الشهرة لا تتملّكني وجلّ ما أريـد أن أمتلكه هي محبّـة الله

أمام رجلٍ لا تكسره الأحزان تقف عاجزاً عن تعزيته لأنّك تكتشف أنّ إيمانه القويّ ملأ قلبه وكيانه سلاماً لا يوصف. هذا هو حال وسام بريدي بعد رحيل توأم روحه عصام؛ إنسانٌ مفعمٌ بالأمل، متمسكٌ بالرّجاء وبالمسبحة الورديّة التي لا تفارق يده، قويٌّ جبّارٌ ومنكسرٌ في آن، لكنّ انكساره هو فقط انسلاخٌ عن رفيق دربه لا انكسار الرّوح لأنّه يؤمن بالانتقال إلى الحياة الأبديّة حيث لا وجع ولا حزن.

وسام، ما هي التّغيّرات التي طرأت على حياتك بعد رحيل شقيقك؟

واقعيّاً نحن نعيشُ حسرةً وشعوراً بالفراق، فهذا الشّخص كان يستحقّ أن يبقى بيننا، وأن نُحقّق معاً الأحلام والمشاريع التي خطّطنا لها، أمّا روحيّاً، فالإيمان بالله يقوّيك ويغرس فيك الرّجاء، فمنذ صغرنا تربّينا على كلمة الله وأنّ حياتنا هي تحضيرٌ للعبور إلى الحياة الثّانية الأبديّة، وهذا ما يُعزّينا. إيماننا لم يخلق يوم الحادثة، لقد كنّا متيقّظين ومجهّزين لهذه اللّحظة، لحظة الموت.

لو لم نكن جاهزين لهذه المرحلة لكنّا لحقنا بعصام

يعني لو لم تكن جاهزاً لكنت الآن تعيش عواقب الصّدمة؟

أعتقد أنّه لو لم نكن جاهزين لهذه المرحلة لكنّا لحقنا بعصام.

كثرت التّخمينات حول سبب الحادث، وإحداها أنّه كان «سكرانَ»...

لا تهمّني ولم أسمعها، فهذه تحليلاتٌ فقط. في ذاك النّهار، استيقظ عصام باكراً وكان لديه الكثير من الأعمال كي يُنجزها، وليلاً توجّه إلى عمله حيث يغنّي. في تقديري أنّ التّعب تغلّب عليه أثناء القيادة. نحن لدينا مطاعمُ ونعلم أنّ القيادة تحت تأثير المشروب تؤدّي إلى حوادث سير، فكيف له أن يقع في هذه الأخطاء؟!

قدوةٌ صالحةٌ للآخرين

وسام، هل هذا الألم ساهم في تغييرك بهذه السّرعة القياسيّة؟

أنا إنسانٌ مؤمن، والإيمانُ بالنّسبة إليّ ليس التزاماً أو فرضاً واجباً عليّ، بل علاقة صداقةٍ مع الرّبّ على عدد ساعات النّهار، وأثناء عملي وسهراتي، وفي سلوكي أيضاً. أينما أكن يكن الرّبّ صديقاً لي في حياتي الرّوحيّة. أنا وعصام نعتقد أنّ الله إلى جوارنا دائماً، حتّى في سلوكنا مع الآخر....

لم تسنح لك الفرصة سابقاً أن تُظهر للمشاهدين الجانب الرّوحيّ من شخصيّتك؟

الله اختارنا وأعطانا النّجوميّة والشّهرة ومحبّة النّاس والكثير من النِّعم لكي نكون قدوةً للآخرين. اجتهدنا وبذلنا قصارى جهدنا في هذه الحياة من أجل أن نصل إلى قلوب النّاس، والله سهّل مسيرتنا هذه، وهو الذي يقرّر متى يُنهيها. عندها يجب أن نكون جاهزين ومتيقّظين لهذه اللّحظة فلا أحد يعلم متى تُخطف روحنا!

جمال، مال، شهرة... هل بهذه السّهولة تخلّيت عن التّمتّع بهذه الأمور الدّنيويّة لتتّبع وصايا الله؟

هذه الأمور التي هي محور حياتي لا تمنعني من تكريس ذاتي لله وأن أسير على الدّرب الصّحيح، فالشّهرة لا تتملّكني ولا تشترط عليّ أن أعيش في الخطيئة وأمارس الزّنى أو المُساكنة... جلّ ما أريد أن أمتلكه هي محبّة الله.

إرادة الحياة

ما هي رسالتك الآن، وهل لديك مخطّطٌ ما؟

نحن بصدد تأسيس جمعيّة «Will for Life» (إرادة الحياة)، هدفها تعليمنا كيف نخلق نعمةً من الأزمة، وكيف نحوّل المأساة إلى رسالةٍ ومصدر أمل، وكيف نرسم طريقاً أو نضع خطّةً لحياتنا نستطيع بواسطتها التّعايش في هذه الأرض مهما واجهنا صعوبات، وهذه رسالةٌ مهمّة. هذه الجمعيّة تعتمد في عملها على الإيمان كونه يمدّنا بالقوّة.

كيف قضيت أعوامك الأخيرة مع عصام؟

كنا نترافق ونتشارك كلّ شيءٍ حتّى في العمل. لقد قضينا 34 سنةً معاً كانت من أجمل سنوات حياتي، وإنْ تشاجرنا كنّا نتصالح بعد عشر دقائق.

ذكرى خالدة

في أوّل ظهورٍ إعلاميٍّ لك بعد وفاة عصام مباشرةً، قلت حرفيّاً: «إنْ كان أحدكم متشاجراً مع أخيه أنصحه بألاّ ينتظر أكثر لكي يتصالح معه، لأنّ ليس هناك ما «يحرز». هذا الكلام كوّن علامة استفهامٍ عند أغلبيّة المشاهدين، فهل كان هناك أيّ خلافٍ بينكما في الآونة الأخيرة؟

أبداً، ولكنْ كثيرون من معارفي لا يقدّرون قيمة الأخ ويعاملونه كشخصٍ على هامش الحياة.

هل هناك أيّ شيءٍ تندم عليه كنت قد اقترفته بحقّ عصام أو كلمةٌ قاسيةٌ وجّهتها إليه؟ وهل تريد أن تقول له شيئاً الآن؟

ليس هناك ما أندم عليه، وأقول لعصام فلترقد بسلام.

عصام لم يأخذ حقّه من أعماله ولكن جمهوره أنصفه

كما قلت عصام كان يزرع الفرحة في قلوب الآخرين، إلاّ أنّه كان حزيناً ولم يُظهر ذلك أمام العلن. فما كان سبب حزنه؟

مستقبله والعراقيل التي واجهها، حتّى إنّه لم يأخذ حقّه من أعماله وكانوا يتحكّمون بنجوميّته، ولكنّ جمهوره أنصفه.

هل كسرهُ الحبّ يوماً؟

عصام عاطفيٌّ وحنونٌ جدّاً.

أحقّاً كان سيعقد قرانه؛ فكما قلت إنّك كنت ستكون إشبينه؟

لا، ولكن هذا ما كان يُفترض أن يحصل، فتكوين عائلةٍ هي من أحد أُسُسِنا.

وهل وفاته حافزاً لكَ كي تتزوّج باكراً؟

بالطّبع، وإنْ أكرمني الله بصبيٍّ فسأُطلق عليه اسم عصام، كي أُخلّد ذكرى أخي في العائلة.

المرأة والزّواج

أيمنعك إيمانك من الارتباط بفتاةٍ غير مؤمنة؟

«اللّي متلك بيجي لعندك». قد تكون ملائمةً لغيري، فهي لا تندمج مع معتقداتي.

ماذا لو كانت سطحيّة؟

بالطّبع لا أتزوّجها، لأنّها لا تساعدك في تأسيس العائلة.

ما هي الصّفات التي تبحث عنها في الفتاة؟

هي الفتاة التي أكون بجوارها ولا أشعر بالوقت معها. أنا أعتقد أنّ العلاقة يجب أن تكون متكاملة، وأنا أؤمن بالمرأة المُنجزة، وفي رأيي الخاصّ المرأة فعّالةٌ أكثر من الرّجل لأنّه يتكلّم أكثر ممّا يُنجز!

هل تعدّ نفسك رجلاً شرقيّاً بعقليّته؟

أنا شرقيٌّ لناحية الاحترام.

هل أنت مع الزّواج المدنيّ؟

لستُ ضدّ الفكرة، ولكنّي أُفضّل أن أبني عائلتي على أسسٍ متينة.

هل امتلكت قلبك حواء؟

سرّ النّجاح في الحياة والسّلام لا تستطيع كسبه إلاّ من حواء.

مقالات قد تثير اهتمامك