لوحات تحاكي الطبيعة من توقيع الرسامة نانسي بطرس

هناك مواهب دفينة لدى قسم كبير من الناس، مواهب تنتظر ان يكتشفها صاحبها أو أن يُلقى عليهم أحدهم الضوء لتظهر للعيان... من المهم ان يخصص الانسان بعض الوقت للتفكير الذاتي ويجلس بهدوء للغوص في أعماق نفسه والتأمل فيها، هذا يساعده على فهم نفسه وبالتالي قادراً على اكتشاف موهبته الخاصة. هي لم تدرس الرسم ولكن منذ الصغر يستهويها فن الرسم كونها ترعرعت في منزل يحب الفنون على أنواعه فأخذت ريشتها وراحت ترسم لوحة تلو الأخرى ... انها الرسامة الموهوبة نانسي بطرس التي استطاعت ان ترسم 40 لوحة خلال الحجر المنزلي الصحي اثر اعلان التعبئة في البلد مع بداية جائحة الكورونا ولقيت أعمالها الفنية الكثير من الردود الايجابية، وحظيت بتشجيع الأهل والأصدقاء لتنمية موهبتها وبضرورة عرض هذه الأعمال الفنية أقله في مواقع التواصل الاجتماعي لكي يتسنى لمحبي الفنون مشاهدة تلك اللوحات الجميلة.
ولنتعرف أكثر على موهبة نانسي بطرس كان لنا هذا الحوار:

* كيف بدأت بالرسم؟ ولماذا أردت الدخول الى عالم الرسم؟
لم أكن بعيدة عن جو الرسم فلقد ترعرعت في كنف عائلة تحب الفنون، والدي نحات وله الكثير من اللوحات نحتية، اذ زرع فينا حب الرسم والموسيقى وبالفعل كل من أخوتي لديه موهبة سواء بالرسم او تصميم الأزياء او الموسيقى او الابداع الاعلاني... بالنسبة الي فرسمت أول لوحة في كانون الثاني (دبسمبر) 2020 عندما بدأ الحراك الشعبي في البلد حيث خرج اللبنانيون الى الشوارع لينتفضوا على الواقع المرير الذي كان يمر به البلد ولا يزال، اذ أغلقت الشوارع وحرقت الدولايب ولم نتمكن من الوصول الى أعمالنا وكما حال الكثير من اللبنانيين لازمنا بيوتنا، وفي تلك الأثناء تسنّى لي الوقت لأتفرغ لهواية أحببتها منذ الصغر ولكن ظروف الحياة وأيضاً اختيار اختصاص بعيد عن الفنون اذ درست السياحة ولكن كما يعاني الكثير من الطلاب لا يجدون فرصة عمل ضمن اختصاصهم فيعملون في اختصاص آخر، وهذا ما حصل معي اذ عملت في مناصب ادارية، ولكن كنت أشعر دائماً أن أجد طريقة أعبر عما بداخلي ولكنني لم أعلم ما هو بالتحديد. وهكذا مضت الأيام ما بين العمل وانشغالات الحياة الى أن حانت اللحظة المناسبة لابراز الموهبة التي كانت مدفونة بداخلي ولم أعرف أنني أمتلك تلك الموهبة.
وتتابع:
تفاجئت بنفسي واذ بي لا شعورياً أرسم لوحة لمنظر طبيعي لأنني أحب الطبيعة كثيراً فعبّرت عن ذلك من خلال تلك اللوحات التي أثارت اعجاب الكثيرين مما دفعني لرسم المزيد من المناظر الطبيعية. مع العلم أنني ظننت في البداية أنه بسبب الجلوس في البيت حيث لا نقدر ان نصل الى مكاتبنا ولكن في الحقيقة كان الرسم هو ما كنت أبحث عنه منذ وقت طويل. وفي تلك الأثناء تسنى لي الوقت لأتابع وأتعلّم كل ما يتعلق بفن الرسم. وبالأساس انني متأثرة بالكثير من الرسامين العالميين الذين حققوا نجاحاً في مجال الرسم، ولا يغيب عن البال أن هناك أشخاص لم يدرسوا فن الرسم ولكنهم أبدعوا بأعمال الفنية لأنهم امتلكوا الموهبة والشغف. ومع بداية جائحة الكورونا واغلاق البلد لأسابيع انكببت أكثر على الرسم اذا أردت أن أستفيد من وقتي وأعوّض السنوات التي كنت منشغلة بالعمل والحياة. طبعاً في زمن الكورونا توقفت الحياة ولكن هذا لا يمنع بأن الانسان بأصعب الظروف يمكن ان يحقق ذاته ويبحث عما يمنحه الأمل والتفاؤل. بالنسبة الي فوجدت هذا الأمل والفرح في الرسم بالرغم من كل المآسي والمشاكل التي يمر بها بلدنا لبنان.


لوحاتي تحاكي الطبيعة
* انك مفتونة بالطبيعة اذ معظم لوحاتك هي مناظر طبيعية فلماذا اخترت ذلك؟
بالفعل لطالما انجذبت الى اللوحات التي تجسّد جمال الطبيعة. فالأماكن الطبيعية كانت ملهمة لكبار الرسامين العالميين الذين خلّدوا مشاهد ألهمتهم في أعمالهم وذاعت شهرتهم حتى بين من لم يزرها أبداً. انني من أشد المعجبين بالفنان العالمي (فان غوغ) ومن أجمل ما قاله عن الطبيعة (اذا كنت تحب الطبيعة ستجد الجمال أينما كان). كما أنني متأثرة بالرسام الفرنسي (كلود مونيه) الذي يُعزى اليه ظهور المدرسة الانطباعية احدى أوائل مدارس الفن الحديث عندما رسم لوحة "انطباع شروق الشمس". وأذكر هنا أيضاً الرسام الأميركي (بوب روس) الذي اشتهر بلوحاته الزيتية المستمدة من المناظر الطبيعية، واستاذه (بيل الكسندر)... بالنسبة الي فأشعر بسعادة عندما أرسم مناظر طبيعية وفي كل مرة اكتشف سبب تعلّق هؤلاء الرسامين العالميين بالطبيعة لأنها حقاً ملهمة.

لوحة الألم والألم
* كل لوحاتك تحاكي الطبيعة ولكنك رسمت لوحة واحدة فيها ألم نالت اعجاب الناس فما قصة هذه اللوحة؟
صحيح أنني أحب رسم المناظر الطبيعية والأشياء التي توحي بالجمال والسكينة والأمل، ولكن يوم وقع انفجار مرفأ بيروت في الرابع من آب (أغسطس) وجدت نفسي أرسم لوحة أعبّر فيها عن شعوري بالألم لما أصاب مدينتنا الجميلة بيروت وأهلها. لقد رسمت يد تحمل العلم اللبناني وهي تنزف دماً والنور ساطع من فوق لأنني أردت أن أبعث الأمل أيضاً في تلك اللوحة. على الرغم من الألم والحزن يبقى مكاناً للأمل وهذا ما عبرّت عنه في تلك اللوحة التي حظيت باعجاب الناس على صفحتي الفايسبوك والانستغرام.
 
* وهل تفكرين باقامة معرض لعرض لتلك اللوحات؟
منذ أن بدأت بالرسم شجعنّي الأهل والأصدقاء بألا أتوقف عن الرسم وأن أعرض تلك اللوحات من خلال اقامة معرض. ولكن نظراً للظروف الصعبة التي يمر بها البلد، سأقوم بتأجيل اقامة معرض. الا أنني أطلقت صفحة على الفايسبوك
https://www.facebook.com/Nancy-Boutros-Paintings-100929611744153
وأيضاً على الانستغرام
Instagram.com\nancyboutrospaintings
ليتسنى للجميع مشاهدة تلك اللوحات وابداء آرائهم وتعليقاتهم. يسعدني كثيراً تفاعل الناس الايجابي لكل ما أنشره من لوحات، وهذا يحفزّني أكثر لأرسم المزيد الى ان تحين الفرصة لاقامة معرض بظروف أفضل... ويبقى الأمل هو الذي يجعل لحياتنا معنى. فمن أساسيات السعادة في الحياة هو أن يكون هناك أمل ما في حياتنا نحاول الوصول اليه وتحقيقه سواء كان بفعل شيء نحبه وننجح به مهما كانت الأوضاع صعبة في بلدنا.
 
 
 
 
 

مقالات قد تثير اهتمامك