عبّـري بلغـة الجسـد

عبّـري بلغـة الجسـد

التواصل من مميّزات الجنس البشري، لكنّه عَمليّة مُعقّدة غير محصورة بتبادل الألفاظ فقط، حاله يُشبه تماماً الجبال الجليديّة التي يكون الجزء المغمور منها أكبر بكثير من الجزء الظاهر منها، أيّ أنّ غير المعبَّر عنه يأخذ مكانةً أوسع من مجرّد اللّفظ، وهذا ينطبق بطبيعة الحال على التواصل الحميميّ بين الشريكيْن في حياتهما الجنسيّة، حيث يبدو التواصل بينهما أحياناً على غير ما يرام.

هو فقط «ينامُ» مع جسدي...

تقول ناي (27 عاماً): «تزوّجتُ وجميل منذ سنتيْن، لكن حياتنا كشريكيْن تتداعى: عدم الإكتفاء شغل كلّ مجالات حياتنا وتسلّل إلى سريرنا الزوجيّ. بدايةً، ظننتُ أنّه سيعتاد على نمط حياتي ويتفّهم احتياجاتي، لكنْ لسوء الحظّ، لم يتبدّل شيء طيلة عاميْن. من المؤكّد أنّني كنتُ أستمتعُ عندما نُمارس الغرام، لكنّني كنتُ أغفو وقلبي مكسور مع شعورٍ عميق بالحرمان. صحيح أنّه سيطر على آليّة جسدي، إنّما أنا لستُ سيّارة سباق رياضيّة. لديّ الانطباع أنّه لا يهتمّ بي، وأنّه لا يقدّم لي العشق المطلوب، بل هو فقط «ينامُ» مع جسدي. ما من حنانٍ ظاهرٍ في مُداعباته ولا تبادل للأفكار بيننا. آه كم أتمنّى أن يُعانقني، ويداعبني، ويلمسني ويحدّثني طويلاً بشغف. مع أنّني أحمل له حبّاً شديداً، لكن أشعر أنّنا نبتعد عن بعضنا يوماً بعد يوم. وأتساءل أحياناً متى كنّا متقاربيْن؟! عندما أحدّثه عن ذلك، يتهرّب وينغلق على ذاته. يتّهمني عندئذ بأنّني ناكرةً للجميل لأنّني بنظره أبلغ الذروة في كلّ ممارسةٍ جنسيّة. من دون التشارك في الأفكار أعتبر نفسي مكسوفة، ولا أعرف بالفعل كيف أجعله يفهم ما أطلبه منه؟».
د. ساندرين تُجيب:

اللقاءات الجنسيّة بحدّ ذاتها تواصل

في شهادتكِ هذه يا ناي، ندركُ بوضوح أنّ معنى العلاقة الجنسيّة يختلفُ بين الشريك وشريكته. تشعرين أنّكِ وحيدة ومتروكة على الرغم من لذّتكِ الجنسيّة لأنّك تعتبرين أنّ لا معنى للحياة الجنسيّة وأنّها غير كافية من دون المشاركة. بالفعل، إنّ اللقاءات الجنسيّة ليست أبداً المكان الذي نتبادل فيه السوائل، لكنّها بشكلٍ خاص تواصل بحدّ ذاتها. هذا التواصل هو من أشدّ العوامل العشقيّة الموجودة لإثارة الرغبة وتنويع اللّذة. وهكذا، عندما يتقرّب منكِ أحدهم، ويلمسكِ، وينظر إليكِ بشغف، ويُحدّثكِ ويُغريكِ، فإنّ تواصله معكِ يكون بحركاته الجسديّة أكثر من تقرّبه بألفاظه. هذا التواصل الجسديّ يُساعد على خلق أجواءٍ انفعاليّةٍ إيجابيّة. على صعيد آخر، إنّ كل إمرأة تمتلكُ طابعاً جنسيّاً مميّزاً وفريداً، ومن هنا حاجتها لإثارةٍ خاصّة بها جسديّاً وفكريّاً لكي تشعر بغمار الحب. والطريقة الوحيدة لإبلاغ الشريك هذه الإشارات تكمن في التحدّث معه عنها، إلاّ أنّ الحديث عن ذلك يبدو أحياناً غير كافٍ، لذلك لا بدّ من جعل التعبير الجنسيّ هو الهدف.
المهمّ ليس ما نقوله، بل ما يتفهمهُ الآخر

الخِشية من عدم ضبط الآخر تبدو عائقاً عليكِ تخطّيه حتّى يُعبّر عمّا يُفضّله جنسيّاً. فالمطلوب إذاً، ليس توجيه النقد، بل على العكس، بلوغ طعم الحبّ بين الشريكيْن. حتّى تتخطّي هذا الخوف عندكِ، من المفيد لكِ أن تُحدّدي بوضوح رسالتك التي ترغبين في إيصالها من خلال طرحكِ للأسئلة الآتية:

  • ما هي الأهداف التي أريدُ بلوغها؟
  • ما أهميّتها بالنسبة إليّ؟
  • كيف سينعكس ذلك على علاقتي بــه؟
    الأجوبة عن هذه الأسئلة تسمح لكِ بالتغلّب على خوفكِ انطلاقاً من كلماتكِ الموزونة بإتقان. لكن، ليكن بعلمكِ أنّ الصدق الكامل لا يُمكن التوصّل إليه بين الزوجيْن. المهمّ ليس ما نقوله، بل ما يتفهمهُ الآخر. فالإعلان الشديد الصراحة قد يفسّر عند الآخر كنفورٍ منه، مُسبّباً جرحاً عميقاً وندوباً لا تندمل أبداً. لذلك، من المفيد أيضاً، أن تتصرّفي بحذرٍ حتّى يُفهم ما تبتغينه بوضوح.

مقالات قد تثير اهتمامك