زوجي مثليّ الجنس: هل بإمكاني تغييره؟

زوجي مثليّ الجنس: هل بإمكاني تغييره؟

لماذا طلبني للزواج إذا كان مثليّ الجنس؟!
من الواضح أنّ هذا الأمر يدعو، للوهلة الأولى، إلى الاستغراب الشديد، وبخاصّةٍ إذا اكتشفت الحقيقة بعد سنواتٍ طويلة من الزواج...

عاجزة ومحتارة تماماً

منذ بضعة أسابيع، تلقينا شهادة مها (42 عاماً) حول هذا الموضوع: " منذ 15 عاماً تزوجتُ من طارق وكنّا بالكاد قد تعارفنا. لكنْ بالنسبة إليّ كان ذلك حبّاً من النظرة الأولى، عدا أنّ والدتينا كانتا صديقتيْن مقرّبتيْن فشجعتانا على الارتباط. رُزقنا بطفليْن رائعيْن وكانت لدينا شقّة جميلة وكنّا ننعم بحياةٍ مرفّهة. ولكن منذ الأشهر الأولى للزواج شعرتُ بأنّ شيئاً غريباً يحدث بيننا... كنتُ أشعر أنّه يمارس الحبّ معي بدافع الواجب ليس إلاّ. وفي السنوات الأولى من زواجنا، مَرَرنا بمواقف عديدة جعلتني أتساءل إنْ كان زوجي مثليّ الجنس حقّاً؟! لم أكن أجرؤ على تصديق الأمر، ولكن كان عليّ معرفة الحقيقة...
أنا أخجل من الاعتراف بما فعلت، لكن منذ 5 سنوات طلبتُ من قريبي القاطن في كندا أن يتّبعه ليلة الجمعة في شوارع بيروت، فهو لا يعرفه ولنْ يشكّ في شيء. في نهاية المطاردة، وَصَل قريبي جهاد إلى ملهى ليليّ في بيروت معروف بأنّه مرتع لمثليّي الجنس، ليجد طارق في أحضان رجلٍ في وضعٍ حميم! أنهرت عندما أخبرني جهاد ما حدث. فقرّرتُ ذات ليلة مواجهة زوجي بعد أن يخلد الولدان إلى الفراش. وهكذا كان. فما كان منه إلا أن اعترف بالحقيقة كاملةً قائلاً إنّ ذلك كلّه ليس له علاقة بي وإنّني زوجة وأمّ مثاليّة لكنّه لطالما كان يُفضّل في قرارة نفسه الرجال وأنّه يتعذّب عذاباً أليماً  كلّ يوم لأنّه يعيش كذبةً كبيرةً منذ أيّام المراهقة، لكنّ والده الذي كان اكتشف حقيقة طارق عندما كان في العشرين من عمره، قال له مرّة:"كن مثليّ الجنس كما تشاء لكن عليك أن تتزوّج وتبني عائلةً كي لا تلوّث بالعار اسم عائلتنا!"، فرضخ للأمر الواقع ومشى في الطريق الذي رسمه الآخرون له.أنا الآن عاجزة ومحتارة تماماً. هل بإمكاني فعل أيّ شيء لإجباره على التغيير؟ وهل يكون العلاج النفسيّ الحلّ لإنقاذ زواجي؟ وهل سيتأثّر ولداي بذلك؟ ماذا أفعل؟".

د. ساندرين تُجيب: لا يوجد حلّ واحد وسهل

عزيزتي مها،
في الواقع قضيّتك ليست استثنائيّة أو نادرة كما تظنّين، لكنْ في معظم الحالات تختار الزوجة والأسرة التكتّم على الموضوع تفادياً للفضيحة والشعور بالعار والضغط الاجتماعيّ والأُسريّ.
إنّ ضغط الأسرة على وجه التحديد، في مجتمعٍ محافظٍ كمجتمعنا (حيث لا تزال المثليّة الجنسيّة جريمةً يُعاقب عليها بشدّة بموجب القانون الجنائيّ اللّبناني، قد تصل إلى عام في السجن بموجب المادة 534  من قانون العقوبات) دفع طارق إلى إنكار ما كان عليه ليُجنّبك أنتِ وأطفالك "الأضرار المحتملة".
إنّ مثليّي الجنس الميسورين والمستقلّين اجتماعيّاً والّذين يتحلّون بالشجاعة يُمكنهم عيش حياةٍ جنسيّةٍ واجتماعيّةٍ كاملةٍ ومسالمةٍ في بلاد الخارج، لكنْ أولئك الذين ليس لديهم خيار آخر سوى البقاء هنا، يعيشون تحت تهديد مقصلة العقاب وتكون حياتهم كئيبة قد تصل بهم إلى الانتحار أو التفكّك الأُسريّ! لذلك لا يجدون أمامهم سوى الزواج من دون أن يتنبهوا إلى العواقب الوخيمة التي قد تترتّب على قرارٍ اتّخذوه في لحظة ضعفٍ ويأس.
الذنب ليس ذنبك. ربّما حبّه لكِ كان حقيقيّاً ومُخلصاً، لكنْ ميوله الجنسيّة التي لم يخترها لنفسه ليست موجّهة للمرأة. وكما قال لكِ زوجك في "ليلة الاعتراف الكبرى" أنّه لطالما شعر أنّه كان مختلفاً. لذلك، لا يُمكنك تغيير نفسك أو اللّجوء إلى العلاج النفسي للأزواج.  وبالإضافة إلى ذلك، كلّ ما يسمى "بالعلاج الترميمي لتصحيح التوجّه الجنسي" أثبت عدم فاعليّته، وبخاصّةٍ أنّ "الجمعية اللّبنانية للطبّ النفسيّ" أشارت في مقالٍ نُشر في صحيفة "Daily star" في 12 تموز/ يوليو 2013، أنّ "المثليّة الجنسيّة ليست اضطراباً عقليّاً ولا تتطلّب بالتالي تغييراً في وضع الشخص أو استقراره أو قدراته الاجتماعيّة أو المهنيّة". كذلك "ليس هناك  أيّ دراسة علميّة تؤكّد وجود سبب بيولوجي للمثليّة الجنسيّة أو سبب نفسيّ - اجتماعيّ أو عائليّ بما في ذلك حالات الاعتداء الجنسيّ ضدّ الأطفال، وراء هذه الحالة".

باختصار، المثليّة الجنسيّة ليست حالة مرضيّة.وفي الحالة التي تعيشينها، تمّ كسر حاجز الصمت، وهو أمر نادر وإيجابيّ. ومع ذلك، دقّت الآن ساعة الحقيقة وعليك أنتِ وزوجك دراسة الخيارات المتاحة أمامكما واتّخاذ القرار المناسب وتحمّل عواقبه. فبعض الأزواج يُفضّل الانفصال والبعض الآخر يُقرّر البقاء مع منح الشريك الحريّة الكاملة لعيش حياةٍ بخياراتٍ جنسيّة مختلفة... لا يوجد حلّ واحد سهل وواضح، لكن عليكما مواجهة الأمر بشجاعة للتخفيف من الأضرار.
أمّا في ما يتعلّق بالأطفال،  فمن الأفضل استشارة معالج نفسيّ سيساعدك على اختيار الكلمات الصحيحة والوقت المناسب والطريقة الملائمة لشرح الموضوع والإجابة على تساؤلاتهم.

الذنب ليس ذنبك

نصيحتنا خلال هذه المحنة:

  • لا تطيلي الحديث عن الماضي، فالندم لا يفيد بشيء.
  • عبّري عن مشاعرك بصدق من خلال الكلام أو الدموع لتحرّري ما في داخلك.
  • تحدّثي عمّا كنت تمرّين به، وإذا لزم الأمر استشيري معالجاً نفسيّاً.
  • حافظي على ثقتك بنفسك وركّزي على كلّ الأمور الجيّدة التي قمت بها خلال هذا الاختبار الصعب.
  • تقبّلي المنحى الجديد لحياتك وكوني مرِنة لتجدي السعادة.
  • عيشي اللّحظات من دون طرح الأسئلة.
  • والأهم من ذلك، تذكّري أنّ الذنب ليس ذنبك أبداً

مقالات قد تثير اهتمامك