارونيّ على فعلٍ تقدّمي كهذا في لحظة من عمر بلدٍ يجاهد بعض احزابه خدمةً لدول دينية ومشاريع فئوية بلا حرجٍ او اكتراثٍ لشراكةٍ  وانضواءٍ في ما عُرفَ ب"الفكرة اللبنانية" (العبقرية، رغم نواقصها والعجز عن تطويرها ايجابياً). ولكن، الم يكن مسيحيّو لبنان رأسَ حربة الحداثة؛ ثقافةً وادباً وفكراً سياسياً، فصنعوا النهضة العربية وجعلوا من لبنان جسراً وطيداً بين شرقٍ وغرب؟ هل كثير ان نتوسّم في مسيحيٍّ مشرقيّ هكذا دور ولو تمثّل في عرس مدنيّ واحتفاظِ الزوجة بدينها (وهي العلمانية اللاطائفية كما قيل)؟ 

يبقى ان نتمنى للعروسين حياةً زوجية سعيدة ومستقبلاً زاهراً لابنائهما وبناتهما ينجّيهم وينجّي اللبنانيين جميعاً شرّ الطائفية والمذهبية ونار الاقليم. 

"الحسناء"

 (افتتاحية مجلة "الحسناء" عدد شهر تشرين الأول/ أكتوبر 2016)

مقالات قد تثير اهتمامك