هل لي دورٌ فـي علاج اضطراب النّوم لــدى طفلــي

لا شكّ في أنّ النّوم حاجةٌ أساسيّةٌ توازي بأهميّتها الحاجة إلى الأكل. هذه الحاجة تبلغ ذروتها أثناء سنوات الطّفولة المُبكّرة وسنوات الشّيخوخة حيث تبلغ ساعات النّوم على الأقلّ عشر ساعات، وأحياناً قد تصل إلى ثلاث عشرة ساعة.

التّحدّث عن اضطرابات النّوم لدى الأطفال، أمرٌ شائعٌ بدءاً من الأشهر الأولى حتّى العام السّادس. معاً، سوف نستعرض أبرز اضطرابات النّوم التي قد يعاني منها الأطفال في إحدى محطّات تطوّرهم الجسديّ والنّفسيّ، كالأرق، والكوابيس والرُّعب اللّيليّ.

الأرق... بعض حالاته تدعو إلى القلق

يشتكي معظم الأهل من صعوبات النّوم التي يُعاني منها أطفالهم الّذين قد يستيقظون مرّاتٍ عدّةً في اللّيل من دون التّمكّن من العودة إلى النّوم بسهولة. هذا الأرق قد يظهر ظهوراً لافتاً في أواخر العام الأوّل من عمر الطّفل الذي يرفض الانتقال إلى حالة النّوم كونها تمنعه من مواصلة اللّعب، ولأنّه يخاف من ألاّ يرى أمّه عندما يُغمض عينَيه. هذه الحالة لا تدعو إلى القلق إلاّ عندما يبدو الطّفل جامداً، وغير مستجيبٍ للإثارات التي يتلقّاها من أهله.
قد يحدث الأرق أيضاً في أعمارٍ متوسّطةٍ (العام التّاسع أو العاشر)، مُخبّئاً مشاعرَ من القلق والخوف. تلك هي حال الأطفال الّذين يقلقون بشأن استعدادهم لامتحان الغد، فيستبقون الأمور سلبيّاً ويتنبّؤون بالفشل لأنفسهم. أو أيضاً الأطفال الّذين يشعرون بالقلق الشّديد عندما يفكّرون في الرّحلة المخطّط لها والمقرّرة يومَ غدٍ. هاتان الحالتان، يجب عدم الاستخفاف بهما أبداً، بل ندعو الأهل إلى طمأنة الطّفل وإعطائه الفرصة لمناقشة مخاوفه معهم، مع التّركيز على الجوانب الإيجابيّة للموضوع وبخاصّةٍ الواقعيّة منها مثل تحضير الدّرس مُسبقاٌ، والجهوزيّة التّامّة للامتحان...

الكوابيس تحتاج إلى التّعبير والإصغاء

غالباً ما يستيقظ الطّفل من حلمٍ مُزعجٍ يُخيفه، حلم مؤلّفٍ من مشاهدَ تُهدّد أمانه الجسديّ أو أمان أهله. هذا يُسمّى «الكوابيس» التي تظهر تحديداً في مرحلة النّوم غير العميق المعروف بـ «نوم الرّيم» (أو Rapid Eye Movement)، وتكثر بخاصّةٍ بين العام الرّابع والسّادس. هنا، من المهمّ أن نبحث عن العوامل التي قد تكون وراء هذه الكوابيس، والتي قد تتعلّق بتغييرٍ أساسيٍّ في حياة الطّفل مثل سفره إلى بلدٍ جديد، أو طلاق الأهل، أو الدّخول إلى المدرسة، أو وفاة أحد الأقارب، إلخ... فعندما يرى الطّفل كوابيسَ على الأقلّ مرّتَيْن في الأسبوع، على أهله أن يبحثوا عن السّبب ويتحدّثوا إليه بخصوص كلّ ما يُمكن أن يزعجه أو يُسبّب له القلق. إنّ حثّ الطّفل على التّعبير عن أفكاره ومشاعره، واستعدادنا للإصغاء إليه، شرطان أساسيّان لمساعدته على تجاوز حالة القلق التي يُعاني منها. أخيراً، نذكر فيما يخصّ الكوابيس، الدّور الكبير الذي تلعبه بعض الأحداث المُزعجة التي سبقَ أن تعرّضَ لها الطّفل أثناء النّهار، مثل تعرّضه للسّخرية من زملائه في المدرسة، أو فرض عقابٍ مهينٍ عليه من المُدرِّسة بحضور أصدقائه.

الرُّعب اللّيليّ تعكسه الصّراعات الحادّة

في النّصف الأوّل من اللّيل، يستيقظ الطّفل في حالةٍ من الرّعب يُعبّر عنها بواسطة البكاء الحادّ والصُّراخ. هذا الرّعب اللّيليّ يظهر أثناء العام الثّالث من عمر الطّفل الذي يستفيق وهو في حالةٍ من التّوتّر الشّديد، ويزيد بكاؤه وصراخه حين يتدخّل الأهل محاولين تهدئته.
قد تدوم حالة الرّعب خمس عشرة دقيقة، إلاّ أنّها تمرّ على الأهل كأنّها ساعة. لذا يُنصح الأبوان بحَضن طفلهما وتهدئته من دون التّحدّث إليه، والتّخفيف من الصّراعات اليوميّة الحادّة التي تُسيء إلى علاقة التّواصل بينهما وبينه، أو أيضاً المواجهات بينه وبين أخيه الأصغر (أو أخته) التي قد تكون خطرةً من حيث حدّتها وتكرارها. إنّ حالات الرّعب اللّيليّ تكثر في العام الرّابع والخامس والسّادس، وذلك نتيجة تعرّض الأطفال لمثيراتٍ مُخيفةٍ كالأفلام المُرعبة والصّور التي تحتوي على وحوشٍ أو مخلوقاتٍ غريبة. لذا، ننصح الأهل بمراقبة المشاهد التي يراها الطّفل على شاشات التّلفزة والكمبيوتر. ونُشدّد أخيراً على أهميّة الصّراحة في علاقة كلّ طفلٍ مع أهله، التي تعطيهم الفرصة لمساعدة أبنائهم، بالأسلوب المناسب، على حلّ المشاكل التي تعترضهم.

تأمين «السّلام الدّاخليّ»

إنّ كلّ طفلٍ به حاجةٌ ماسّةٌ ودائمةٌ إلى مَنْ يصغي إليه ويُشاركه أفراحه، وحماسه، وأحزانه، وتخيّلاته، ومخاوفه، فلماذا لا نلعب، نحن الأهل، دور المُستشار المُحَبّب إلى قلبه الذي يناقشه بتفهّمٍ من دون أن يلجأ باستمرارٍ إلى اللّوم والاتّهام؟! هكذا نكون ساهمنا مساهمةً كبيرةً في تأمين «السّلام الدّاخليّ» لدى أطفالنا.

مقالات قد تثير اهتمامك