"فوتوميد": صور من المتوسط‬‎ تعرضها بيروت حتى 8 شباط

"يرتبط الشرق كما منطقة البحر الأبيض المتوسط بالنور الذي يسطع ظهراً. هو أمر يدركه المصوّرون أكثر من غيرهم. ولكن، كثيرون ممّن نقدّمهم هنا والذين يتناولون مدينة بيروت المجروحة والرائعة كموضوع مشترك لهم، اختلفوا في اختيا راتهم. فمدينتهم لا يهزّها شيء، لا الحرّ الشديد ولا زحمة النهار والفوضى" بهذه الكلمات انطلق غييوم دو سارد، المدير الفني لـ "فوتوميد" لبنان 2017" يكتب عن الدورة الرابعة من مهرجان التصوير الفوتوغرافي في منطقة البحر الأبيض المتوسط (فوتوميد) في العاصمة اللبنانية بيروت.

افتتح المهرجان، الأقرب إلى حدث فني–ثقافي، أولى معارضه مساء الأربعاء 18 كانون الثاني/يناير الجاري، استمرت الحفلات الافتتاحية ثلاثة أيام وذلك في مختلف الأماكن التي تستقبله في بيروت حتى الثامن من شباط/ فبراير.

يشمل المهرجان هذا العام خمسة معارض رئيسة أحدها يتمحور حول الحقبة الذهبية للسينما الإيطالية مع الإشارة إلى أن ثلاثة مصورين من فرنسا وإيطاليا عملوا على مواضيع لها علاقة بالمخرج الإيطالي الكبير مايكل أنجلو أنطونيوني.

ترتكز النسخة الحالية من المهرجان على أربعة موضوعات هي السينما والشعر المنبثق من الدمار ومدينة بيروت وحقبة السبعينات في القرن الماضي.

كما تعرض الصحافية اللبنانية المخضرمة، ماريا شختورة، ضمن إطار "بيروت" 20 صورة التقطتها خلال الحرب الأهلية في لبنان التي استمرت زهاء 15 سنة وانتهت عام 1990.

يعرض المهرجان عشرات الأعمال الانتقائية لمصورين من مختلف البلدان المطلة على البحر المتوسط.

تأسس المهرجان في بلدية ساناري بجنوب شرق فرنسا قبل ستة أعوام، ويستضيفه لبنان منذ العام 2014.

الهدف من المهرجان منذ أيامه الأولى دعوة المواهب الشابة والأخرى المخضرمة من البلدان المطلة على البحر المتوسط إلى عرض أعمالها جنبا إلى جنب بهدف تبادل الخبرات وبدء حوارات ثقافية–فنية غير محصورة داخل إطار واحد.

لطالما استساغ نائب مدير فوتوميد وأحد مؤسسيه، سيرج عقل، كما.يقول، فكرة الترويج لبلده لبنان من خلال مختلف المشاريع الثقافية المتعددة الوسائط مع التركيز على التصوير في المرتبة الأولى، كما أن أهم عنصر في تنظيم هذا المهرجان هو إظهارنا بشكل واضح أن لبنان أكثر من قادر على تنظيم مهرجان بهذا المستوى العالمي. هي وسيلة لنظهر صورة حضارية للعالم بأسره تتخطى الحجم الجيوغرافي للبلد الصغير."

قي كلمته التي ذكرناهاليا آنفاً استعرض غييوم دو سارد الفنانين المشاركين على الشكل التالي:

جورج عودة يبحث عن الضوء الخافت صباحاً لينقل جمال المرا هقين الذين استفاقوا باكراً على قسوة هذا العالم وحربه. أمّا البعض الآخر، فقد فضّل استكشاف الحميمية الليلية في بيروت التي تظهر وكأنها مدينة أخرى كلياً عند هبوط الليل بقيت وفية لأناقتها وحسيّتها السابقة . بيروت، منها انطلق أيضاً المصوّر الإيطالي الشهير جوليو ريموندي وبها احتفل. أمّا لارا تابت التي تعرف كلّ زاوية في بيروت، فقد غاصت، مصطحبة المُشاهد معها، في الأماكن السرية الخفية للّقاءات العابرة الخفية وبلال طربيه )الفائز بجائزة Photomed لبنان لعام 2016 ) الذي نشأ بعيداً عن بيروت، قد سلك طريق العودة ليعيد استكشاف مدينته.

بالمقابل، نلاحظ في صور مارك ريبو الكثير من الظلال المخترَقة بأشعة الضوء في الحمّامات التركية التي قام بزيارتها. وفي ما يتعلق بالأماكن العادية في تونس ارتأى وسيم الغزلاني تحويلها إلى "بطاقات بريدية" تسودها الألوان الباهتة بشكل متعّمد إذ اعتبر أنّ المواضيع ال "كليشيه"، كالشمس والسّماء الزّرقاء، لا تشكّل أساساً لفنّ التصوير! إلا أنّ نيك هان قام بالمخاطرة؛ ومن خلال صوره نلاحظ كيف جمع بين الخفة، والسخرية الخفيفة وحسّ المرا قبة... وتحت مظهرها الأنيق، سوداوية عميقة.

فنّانون كثيرون من العارضين، ممّا يثير الدّهشة للوهلة الأولى على الأقل، اختاروا جنّتهم التّصويرية في الغرف

المظلمة... والسّينما جاءت في صميم دورة العام 2017 . باعتراف الجميع، هنا المكان الذي نبض فيه قلب

أكبر إمبراطورية في البحر الأبيض المتوسط، إذ تأتي استوديوهات تشينشيتا الشهيرة من ملاذات الفنّ السابع. وقد أخذ آلان فليشر أفضل نتاجها لاستخراج الصورة المساحية الضوئية وعرضها على حجارة روما التي تجمع بذلك الزوال بالأبدية. أمّا ريشارد دوماس فاختار صوراً حساسة لبعض من نجماته فيما قرّر سيرجيو ستريزي استخدام مسارح السينما لاغتنام الفرص وإجراء اللقاءات المكثفة. ثلاثة أعمال تحيي، كلّ على طريقتها، ذكرى مايكل أنجلو أنطونيوني، واحد من أهم المبدعين في مجال التصوير في القرن العشرين. وهنا، نتذكّر عشقه للصحراء، وهو أمر يتشاركه مع المخرجة دانيال عربيد، بحيث نرى مجموعة واسعة من الصور التقطتها في غالبية الوقت على هامش أفلامها.

من الصحارى الطبيعية وصولاً إلى الأماكن التي هجرناها. إنّ التخلي عن تاريخ طويل في البحر الأبيض المتوسط لا يبعد احتمال خطر التدمير والخراب. وإذا كانت سوداوية الدمار موجودة، فلا بدّ أن نجد مصدراً للشعر كما هي الحال مع فيران فريكسا أو نيكول هيرزوغ فيراي حيث تمّ إنقاذ التحف الأثرية والمباني المدمّرة بفضل الغطاء النباتي والضوء والمياه. وعندما تمضي الرغبة ويأتي الموت، لا يبقى سوى بعض الصور لرولان بارت. ولكنّها صورة ذات قوّة مشعّة، La Chambre Claire في صندوق – كصورة الأم التي اختفت في قوّة الفنّ وقوّة الحياة.

 

مقالات قد تثير اهتمامك