رولا حطيط: كنت الأولى في قيادة الطائرات ولن أكون الأخيرة

رولا حطيط ابنة الجنوب اللبناني، حلمت وحققت أحلامها، في عامها الجامعي الأول في الجامعة الأميركية، يوم كانت تدرس الرياضيات علمت أن شركة طيران تطلب طيارين، تقدمت رغم اعتراض الأهل، وبعد اختبار الدخول اختيرت من بين ألفي شخص مع ثمانية آخرين، كلهم ذكور، كان ذلك منذ أكثر من عشرين عامًا، ظلت فيها رولا وجهًا نسائيًا متميزًا وحيدًا في مهنة تستمر في لبنان حكرًا على الرجال، سعيدة جدا الكابتن حطيط هذه الأيام لأن امرأة أخرى ستلتحق قريبًا بسلك الطيران اللبناني، فذلك يعني أنها نجحت في فتح هذا المضمار أمام الآخريات، وتتمنى أن يكبر عدد النساء أكثر، ليكبر فرحها ويتأكد نجاحها أكثر فأكثر، بين رحلة وأخرى

بعد أكثر من عشرين عاماً من العمل كقبطان في شركة طيران الشرق الأوسط (MEA) هل خفّت التحديات؟

نعم، نظرا لصعوبة البدايات لأن الذين كنت أتمرن تحت أيديهم أردتهم أن يؤمنوا أن المرأة يمكنها القيام بتلك الوظيفة التي لا تزال تعتبر "مهنة الرجال"، خصوصا أن المرأة عاطفية أكثر من الرجال، فالمرأة إذا حدث معها أي مشكل عاطفي أو رأت ولد ما أصابه مكروه أو حالة موت ،وتلك الأشياء التي تحرك العاطفة، خصوصا على متن الطائرة يمكن لذلك أن يعيق أداءها الأمر الذي يتخوف منه المدربون. وخلال التدريبات كان التركيز كله على الخوف وهنا يكمن التحدي الأبرز.

لماذا لا تزال مهنة الطيران مقتصرة على الرجال؟

مهنة الطيران بشكل عام مرتبطة بالرجال. فإذا عدنا إلى الوراء أي إلى تاريخ الطيران الحربي كنا نرى أن القبطان رجل، أما المرأة فكانت تساعد المرضى الذين على متن الطائرة. أساسا هذه المهنة متعبة وصعبة لامرأة بحيث عليها أن تتفرغ كليا لها وأن تكون متحضرة لليوم الثاني من حيث النوم وراحة البال، لأن الطائرة تطير بسرعة ألف كيلومتر بالساعة، وليس هناك وقت أو أي مجال للإلتهاء أو الشرود الذهني. إضافة إلى أن الأمومة والعائلة تؤثر عليها، خصوصا فكرة تغيّب الأم عن البيت فكرة غير محبذة أبدا، إضافة إلى الطريقة التي نشأنا عليها عندما كنا صغارًا من ناحية الألعاب بحيث كانت الطائرة رمزاً للألعاب الصبيانية أما الفتاة فألعابها كانت مبنية على الخرز والشك وألعاب الباربي.

لذا كمجتمع اعتدنا أن نرى المرأة تتجه إلى الوظائف التي تتسم بالطابع الأنثوي خصوصا من ناحية التوقيت بحيث دوام عملها يبدأ مع الدوام المدرسي لأطفالها ومن ثم تعود معهم في التوقيت نفسه. أماعالم الطيران فيناقض العادات التي نشأنا عليها.

إلى أي مدى كنت زعيمة أو ريادية في طفولتك؟

كنا صبي وبنت في العائلة ولكن أخي توفي ومن ثم عاد أهلي لينجبا أولادا لذا أنا كنت الأخت الكبرى في العائلة. وهناك فرق بيني وبين أخوتي فكنت المسؤولة عنهم، أما في المدرسة فكنت تلميذة ناجحة جدًا في دراستي الأمر الذي حبب محيطي بي وأعطاني دفعًا رائعًا لبناء شخصية قوية.

كيف استطعت أن تحققي حلمك بهذه السرعة؟

أعتبر نفسي ناجحة لأنني استطعت أن أكون أما وزوجة وعاملة من خلال تنظيم الوقت، وبناء على ذلك وضعت هدفاً لما أريد أن أحققه. أؤمن أن الزوج يلعب دورا أساسيا في دعم المرأة لتكون ناجحة وريادية في عائلتها ومجتمعها.

هل هذه المهنة هي التي جمعتك بزوجك رئيس اتحاد نقابات الطيارين العالمية في منطقة الشرق الأوسط القبطان فادي خليل؟

نعم درسنا في اسكتلندا سويًا، ولكننا لم نكن أصدقاء ومن ثم ذهبنا لنتمرن على طائرة بوينغ في فرانكفورت، ولكنني أذكر أننا كنا على خلاف ومن ثم حدث ما لم يكن متوقعًا وتزوجنا.

أخبرينا عن أول تجربة كانت لك في الطيران؟

التجربة الأولى في الطيران تنقسم إلى ثلاث. أول مرة طرت بها كنت على طائرة تدريب، أما ثاني مرة فكنت co-pilot أو مساعدة طيار، وثالث مرة كنت القبطان، ولكل مرحلة نكهتها الخاصة. فأول مرة في التدريب شعرت بالسعادة الداخلية القصوى فقد أحسست أنني مسيطرة على شيء كبير جدا وسريع في آن واحد وأستطيع أن أقوم بالذي أريده. هذا الشعور بأن تكوني مسيطرة على الوضع بالكامل، الإضافة إلى الارتفاع عن الأرض، وأن تري كل شيء في الأسفل شعور رائع جدا. كأول مرة كمساعد طيار لا يوجد أية مسؤولية وتكونين فرحة لأنه مهما حصل شريكي موجود للمساعدة. لكن عندما استلمت الطائرة لأول مرة كقبطان شعرت بالمسؤولية الكبيرة خصوصاً أن هناك ركابا معي بحيث اختلط هذا الشعور مع السعادة. لا أسميه خوفا بل رهبة في حد ذاتها.

كم أنت فخورة اليوم بمنصبك كأول امرأة طيار في طيران الشرق الأوسط؟

أنا سعيدة جدا كوني أول امرأة ولكن اليوم نحن بحاجة إلى فتيات أخريات في هذه المهنة لأشعر أن تجربتي كانت ناجحة وكنت خير مثال لتشجيع المرأة وتمكينها في هذه المهنة. اليوم، أعتبر نفسي نجحت خصوصا أن هناك فتاة لبنانية ستنضم إلينا قريبا وستبدأ كمساعدة طيار وأنا متحمسة جدا لرؤية كل الطاقم يعج بالنساء.

(هذه مقتطفات من المقابلة مع الكابتن رولا حطيط التي تتصدر غلاف عدد نيسان/إبريل 2017 من مجلة الحسناء)

الصور بعدسة إيلي حرب

مقالات قد تثير اهتمامك