زياد دويري: "قضية رقم 23" كشف لي ممثلين محترفين يحتاجون إدارة تليق بمستواهم

ينطلق منتصف هذا الشهر، في صالات السينما اللبنانية عرض الفيلم الروائي"The Insult" أو "قضية رقم 23" للمخرج اللبناني زياد دويري، الفيلم الجديد كأفلام دويري السابقة يحمل قضية، قصة، صورة وحركة تترك أثراً أكيدا في المشاهدين، طوني اللبناني وياسر الفلسطيني ومن يحيط بهما لن يمروا مرور الكرام من الذاكرة، إذ يعرف صاحب فيلم "بيروت الغربية" كيف يغوص في تطور الشخصيات ويستثمرها لصالح مغزى القصة التي يريد إيصالها، والفيلم الذي يشارك فيه باقة من الممثلين المحترفين انطلق للمشاركة المهرجانات السينمائية العالمية، ومع هذه الإنطلاقة كان للحسناء لقاء مع المخرج.

مم استلهمت قصةفيلم "قضية رقم 23" وكيف نشأت الفكرة؟
الفيلم مستوحى من حادثة صغيرة حصلت معي قبل سنوات، وكان يمكن أن تتطور لتسبّب أزمة كبيرة في البلد. فكرت بهذه الحادثة طويلاً، وانطلاقا منها كتبت قصة الفيلم مع جويل توما. لبنان بلد معقّد ومتناقض أحياناً. صحيح أن الموضوع يعبّر عن نظرتنا  إلى المجتمع اللبناني ولكن الهدف الأساسي أن نخبر قصة.
"قضية رقم 23" هو الفيلم الروائي الرابع لك، أي من أفلامك الأربعة يترجم أسلوبك في الإخراج؟

لا يوجد اي فيلم يترجم اسلوب المخرج في الاخراج انما التعلم من التجارب القديمة والتنبه اليها في المشاريع المقبلة فكل فيلم يتميز بطابعه واسلوبه الخاص و"قضية رقم ٢٣" تقنيا تقدمت فيه اكثر من غيره.

ما أهمية مشاركتك في مهرجانات عالمية مثل Venice Film Festival كمخرج، وما أهمية ذلك للسينما اللبنانية؟

عندما يدعى الفيلم الى مهرجان عالمي يثبت وجوده أكثر على الساحة السينمائية، مما يساعده أيضا على التسويق خصوصا في ظل وجود آلاف الأفلام، كما أن أكثرية الأفلام التي تنتج في العالم لا تأخذ حقها في المشاركة بتلك المهرجانات الضخمة. أما بالنسبة لفيلمي "قضية رقم ٢٣" فمن دون شك فإن الوصول الى العالمية هو حافز للصناعة السينمائية اللبنانية ككل لكي تستمر في العطاء.

ما هي أبرز التحديات التي واجهتكم خلال التصوير؟

إيجاد التمويل شكل التحدي الأبرز خصوصا أن الميزانيات باتت تنخفض تدريجًا، وارتفاع حدة المنافسات ولكن بالطبع دخول Ezekiel Productions وبعض الشركات الأجنبية من فرنسا والولايات المتحدة وبلجيكا أنقذ الوضع وساعدنا بصناعة هذا الفيلم، أما من ناحية الصعوبات التي واجهناها أثناء التصوير في لبنان الذي لطالما شكل صعوبة لوجستية لنا كمخرجين ولكن واجهه مستواً عال من الاحتراف الذي شهدناه من خلال الممثلين اللبنانيين المحترفين والتقنيي  الأمر الذي جعلنا نستمتع بالعمل ونتخطى بعض المشاكل التي واجهناها خلال التصوير في بيروت.

كيف تم اختيار الممثلين؟
أجريت اختبارات (casting) لما بين الـ400 و500 ممثل. أعجبت كثيراً بأداء الممثلين الذي جاء على مستوى عال من الحرفية، فقد عملوا باندفاع كبير لا يمكن وصفه. غبت مدة طويلة عن التعاطي مع الممثلين اللبنانيين، لكن هذا الفيلم أتاح لي اكتشاف الطاقة الكبيرة الموجودة في داخلهم، والتي تحتاج إلى سيناريو جيد وادارة جيدة تليق بمستواهم.

بعد تصوير مسلسل "بارون أسود" في فرنسا، تعود اليوم سينمائياً إلى بيروت. ماذا لديك بعد لتخبره عن بيروت؟

هناك قصص كثيرة احب ان أخبرها عن هذه المدينة، لأن تاريخي هنا كان غنيا بالحوادث التي حصلت وأنا أحاول دائما أن أمزج بين حياتي في الغرب وحياتي في الشرق، إنهما عالمان متناقضان وبالتناقض تتولد الأفكار.

 ما الرسالة التي أراد إيصالها هذا الفيلم؟

بالنسبة إلي لدي قصة تدور في رأسي وأريد أن أعالجها من كافة النواحي وهذه أشياء دراماتيكية بحت لها علاقة بكتابة الفيلم، ولكن باللاوعي هناك دائما ذلك الموضوع وتلك النظرة المخبأة والتي تدفعني الى كتابة الفيلم المؤلف من عدة طبقات في رأسي، هناك أولا التجربة الشخصية والماضي خصوصا انني آت من عائلة يسارية في بيروت الغربية اما الكاتبة المساعدة جويل توما فآتية من بكفيا من عائلة يمينية وبالتالي هذا التناقض كان محفز تلك الافكار للبدء بكتابة القصة. أما بالنسبة للرسالة فأنا أضعها في ملعب المشاهد ليقرر ما يناسبه من هذا الفيلم.

 ما هو معيار النجاح؟ وهل الأهم عندك الجائزة أو رأي النقاد أو إقبال الجمهور لحضور الفيلم؟

الجمهور هو الاهم لان الفيلم الذي نصنعه موجه للشعب والنقاد هم جزء من ذلك الجمهور. وانا يهمني الجمهور اللبناني خصوصا لأن هذا الفيلم مصنوع لأجله.

 لفتتنا دقة الانتباه للتفاصيل في الفيلم. فمثلا على ذلك رأينا كلا الرجلين يقومان بغسل الصحون وهذا يلخص ربما واقعنا الجديد بحيث المرأة والرجل متساويان.. مم تستلهم؟

اعتقد انه في العالم العربي الرجل والمرأة ليسا متساويين بعد وأتمنى أن يتساويا في الحقوق والواجبات كما أعتقد أن الوضع سيتغير الى الأفضل عند تمكين المرأة بالسياسة والبدء باستلامها المناصب المهمة في السلطات.

برأيك ما أهمية الذاكرة للتحرر من أحقاد الماضي خصوصا أن "الانسان عدو ما يجهل"؟

هي فكرة فلسفية من دون شك فمن الضروري أن يبدأ الفرد بالتعلم ومعالجة الماضي ولكن اريد ان أؤكد أنني لست مصلحا اجتماعيا ولكنه لدي قصة أحب أريد أن أخبرها ولا امانع ابدًا من الوصول الى النتيجة فعالة.

ما هي مشاريعك المستقبلية؟ والى ماذا تطمح بعد؟

الاستمرار بصناعة السينما لأنها باتت اليوم صعبة جدا مقارنة بالماضي لأنه لا يزال لدي الكثير من القصص لأخبرها للناس.

مقالات قد تثير اهتمامك