هل يختفي شغف الجنس بعد الأربعين؟

هل يختفي شغف الجنس بعد الأربعين؟

هل للحياة الجنسيّة موقعها بعد سنّ الأربعين؟ هل من الطبيعيّ أن تستكشف إبنة الخمسين حياةً جنسيّةً جديدة؟ هل من الشائع أن تجري ابنة الستين وراء "مغامراتٍ جنونيّةٍ" مع زوجها؟ أسئلةٌ ثلاثة مُختلفة تطرحها ثلاثُ نساءٍ بعد سنّ الأربعين. من الواضح أنّنا لا نملكُ إطلاقاً إجاباتٍ شاملةً على كلّ هذه الأسئلة إذ أنّ حياة المرأة الجنسيّة شديدة الثراء والتعقيد، إلاّ أنّ دراسة كلّ حالة بمفردها تجعل الإجابة مُمكنة.

كلُّ قصّةٍ فريدةٍ تتعلّق بالعديد من العوامل: الطفولة، التربية، والثقافة، التجارب الجنسيّة بحلْوها ومرّها، الأمراض، تناول العقاقير... مع ذلك، توجد ثوابت. والتعرّف عليها قبل التساؤل عن حالتها السويّة قد يكون مطمئناً بشدّة.

نايلة: "تُرعبني فكرة تحوّلي إلى إمرأة تكره الجنس"

نايلة (47 عاماً) تخبرنا أنّها منذُ سنواتٍ عدّة ليست على ما يرام. "أشعرُ بالهرم الجسديّ ولا أملكُ شيئاً للحدّ من الأضرار كما لو أنّني أضعتُ السيطرة على حياتي. استعمال "البوتوكس" والجراحة التجميليّة لم يُجديا نفعاً. سنواتُ عمري تنخرُ عظامي والهمّ يُضنيني. لقد أصبحت حياتي الزوجيّة مُثخنة بالإصابات. لم أعدْ أجد نفسي جذّابةً وفاتنة. ماذا أفعل؟ وما العمل لإرضائه؟ أنا أعي أنّ حالتي الجسديّة لا تزال مقبولة، لكنني أُعبّر عمّا أشعر به: رغبتي الجنسيّة تُختزل بـ "قفّة همّ" وتُرعبني فكرة تحوّلي إلى إمرأة تكره الجنس. فهل للحياة الجنسيّة مكانتها مع تقدّم العمر؟".

د. ساندرين تُجيب: "المطلوب الجرأة في العشق"

عزيزتي نايلة،

كي تكون للحياة الجنسيّة مكانتها يجب النهوض بأعباء العمر. بين سنّ الأربعين والخمسين، يتشابه الرجال والنساء على مستوى قدرتهم الجنسيّة. التباين والتفاوت الذكوريّ - الأنثويّ يَنخفض إلى حدّه الأدنى، فينشأ توازن بين الشهوانيّة والتناسليّة عند الجنسيْن. مع ذلك، هناك ضغوطات جديدة تؤرق كلاًّ من الرجال والنساء الّذين لم يحصلوا على هذا التوازن. فإنْ كان الرجال غير المكتفين جنسيّاً يُغريهم أحياناً ما يُعرف بـ "نزوات منتصف العمر"، تبدو النساء، تجاه هذا الحرمان الجنسيّ الذي أُصبنَ به، مستغرقات غالباً، عكس الرجال، في الهمّ وعدم الاكتراث. فضلاً عن ذلك، تبدأ في هذه المرحلة التغيّرات الأولى الجسديّة أو بكلامٍ آخر أولى ندوبات الشيخوخة. فالسّمنة تُصبحُ عاصية، والتجاعيد تستقرّ شيئاً فشيئاً. الكثير من التغيّرات حتّى ولو كانت ضئيلة، تثيرُ الإزعاج وتضعُ على المحك قدرة المرأة على الإغراء. على المستوى الجنسيّ الصَّرف، يصبحُ "سائل الشبق" نادراً وانقباضات النشوة أقلّ عدداً. أمّا الخطر الأكبر فيكمنُ باعتبار ظهور هذه التقلّبات كأنّها مؤشّر لنهاية الحياة الجنسيّة، إلاّ أنّ هذه التبدّلات ليست فقط طبيعيّة، لكنّها لا تمنع بأيّ حالٍ من الأحوال الاستمتاع بالحياة الجنسيّة. على النقيض، يكبرُ رابط المشاركة جرياً مع مرور السنوات، ويحصل اكتشاف مستمرّ لمناطق أخرى من اللّذة. المطلوب بشكلٍ خاص الجرأة في العشق ولو بطريقةٍ مختلفةٍ وقبول ذواتنا على الرغم من جريان الزمن.

مهى: "حاجتي دائمة إلى نظرات الرجال"

مهى (53 عاماً) تعيشُ حياتها بشكلٍ مُختلف: "كنتُ متزوّجة طيلة عشرين عاماً من رجلٍ رائع، إلاّ أنّني كنتُ أملُّ بشكلٍ مُرعب. في السرير، كان يحوّلني إلى لوحٍ من الرخام، أنا التي كنتُ أشتعلُ رغبةً وأضجُّ حياةً وطاقة. على الرغم من شغفي لمهنتي، ووجود ولديْن في حياتي، أصبح زواجي يُضنيني ولم يعدْ يكفيني. كنتُ أشعرُ بالاختناق، فحاجتي للأكثر تُلاحقني، كما العيش حتّى الثمالة. تَكوّن لديَّ الانطباع أنّه لم يتبقَّ لي الوقت الكافي للاستفادة من الحياة وملذّاتها. لذا، طلبتُ الطلاق كي ألتهم الحياة بكلّ جوارحي. منذُ ذلك الحين، بدأتُ أتنفّس. لم أعد قادرة على الاستغناء عن حريّتي! فحاجتي دائمة إلى نظرات الرجال كي أثبتُ وجودي وأنطلق مجدّداً في هذه الحياة العابرة الزائلة التي نعيشها وذلك قبل أن نضمحل في غياهب الشيخوخة والعجز. المقربّون مني يُعيّرونني بالجنون والاشتعال. مع ذلك لم أشعر ولا مرّة في حياتي أنّني مُتصالحة مع نفسي كما أنا الآن. فهل هذه الرغبة طبيعيّة؟"

د. ساندرين تُجيب: "النساء يعشن بطرقٍ مُختلفةٍ ذروة الخمسين"

عزيزتي مهى،

عديداتٌ هنَّ النساء اللّواتي يُغريهنَّ ترك المنزل الزوجيّ عندما يبلغُ الأولاد عمر السيادة الذاتيَّة. يدَّعين أنّ حنان هؤلاء الأطفال ينقصهنّ وأنهنّ مدَدنَ يد المساعدة لهم كي يعوّضنَ عن إحاطةٍ غراميّةٍ لم تتوفّر في الزواج. بالإضافة إلى ذلك، تلتقي مرحلة الإياسة (إنقطاع الطمث) مع ذهاب الأولاد من المنزل. هذا التنكّر للأمومة المزدوج يدفعُ النساء بطريقةٍ لا واعية نحو حياةٍ جديدةٍ غالباً ما تكون بصحبة رجالٍ يصغرونهم سنّاً كما لو أنهنّ يحاولنَ إطالة عمرهنّ كنساءٍ وأمّهاتٍ في الوقت عينه. فالنساء يعشن بطرقٍ مُختلفةٍ ذروة سنّ الخمسين. البعض منهنّ ينطوين على أنفسهن، والبعض الآخر أمثالكِ يجدّدنّ حياتهنّ.

ناديا: "إلى متى سيبقى نشاطنا الجنسيّ مُمكناً؟"

ناديا (65 عاماً) تبوح أمامنا بتألّق قائلةً: "منذ بلوغنا سنّ التقاعد، نُمارس أنا وزوجي الغرام، وفي أغلب الأحيان نعيشُ شبابنا من جديد كما لو أنّنا التقينا بعد فراقٍ طويل. نُدّعم أنفسنا بالطبع، أنا ببعض المراهم المُرطّبة وهو ببعض الحبوب المقوّية. لكنْ هذا لا يمنعنا من تذوّق طعم كلّ مداعبة وكلّ قبلة. مع ذلك، أسأل نفسي غالباً هذا السؤال: إلى متى سيبقى ذلك مُمكناً فيزيولوجيّاً؟"

د. ساندرين تُجيب: "نستطيع أن نكمّل حياتنا الجنسيّة طالما أنّ وضعنا الصحيّ يسمحُ بذلك"

عزيزتي ناديا،

فيزيولوجيّاً، الأشخاص في العقد الثالث من العمر يستطيعون متابعة نشاطهم الجنسيّ بشكلٍ كامل، حتّى لو كانوا يعاشرون بعضهم مرّاتٍ أقلّ. أنتِ لم تكتشفي المنتج السحريّ بفعلتكِ. أنتِ أدركتِ بالضبط أنّ متابعة النشاط الجنسيّ بصورةٍ منتظمةٍ مُضافاً إليه جرعة عالية من الاستعدادات الإيجابيّة، والنذر القليل من تقدير الذات، هما أفضل المكوّنات لحياةٍ جنسيّةٍ مُنطلقةٍ مهما كان العمر. بعض الدراسات بيّنت أنّه حتّى المُسنّين الذين يُمارسون نشاطاً جنسيّاً مُنتظماً (الجُماع - الاستمناء) يحافظون على نوعيّة حياةٍ جيَّدة. في الواقع، إنّهم يطيلون مرحلة شيخوختهم، بصحّةٍ جيَّدةٍ وبسعادةٍ أكثر. لكنْ انتبهي، إنْ لم يكن هناك عمر للغرام، فهذا يفترض تكيّفاً معيّناً مع المتطلّبات الجديدة للجسد وتركيز الزوجيْن على حياةٍ جنسيّةٍ مختلفة، مستندةً إلى معرفتهم بتطوير غريزتهم الجنسيّة في مرحلة الشباب نحو المزيد من نكهة الحميميّة والمشاركة المقوّية. لذلك، لا بدّ من إطالة فترة المُمهّدات وإعطاء نفسيْكما مدّةً أطول للعشق بطريقةٍ أفضل، وتهيئة جسد كلّ منكما للمتعة. فالجسد المُهيّأ حتّى الثمالة في مساحةٍ زمنيّةٍ غير محدّدة سيُثار من دون تردّد ومساعدة موادَ مرطّبة أو مسهّلة للإنتصاب. إذاً، لماذا نمنع أنفسنا عنها عندما تكون الحاجة الجنسيّة إليها متوفّرة؟!

هكذا، على نقيض الأفكار المتداولة والمنقولة، نستطيع أن نكمّل حياتنا الجنسيّة طالما أنّ وضعنا الصحيّ يسمحُ بذلك. في المحصّلة، كي نتغلّب على الشيخوخة ما من وصفةٍ أفضل من الملّذات الشهوانيّة. هنا يكمن فعلاً ينبوع الفتوّة والشباب الدائم.

مقالات قد تثير اهتمامك