حازم شريف: الفـنّ سلب منّي الخصوصيّــة ولـي خطوطــي الحمــراء

حَمَل في حنجرته أصالة مدينة حلب وعراقتها، ورفع راية الطّرب والقدود الحلبيّة في زمنٍ يفتقر إلى كلّ ما يمتّ إلى الفنّ بصلة. وعلى الرّغم من أنّه لا يزال في ريعان الشّباب، إلاَ أنّه استطاع تحقيق النّجاحات في مدّةٍ وجيزة، والوصول إلى النّجوميّة والشّهرة متسلّحاً بموهبةٍ فذَةٍ وطاقاتٍ صوتيّةٍ جبّارةٍ وإحساسٍ مرهف. وفوق كلّ ذلك، تمكّن من توحيد الشّعب السّوريّ على حبّه في وقتٍ فرَقت السّياسة بينه.
هو «محبوب العرب» حازم شريف الذي خصّ «الحسناء» بهذا الحوار:

هل تعدّ نفسك فنّاناً محظوظاً كونك لا تزال في بداية مسيرتك الفنّيّة وتُطلَب للتّمثيل في عملٍ مسرحيٍّ من تلحين الفنّان خالد الشّيخ؟

بدون أدنى شكّ، والفضل أوّلاً وأخيراً يعود إلى ربّ العالمين. فالفنّان خالد الشّيخ اسمٌ كبيرٌ ومعروفٌ في السّاحة الفنّيّة وأنا من عشّاق فنّه. عندما اختارني للمشاركة في المسرحيّة الغنائيّة «الظّلال» سررتُ جدّاً. فهو كان يتابعني في برنامج «آراب أيدول» وَوَجد أنّ صوتي مُناسبٌ لأغنيات العمل. لا أُخفي عليك أنّها كانت مسؤوليّةً كبيرةً لاسيّما أنّها تجربتي المسرحيّة الأولى، لكنّني أحبّ دائماً أنْ أتحدّى نفسي في خوض تجاربَ جديدة.

«شو عاملي» أوّل أغنيةٍ خاصّةٍ لك أطلقتها أخيراً باللّهجة اللّبنانيّة، فهل تقصّدت ذلك مجاملةً للبنانيّين إذ إنّ انطلاقتك كانت من برنامج يُصوَّر في لبنان؟

إطلاقاً، لو كنتُ أريد مجاملة أحدٍ لكنت قدّمت القدود الحلبيّة لانطلاقتي، فهي تمثّل هويّتي وتراثي وتذكّرني بحلب وتُظهر قدراتي الصّوتيّة بطريقةٍ أفضل. كلّ ما في الأمر أنّني أريد أن أبني هويّتي الفنّيّة التي تُشبهني، وسألجأ بعدها إلى ألوانٍ أخرى.لقد كنتُ متأنّياً جدّاً قبل اختيار «شو عاملي»، وحرصت على أن أستشير أكبر عددٍ ممكنٍ من المنتمين إلى الوسط الفنّيّ الذين أثق بأرائهم، وهذا ساعدني كثيراً في انتقاء الأفضل.

مواقفُ سياسيّة

هل تؤمن بالخطوط الحمراء في حياة الفنّان؟

بالطّبع، فالخطوط الحمراء موجودةٌ عند كلّ إنسانٍ وليس عند الفنّان فقط. شخصيّاً، لديّ مبادئُ أحرص دائماً على التّمسّك بها وعدم التّخلّي عنها، ولا أنكر أنّني في المدّة الماضية تلقّيت عروضاً فنّيةً فيها تخلٍّ عن مبادئي فرفضتها.

وهل تؤيّد فكرة أن يعبّر الفنّان عن مواقفه السّياسية بطريقةٍ واضحةٍ ومحدّدة؟

السّياسة جزءٌ من ثقافة المجتمع. هناك بعض الفنّانين الذين يتعاطون السّياسة بدرجةٍ توازي إنتاجهم الفنّيّ وأحياناً تفوقه. بالنّسبة إليّ، أعي تماماً الحدود الفاصلة بين الفنّ والسّياسة لكن في المقابل لا أعتقد أنّ ثمّة حدوداً فاصلةً بين الفنّان والإنسان. فأنا أوّلاً وأخيراً إنسانٌ سوريٌّ عاش الأوضاع المضطربة والأحداث الأليمة التي أرغمتنا على ترك منزلنا في حلب وما فيه من مقتنياتٍ وذكريات، واختبر معنى العيش خارج حدود الوطن من دون أن تدري: هل هناك فرصةٌ للعودة من جديد إلى حيث ولدت وترعرعت وإلى رؤية أناسٍ عشت معهم أوقاتاً طُبِعت في وجدانك وذاكرتك؟!

واختبرت موت أقرب النّاس إليك أيضاً، والدك...

«بابا وماما كانوا منفصلين قبل وفاته»، وكنت أُقيم وإخوتي مع الوالدة، لذا لم أكن مقرّباً جدّاً منه. لكن بعد الأحداث الدّامية التي عصفت بسوريا وانتقالنا إلى لبنان بحثاً عن مكانٍ آمنٍ وعملٍ حتّى أعيل عائلتي، صار تواصلي دائماً مع والدي بواسطة الهاتف، فكانت فرصة لنا للتقرّب بعضنا من بعض، لاسيّما أنّه كان يجمعنا حبّ لعبة طاولة الزّهر. ولا أخفي عليك أنّ أكثر ما يؤلمني أنّنا حتّى اليوم لا نعلم القصّة الحقيقيّة وراء وفاة والدي، ولا أين دُفن، لذا لم نتمكّن من زيارة قبره. أتمنّى أن أعود في القريب العاجل إلى سوريا وتحديداً إلى منزلنا بحثاً عن العود الذي كان قد أهداني إيّاه الوالد، فهو من أغلى الهدايا التي تلقّيتها في حياتي.

مشوار «الحلم»

لماذا اخترت «آراب أيدول» دون سواه من برامج الهواة للمشاركة فيه؟

على الرّغم من متابعتي برنامجيّ «ذا فويس» و«أكس فاكتور»، إلاّ أنّني كنت أرى نفسي دائماً في «آراب أيدول» لمعرفتي أنّه من أكثر البرامج التي يُمكنني إظهار موهبتي فيه للنّاس.

هل كنت تشعر بأنّك ستفوز بلقب «محبوب العرب»؟

لقد كنت مؤمناً بأنّ الشّعب السّوري إلى جانبي، لا سيّما الرّسائل الدّاعمة التي كانت تصلني من داخل سورية، فأشعرني ذلك بالطّمأنينة. أطلقت على مشواري في «أراب آيدول» اسم «الحلم»، وسعيت جاهداً إلى تحقيقه. فوزي كان انتصارًا للفرح على الجرح السّوريّ النّازف والخيبات التي يعانيها الشّعب منذ أربع سنوات، ولا أنكر أنّني كنت أدعو طوال الوقت أن أحصل على اللّقب فقط حتّى أفرّح قلوب السّوريّين، وما كان يعزّيني أنّني لم أختبر الوقوف في منطقة الخطر لأنّ وقوف وطني بأسره في منطقة الخطر كان كافياً. واسمح لي أن أهدي فوزي من مجلّتكم إلى روح والدي الغالي الذي أنشدت له أثناء البرنامج أغنية الموسيقار ملحم بركات «يا حبّي اللّي غاب» التي كان يحبّها كثيراً.

هل هناك من حاول الوقوف في وجه هذا «الحلم» ووضع العراقيل في طريقك؟

هناك من كان يريد أن يتوقّف نجاحي عند ما حقّقته في برنامج  «أراب آيدول»، ولا يريدني أن أستمرّ في مجال الغناء. فهؤلاء هم أعداء النّجاح وأقول لهم إنّ الطّيبة لا تعني أن أتنازل عن حقوقي وأنفّذ رغبات الآخرين، فأنا لن أتخلّى عن أحلامي من أجل أحد، وسأبذل قصارى جهدي لتحقيق أهدافي وإثبات وجودي أكثر وأكثر في السّاحة الفنّيّة.

ضريبةٌ ومسؤوليّات

لماذا برأيك لم تحظَ بالاهتمام نفسه الذي ناله حامل لقب «آراب أيدول» في موسمه الثّاني محمّد عسّاف؟

محمّد عسّاف حالةٌ خاصّةٌ وأظنّ أنّ كونه فلسطينيّاً جعله ينال كلّ هذا التّعاطف والدّعم. أؤمن أنّ كلّ إنسانٍ يأخذ رزقه في هذه الحياة، وما كتبه الله لي سأحصل عليه شاء من شاء وأبى من أبى.

ماذا تعلّمت من تجربة "آراب أيدول»؟

الالتزام، والتّواضع، والاجتهاد، الاستماع إلى النّصائح وتحويل الأخطاء التي أقترفها، سواءٌ عن قصدٍ أو عن غير قصدٍ، إلى عِبرٍ أستفيد منها وأطبّقها في حياتي اليوميّة.

ألم تُغيّر فيك الشّهرة أيّاً من ذلك؟

لم تغيّرني أبداً، لا أزال كما عهدني كلّ مَن يعرفني عن كثب، إنّما المسؤوليّات ازدادت فقط. الشّهرة جعلتني أكثر سعادة، لاسيّما بعدما لمست حبّ جمهوري لي وإخلاصه ودعمه المستمرّ لي. لا أنكر أنّ مجال الفنّ سلب منّي الخصوصيّة وفرض عليّ قيوداً كثيرةً لكنّي أعدّها ضريبةً يدفعها الفنّان النّاجح.

عن الحبّ والأمنيات

ما الذي قد يؤثر في أدائك على المسرح؟

شكلي الخارجيّ، فإذا لم أكن مقتنعاً وراضياً تماماً عن مظهري وهندامي فإنّ ذلك يؤثر بنسبة 50 في المئة في أدائي.

ماذا عن الحبّ في حياتك؟

لا يوجد أحدٌ في حياتي حاليّاً، وكلّ اهتمامي وتركيزي منصبٌّ على عملي وفنّي. ولكن مع ذلك، فإنّ الحبّ لا مفرّ منه ولا بدّ أن يدقّ باب القلب ويدخل من دون إستئذانٍ عاجلاً أو آجلاً.

هل يمكن أن ترتبط بفتاةٍ من الوسط الفنّي؟

لمَ لا؟! فإذا أحببتها لن أتردّد في الزّواج منها.

 لو لم تكن فنّاناً، ماذا كنت؟

أستاذ موسيقى.

من هي الفنّانة التي تحبّ غناء ديو معها؟

رويدا عطيّة.

بعد كلّ النّجاحات التي حقّقتها أثناء فترةٍ وجيزةٍ منذ حصولك على لقب «محبوب العرب»، ماذا تتمنّى بعد؟

أتمنى أن أحيي حفلةً داخل سوريا وتحديداً في مدينتي حلب إذ لطالما وصلتني رسائلُ من كثيرين يقولون لي فيها إنّني استطعت توحيد السّوريّين على حبّهم لي. آمل أن يتوحّد السّوريون على حبّ وطنهم وتعود الحياة في وطننا كما كانت من قبل.

مقالات قد تثير اهتمامك