بيروت العشيقة في معرض "Obsessions"

لا يكتفي معرض فيليب عرقتنجي الجديد، الذي يضمّ صوراً فوتوغرافية وشرائط فيديو، بتوفير لمحات مذهلة عن ماضي بيروت وحاضرها، بل يسلّط الضوء على عمق مشاعره حيال هذه المدينة.
 
يرصد المعرض الجديد لفيليب عرقتنجي الوجه المتبدّل لبيروت طوال عقودٍ، فيما يكشف النقاب عن علاقة حبّ، عمرها ثلاثين عاماً، تتّسم بالبُعد الشخصي والعمق الكبير الذي يصل إلى حدّ هوس هذا المخرج الحائز جوائز عدّة والمصوّر، بهذه المدينة.
 
افتُتِح المعرض، وعنوانه "Obsessions" (هواجس)، وهو من إنتاج نادين صدي زكّور وتنسيق مارين بوغاران في 3BEIRUT. يشمل المعرض  سلسلة من الصور الفوتوغرافية التي تعكس روح المدينة في لحظات معيّنة، إلى جانب عمل تجهيزي يدور حول الموضوع نفسه، يضمّ 3 شرائط فيديو يتم بثّها في الوقت نفسه.
 
بهذا، يصطحب عرقتنجي الجمهور في رحلة بصرية تجول في أروقة تاريخ بيروت الحديث، بهدف لفت الانتباه إلى هشاشة "ما لا يستمرّ طويلا". في موازاة ذلك، يسلّط الضوء على مجموعة من المشاعر التي تغلي في داخله تجاه هذه المدينة وكل ما قاسته. 
 
في هذا الإطار، يقول عرقتنجي: "لقد صوّرت بيروت، تماماً كما يصوّر عاشقٌ حبيبته، بذاك الشغف الذي يلامس حدّ الهوس، لا بل الهذيان. سواء في الليل أو النهار، في هدوئها أو قبيل العاصفة، بهشاشتها ومرونتها، بروحها وجوهرها، بأنوثتها، بطبيعتها التي تغلي غلياناً وبكل ما يجعل من بيروت مُلهِمتي...".
 
يضمّ المعرض مجموعة من الأعمال التي تتطرّق إلى مواضيع مختلفة، منها أوقات وقف إطلاق النار أثناء الحرب، إعادة الإعمار، البدايات والنهايات، الخسارة وإعادة الاكتشاف، الحب والخوف. أما الخيط المشترك الذي يجمع بينها فهو ذاك الهواء الموقّت الذي يتسرّب من كلّ منها، من عامل الحفريات خلال العمل، إلى الشابة التي تعود من أمسية ساهرة وتمسك بحذائها في يدها، وصولا إلى تلك الشقق المضاءة والمزدحمة بالسكان، وفيها تمضي الأعمال الروتينية اليومية. 
 
في موازاة ذلك، يسلّط الفيديو الثلاثي الضوء على التغييرات التي طرأت على بيروت وذلك عبر منح الزوار فرصة مقارنة مواقع محدّدة في مراحل زمنية مختلفة. بعد أعوام من الأبحاث والمراقبة، يشتمل كل فيديو على مشاهد وصور انطلاقاً من نقطة محدّدة في تاريخ بيروت: عشرينات القرن الفائت وتسعيناته والحاضر. اختار عرقتنجي الموضوع الأساس لعمله نقطة التماس، أي حيث تتلاقى خطوط الـ"بيروتين" الشرقية والغربية، وذلك في مكان قريب من بيته الطفولي وفي منطقة تحوّلت نقطة اشتعال خلال سنوات الحرب، لتكون المسرح الرئيسي للتصوير.
 
من خلال هذا المعرض، تسطع المشاعر العميقة التي يكنّها عرقتنجي لبيروت، حتى وإن كان يرثو بعض ملامح ماضيها ويعبّر عن تخوّفه على مستقبلها. رغم ذلك، تعيد أعماله التأكيد أيضا أن هذه المدينة تتمتّع بما يكفي من المرونة والشخصية المميّزة، في مواجهة التحديات والتغييرات.
 

مقالات قد تثير اهتمامك