من الصّفر انطلقنَ ونجحنَ...

لم تتوقّف النّساء العربيّات عن النّضال في سبيل تحطيم الأفكار المُسبقة عنهنّ. حقّقن النّجاح بالرّغم من معوّقات التّمويل. تخطّين الأعراف السّائدة في المجتمع وانطلقنَ في خدمة الاقتصاد على الرّغم من أعباء العائلة والحفاظ على دورهنّ في تربية عائلة.

ميسون واجهت كلّ العادات والتّقاليد مجتمعها

ما كان أفكاراً جنونيّةً في المجتمع حوّلته خمسُ نساءٍ عربيّاتٍ رائداتٍ إلى «بزنس» ناجح. لم يكن الأمر بالنّسبة إليهنّ مغامرة، بل مثابرةً على العمل ساعاتٍ طويلةً وتصميماً على اختبار ساحاتٍ محلّيّةٍ وخارجيّةٍ وإثبات قدراتهنّ على خلق التّوازن في عالم الأعمال مع الرّجل... ببساطة، الأمر كان يتطلّب شجاعةً تحوّل الرّغبة إلى فعلٍ وإرادةٍ لتطويع الوقت.

ألين كمكيان: «التّحرّش بي خلق Mayrig»

منذ كان عمرها 14 سنةً كانت ألين كمكيان (لبنانيّة ـ أرمنيّة) تحاول الاعتماد على نفسها ماديّاً ببيع بعض المنتجات لأصحابها في المدرسة. وعندما بلغت الـ 17 عاماً توفّي والدها الذي فتح لها أبواب خبرته في الحياة. ولأنّ ألين التي تربّت في كنفِ عائلةٍ أرمنيّةٍ تقليديّةٍ تُشجّع المرأة على الزّواج وتأسيس عائلةٍ بعيداً عن النّشاط الاقتصاديّ، نصحتها العائلة بالزّواج، إلاّ أنّها رفضتْ مُختارةً العمل. محاولات التّحرّش بها طيلة مدّة عملها في بيع بوالص التّأّمين، كونها فتاة، دفعها إلى تمسّكها بما ورثته عن أبيها، أيْ حلم تأسيس مطعمٍ يقدّم المأكولات الأرمنيّة. هكذا عادت إلى الصّفر لتنطلق في رحلة التّواصل مع أصولها. تقول: «في العام 2003، قرّرتُ ونسيبي سيرج معكرون تأسيس مطعم «Mayrig» (يعني بالعربيّة «الأمّ الصّغيرة») في منطقة الجمّيزة في بيروت. لكنّ الموافقة على منحي قرضاً مصرفيّاً كان العائق الأساسيّ، لأنّه وبحسب القانون اللّبنانيّ، لا تُمنح المرأة قرضاً من دون كفيل. بعد أربع سنواتٍ استطعتُ الحصول على قرضٍ من مصرفٍ آخر، وبعد تسديده عملتُ على الاستثمار في «Mayrig» الذي يقدّم مأكولاتٍ أرمنيّةً سريعة التّحضير». في العام 2011 بات التّوسّع أمراً واقعاً سهّل لها الانطلاق نحو دبي ورياض لتضع المطبخ الأرمنيّ على الخريطة العالميّة. في العام 2014 حازت ألين من بنك اللّبناني للتّجارة (BLC) جائزة «رائدة الأعمال الأكثر تميّزاً للعام 2014».

ميسون عوده: «... لكي يكون للمرأة رأيٌ سياسيّ"

قرّرت ميسون عوده غنغات مختلفةٌ العودة من أميركا إلى موطنها في فلسطين المحتلّة حيث تعرّفت إلى زوجها الحاليّ. قرّر الزّوجان أن يؤسّسا إذاعة راديو ناطقةً باللّغة الأجنبيّة اسمها «رام أف أم». لم تمضِ سنةٌ حتّى قادها العدوّ الإسرائيليّ إلى السّجن بذريعة أنّها تهدّد السّلامة العامّة والثّقافة الاسرائيليّة. بعد خروجها وضعتها سلطات الاحتلال في الإقامة الجبريّة. بعد نحو ستّة أشهرٍ على انتهاء الإقامة الجبريّة، تعرّفت إلى شخصٍ سويسريّ الأصل اسمه «يان». الرّجل كان يدير منظّمةً لدعم تمكين المرأة في المنطقة ولديه مدرسةٌ للفتيات في أفغانستان. اقترح عليها «يان» تأسيس إذاعة راديو عن المرأة في فلسطين مهمّتها التّركيز على دور النّساء في الحياة العامّة في محاولةٍ لإخراج نساء فلسطين من دور المرأة التّقليديّ السّائد في المنطقة. بدأ البثّ في حزيران 2010 وغطّت الإذاعة الجديدة كلّ المناطق الفلسطينيّة، وكان يُمكن الاستماع إليها على الإنترنت أيضاً.
لاحقاً حصدت ميسون جوائزَ عدّةً من المحافل الدّوليّة وأسّست «نساء أف أم»، التي تسعى إلى تمكين المرأة اقتصاديّاً ليكون لديها رأيٌ سياسيٌّ واجتماعيّ. وفي إطار تعميم التّجربة على العالم العربيّ، أسّست إذاعة «Nisaa Network» بشراكةٍ أردنيّةٍ مصريّةٍ تونسيّة. تقول ميسون إنّ الأهمّ بالنّسبة إلى مشروعها ليس التّمويل بل الاستدامة. وبالرّغم من أنّها واجهت كلّ العادات والتّقاليد في المجتمع الذّكوريّ في مجال الرّاديو في فلسطين الذي يحسب أنّ الإذاعة تحفّز الثّورة ضدّ الرّجل، إلاّ أنّ الإذاعة تمكّنت من أن تكون منبراً لوزارة شؤون المرأة في فلسطين المحتلّة.

التّحدّي بالنّسبة إلى منى كـان فرض نفسها على المجتمع كسيّدة أعمال

منى عطايا: «لم أبحث عن المساواة مع الرجل»

تخلّت منى عطايا (إماراتيّة الأصل) عن دخلها الكبير عند أوّل فرصةٍ قدّمها لها أخوها للعمل في مجال الموارد البشريّة والتّوظيف. عادت إلى الصّفر بإرادتها سعياً وراء فكرةٍ مشتركةٍ مع أخيها. عُدّت هذه الفكرة في العام 2000 «جنونيّة» كونها تقوم على نقل مجال التّوظيف والموارد البشريّة من العمل الورقيّ إلى صفحات الإنترنت. في هذا الوقت اكتشفت أنّ تلبية حاجات الأمّ لمولودها الحديث أمرٌ غير متوافر، فراودتها فكرة إنشاء مؤسّسةٍ تلبّي هذه الحاجة. فأسّست «Mumz World».التّحدّي بالنّسبة إلى منى لم يكن في البحث عن مساواةٍ مع الرجل، بل في فرض نفسها على المجتمع كسيّدة أعمال.

زوج لميس كان العنصر الأوّل المساعد لنجاحها

لميس جوجو: «زوجي كان عنصراً مُساعداً»

لميس جوجو (لبنانيّة) تزوّجت عندما كان عمرها 23 عاماً. صغر سنّها لم يمنعها من تأسيس عملها الخاصّ وفتح مركز حضانة أطفال. كانت هي وأمّها شركتَين في هذا العمل الذي اقترضتا لأجل إطلاقه المال من زوجَيهما. بعد مرور سنةٍ على المركز، حقّق الأخير عائداتٍ كانت كافيةً لإيفاء رأس المال المُستدان. ثمّ بدأت مرحلة تحقيق الأرباح.
اعتمدت لميس على العمل الفرديّ بهدف تجميع رأس مالٍ يُتيح التّوسّع لفتح شركةٍ ثانية. بعد ثلاث سنواتٍ أسّست شركة «برودكشن هاوس» رغم مواجهتها مشكلة التّعامل مع أصحاب الشّركات المتعاقدة معها، بحيث كانوا يشترطون التّعامل مع رجلٍ لإنجاز الصّفقات. فوظّفت رجلاً وضعته في المقدّمة، في ما كانت هي مَن تتّخذ القرارات. استعملت أموال الشّركة الثّانية لتأسيس شركةٍ ثالثةٍ ثمّ أسّست مركز ترفيهٍ في أحد المولات في لبنان. لاحقاً أنشات محلاًّ خاصّاً لبيع ألعاب الفتيات مستندةً إلى فكرةٍ عالميّةٍ قامت بلبنَنَتِها. لميس أصبحت اليوم الرّئيسة التّنفيذيّة لشركة «سمايل هولدينغ» وفازت بجائزة «ستيفي» (2014) وهي من الجوائر الأرفع في مجال الإبداع عن أفضل شخصيّةٍ إداريّة. زوجها كان العنصر الأوّل المساعد لكلّ هذا النّجاح.

زينب مالك: «أمسكتُ بمهاراتي»

كان على المهندسة زينب مالك (عراقيّة - 38 عاماً) أن تختار بين عملها كأستاذةٍ جامعيّةٍ في العراق وبين الانتقال مع زوجها إلى السّويد. هناك انطلقت من الصّفر. عملت في البدء على تعلّم اللّغة السّويديّة، ثمّ حدّدت العناصر التي تحتاج إليها للنّجاح. أمسكت بأمرَين: المهارات والأدوات. وتصالحت مع نفسها. استعملت مهاراتها في الهندسة وأدوات التّواصل في المجتمع السّويديّ لتفتح باب عملٍ في إحدى الشّركات المحلّيّة. لم يطل الأمر قبل أن تقدّم لهذه الشّركات مشروعاً لتطوير المنطقة التي تسكن فيها. كُرّمت من محافظ المنطقة الذي طلب منها فتح مكتبٍ استشاريّ. لاحقاً، طوّرت مكتبها ليُصبح شركةً يعمل فيها ثلاثة مُهندسين، لكنّها واجهت مشكلةً في قنوات التّمويل المصرفيّة في السّويد حيث الفوائد باهظة، فاتّخذت قرارها في العودة إلى العراق حيث أسّست شركةً استشاريّةً في مجال العمارة مموّلةً من مستثمرين محلّيّين رغم الأفكار المُسبقة في العراق عن المرأة.

مقالات قد تثير اهتمامك