هلا مبارك: "بيروت ديزاين فير" منصة للإبداع والفن والتلاقي

هلا مبارك التي حوّلت معاناتها الشخصية الى إبداع ولقاء وحوار مع الآخر، وجنونها العاطفي الى منصة أنيقة مفعمة بالأحاسيس والهامها الإبداعي الرفيع  سبيلاً لتعيد الاعتبار الى مدينة توارثت الانفصام ولكنها لا تزال تنبض حبًا وحياةً وفرحًا بإيمان أبنائها بها وتعلقهم بجذورها، رغم اكتشافاتهم الجديدة ورحلاتهم الطويلة حول العالم.

في لقاء مع "الحسناء" تكشف لنا هلا مبارك المهندسة المعمارية، الأستاذة الجامعية، المصممة والصحافية والمؤسسة الشريكة لمعرض "بيروت ديزاين فير"، عن عالمها الخاص الغني بالفن والتاريخ والمرأة وعن إرادتها القوية وإصرارها على الحياة اللذبن أنتجا هذا المعرض في دورته الأولى والذي سيضم أبرز صالات العرض والمصممين البارزين والمبدعين الناشئين والذي سيعرض صورة لبنان المليئة بالمفاجآت والكم الهائل من الجمال وفرص تبادل غير متوقعة وحيوية ملهمة.

كيف نشأت فكرة معرض بيروت ديزاين فاير؟

بدأت الفكرة عندما شعرنا أننا بحاجة لمنصة مخصصة للمصممين اللبنانيين. ففي لبنان كل 15 يوما تقريبا هناك شيئًا متعلقًا بالتصميم سواء أكان معارض، حفلات افتتاح.. ومن هذه النقطة أحببنا أن نجمع أبرز المصممين اللبنانيين الأوائل في لبنان والخارج.

كيف ساعدك اختصاصك بذلك؟

إنني ومنذ خمسة أعوام أكتب لمجلة Eco Magazine كل الأخبار المتعلقة بالتصاميم لذا فإنني على معرفة بأكثرية المصممين من لبنان بحيث كنت أجتمع وأجلس معهم، شعرت أنهم يحتاجون لشيء على مستوى “Salon” وهكذا نشأ "بيروت ديزاين فير" بعد التعاون مع مؤسس ومدير المعرض غييوم تالي ديليان وما لبث أن تحول هذا المشروع محور حياتي كلها، وأنا أراهن أن هذه السنة ستكون مميزة لاعتمادنا على مصممين محليين سيدهشوننا بتصاميمهم.

ماذا سيتضمن المعرض؟

سنرى مصممين لبنانيين محترفين من هنا ومن خارج لبنان (إيطاليا، باريس، لندن، أميركا...) وهناك بقلب المعرض منصة مخصصة لمحبي القطع القديمة من المفروشات سنعيدهم الى الخمسينات والستينات، وهذه  القطع تعتبر اليوم استثمارا باهظ الثمن، إذ تقدر بمئات ألوف الدولارات، وراء هذه المنصة شخص صاحب فكر عميق، أراد أن يحول القطع الفنية الى لقاء وحوار يحاكي زمننا المعاصر. أيضا هناك جزء اسمه “Spot On” مخصص للشباب الناشئين ليعرضوا تصاميمهم وليس بالضرورة أن يكونوا قد أتقنوا هذه المهنة بل ربما لديهم خلفية معرفية “Know How” أو ربما هم هواة متعطشون للفن والثقافة ويتمتعون بنظرة جديدة خلاقة.

(المقابلة صدرت غي مجلة الحسناء عدد شهر أيلول)

وسيتخلل المعرض “Platon Le Banquet” وهي عبارة عن طاولة كبيرة جدا مصنوعة من الخشب عمرها 100 سنة من فكرة راني الكيك صاحب Yew-Studio ستعرض لأول مرة في لبنان، وذلك بالمشاركة مع الشيف مارون شديد الذي سيعد لنا أطباقا شهية وبالتالي سترمز الطاولة هذه للشعب اللبناني المضياف والكريم.  كما نعمل على تركيب “3 D printer” في البيال لنقول للعالم أن التكنولوجيا اليوم باتت أمرا أساسيا يسافر بنا الى العلم والمعرفة، بالإضافة الى طاولة مستديرة للتكلم عن تلك الحرف اليدوية وأهمية دورها في لبنان لأنهم جزء من تاريخنا وحضارتنا، كما سيتضمن ورشة عمل للأطفال مع نادين توما ومزاد علني في آخر النهار.

كما انه بين معرض "بيروت ديزاين فير" والمعرض الفرنسي MAISON&OBJET مشروع شراكة في العام 2017. لذا سوف ينظّم MAISON&OBJET حدث مخصّص لمجموعة من المهندسين ومهندسي الديكور خلال معرض "بيروت ديزاين فير"، كما سوف يكون فريق العمل الخاص به متواجداً في بيروت خلال المعرض. بالمقابل، يستقبل MAISON&OBJET مصمّمين لبنانيين في نسخته التي تقام في أيلول 2018 في فرنسا، وسوف تُخصّص لهم منصّة تحت عنوانRising Talents  حيث يمكن للزوّار استكشاف "مواهب اليوم والغد".

أخبرينا عن نفسك

تخصصت بالهندسة الداخلية وها أنا أكمل الدكتورة بالتصميم وستكون رسالتي عن لبنان لأن مهمتي ومهمة "بيروت ديزاين فير"واحدة ونحن نؤمن أنه يجب علينا أن نصنع علامة “Made In Lebanon” لتعزيز الصناعة اللبنانية.

قبل الحرب ازدهرت هذه الصناعة كثيرا خصوصا صناعة الخشب بحيث كان يتم تصدير الخشب اللبناني الى البلدان العربية (مثل السعودية، قطر، والإمارات...)، ولكن في أوائل التسعينات بدأت المعامل باغلاق أبوابها وتوقف رزق العمال. اليوم نعي أن التصميم هو فرصة للعمل ولكن علينا أن نعي أهمية قولبته بطريقة معاصرة تتماشى مع الزمن من خلال شرح مفصل عن كيفية التطوير والامتثال بالمؤسسات العالمية الناجحة وإيمانهم بهذا الشغف الذي في داخلهم من أجل أن ينطلقوا ليبدعوا ويستمروا بالابداع.

أحب بيروت وهذا البلد وأؤمن أنه باستطاعتنا أن نصنع شيئا اليوم، فهذا البلد لا يزال حيًا فنيًا وثقافيًا جراء المبادرات الفردية. وأنا دائما أقول لتلاميذي أنه لا يمكننا أن نخلق شيئا أو نصمم قطعة فنية دون أن نفهم مضمون حياتنا اليومية جيدا المتعلقة بالرسائل السياسية والاجتماعية والاقتصادية.

ما هي الرسائل السياسية التي سنراها في المعرض؟

يجب أن نفكر بالصناعة وتعزيز دورها في لبنان لأنني وجدت أن التصميم يترافق ويتزامن مع كل شيء، ونريد من خلال المعرض ان نصنع أو نعيد ترسيخ الإنسانية لأن هذا الحرفي الماهر الذي نحرمه من العمل، نحرمه من لقمة العيش وبالتالي اذا لم يعمل معي فأنا أيضا سأكون معرضة للضرر. اليوم يتجه العالم نحو التصميم مع التمسك بروح فريق العمل الأمر الأساسي جدا ونحن بحاجة الى الحرفيين لأن الحرفة تشكل حوار ولقاءا في ما بيننا.

ما المعايير المطبقة لاختيار هؤلاء المصممين؟

أحببنا أن نختار المصممين اللبنانيين الموجودين في الخارج مثل لندن، فرنسا، أميركا... العائدون مع قوانين وأفكار جديدة مع ثقافتهم اللبنانية والشرق أوسطية، فهذا مثير جدًا للاهتمام وأتوا لكي يطبقوها هنا في لبنان وهذا أمر مهم جدًا. أما بالنسبة للشباب فهم مصممون صنعوا إنجازات بالإضافة الى الشباب الذين سيرون أعمالهم معروضة للمرة الأولى، وهم متشوقون للاستماع الى الحوار النقدي ليتعلموا كيفية تطويرأعمالهم فيما بعد. إضافة الى أهمية القطع فالقطعة عليها أن تقدم خدمة اجتماعية أو أن تجيب على أمر ما. 

 

ما هي أبرز التحديات التي تواجهكم خلال التحضيرات؟

كونها المرة الأولى وعلينا أن نكون في أيلول على أعلى مستوى، إضافة الى أن هناك قبولُا كبيرًا من الخارج. نريد للناس أن يحلموا معنا خصوصا في ظل الأوضاع الاقتصادية المتردية والصعبة وهذا أمر صعب جدا.

كيف حصلتم على التمويل؟

اليوم التمويل ليس كما كان قبل عشر سنوات ولكننا تلقينا دعما من وزارة الاقتصاد كما أن غرفة الصناعة والتجارة الى جانبنا لأن لدينا مهمة خمس سنوات لوضع العلامة التجارية Made in Lebanon إضافة الى مبادرات فردية عدة.

ماذا خصصتم للمرأة؟

اقترحت على طاولة “Le Banquet”  أن يكون هناك يوما مخصصا للنساء ليتعرفن على بعضهن البعض ويتحدثن

فمن تجربتي الخاصة رأيت أن النساء لا يمكنهن التكلم مع بعضهن البعض بسبب بعض الأمور التافهة المتعلقة بالغيرة وعدم الثقة بالذات... وقد اقترحت هذا من مفهوم تمكين المرأة للمرأة كما أنه لدينا مجموعة رائعة من النساء متحمسات ليتحدثن مع بعضهن البعض.

ما هي المواضيع التي سيتحدثن بها؟

أهم شيء اليوم أن نعي أن دور المرأة في المجتمع لا يزال متراجعا، وأنا برأيي أنه إذا وضعنا المرأة في الشق الإنمائي ستنجح أكثر من الرجل، وأنا بالنسبة لي كوني امرأة يشكل ذلك تحديا أخوضه يوميا. بالإضافة الى دور التربية والتعليم التي تتناسى أن الرجل معني بهذه القضية منذ الصغر مثله مثل المرأة.

من المحاضرات التي أعطيها لتلاميذي محاضرة بعنوان "المرأة، الفن، والعنف" وأقول لهم أن الفن باب لتمكين المرأة ليصبح لها صوتا لتعبّر به عن ما يدور في خلجات نفسها وعن أشياء خاصة تتجرأ على البوح بها أكثر من الرجل مثل لوحة فريدا كالو التي رسمت نفسها وهي تسقط جنينها وغيرها... لأن المرأة المعذبة في حياتها ستأتي لتعبر عن ذلك.

الى أي مدى لا يزال هناك إقبال على تلك المعارض؟

الناس يحبون المعارض الفنية لأنها تحتوي على كل شيء. التصميم هو مفهوم شبابي أما الفن فغالبا ما يستهدف الفئة العمرية المسنة المكتفية ماديا والهاوية تجميع القطع الفنية. ولكن بدأ الناس يعون أن تلك القطع التي ستدخل البيوت هي بمثابة قطعة من أثاث المنزل خصوصا عندما نشتري لوحة سعرها خمسين ألف يورو، يجب أن نخلق توازنا في المنزل أي تقليص عدد المفروشات لإبراز قيمة القطعة الفنية. وفي بعض الأحيان هناك تلك الشريحة الأخرى من الناس التي لا تستطيع ماديا أن تستثمر بتلك القطع فيأتون ليتفرجوا على المعرض لأهميته الثقافية ولتلمّس التفاعل بين القطعة ومصممها.

الى ماذا تطمحين بعد؟

أتمنى يوما ما أن تستعيد بيروت دورها في حين أن دبي هي الرائدة اليوم في هذا المجال. بيروت هي حضارة خمسة آلاف سنة وتاريخ عريق، على السياسيين أن يحبوا هذا البلد ويؤمنوا به لكي يحلق. بيروت لها مكانتها الخاصة في قلبي ولن يحل مكانها أحد. حلمي أن أرى في بيروت ميلانو الثانية وأن يحصل عرس في أيلول وأريد أن ننجح لكي نستمر في التطور.

مقالات قد تثير اهتمامك