"صمود وإصرار" عندما يملأ الفن المعاصر الأماكن العامة في بيروت

وقّعت جمعية ART IN MOTION أولى مداخلاتها الفنية في قلب المدينة بيروت بعنوان "صمود وإصرار". فنانون من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يعرضون أعمالهم المرتبطة بالأهمية التاريخية لحديقة رينيه معوض (الصنائع)، والمستوحاة من شعار "الصمود والإصرار"، إلى جانب فنانين عالميين. يقوم الفنانون العالميون المختارون بتنفيذ أعمالهم في الموقع، متفاعلين مع الممارسات الفنية المحلية والمواد الموجودة في المنطقة.

ويُذكرأن تأسيس الجمعيّة تمّ على يد كلّ من رانية طبارة ورانية حلاوي، وهما مشرفتان لبنانيّتان مستقلتان وريا فرحات، مديرة فنية مستقلة.

"صمود واصرار"

وفي حديث مع رانية حلاوي، قالت: "تنظّم  ART IN MOTION مداخلتها هنا من خلال جمع 24  فنان لبناني ودولي، وتجعل أعمالهم تنخرط في حوار في مساحة عامة، تعبق بالتاريخ.  انه الحدث الأول الذي يمثل قيمها وطموحاتها، وهو استثمار الأماكن العامة، ودعوة الناس لرؤية الأعمال الفنية والتفاعل معها".

وأضافت: "حدّدت المنحوتات والمنشآت، والفيديو، والتصميم، والأداء، منظور موضوع "صمود وإصرار"، الذي هو في صميم تساؤلاتنا اليوم، وأن المصالحة بين الماضي المؤلم والحاضر الفوضوي هي ممكنة... يمكّننا الفن من إيجاد علامات مرجعية ترسم طريق منير".

وتابعت حلاوي: "كما يتمّ تنظيم مناقشات عامّة طوال فترة الحدث، والتي تظهر أن الفن ليس ثقافةً فقط، بل هو أيضاً يتكامل مع أعمال المجتمع. وتهدف هذه الحوارات الحرة إلى جعلنا ندرك أن الفن هو تراثٌ راسخٌ للجميع. وإلى ذلك، تسلّط اللقاءات مع الفنانين والخبراء في الفن المعاصر الضوء على الإنجازات المحلية وتأثيرها على المشهد الفني الإقليمي والدولي. ويتم تنظيم ورش عمل تعريفيّة بأشكال مختلفة من التعبير: ورش عمل حول دمج الخط العربي في الفن المعاصر، ورشة عمل حول الهندسة المعمارية وغيرها".

أبرز 10 فنانين مشاركين

1-  آدا يو (كازاخستان) : ولدت آدا يو في جبال كازاخستان، لكنها انتقلت إلى لندن في سنًّ صغير للالتحاق بدراستها في مجال الفنّ. شقّت  طريقاً في معارض لندن من جامعة الفنون في لندن إلى جامعة سوذبيز. أقامت الفنانّة آدا يو صالة عرض خاصة بها في العاصمة البريطانية. وفي العام ٢٠١٠ أصبحت آدا يو مقيمة في باريس حيث تعرض أعمالها في أماكن عدة في فرنسا. "هذيان" هو عمل تجهيزي يمثّل دعوة مفتوحة إلى الفضاء اللامتناهي. يتجلّى الخيال في الفضاء الملموس ليعكس العالم الفلكي الباطني الذي يسكن كل إنسان.  يتألّف الغلاف الخارجي للعمل من موّاد عاكسة للضوء بينما الغلاف الداخلي مرصّع بالأحجار العاكسة للضوء. المدخل الضيّق يقود المتفرّج إلى داخل العمل التجهيزيّ حيث يلقى أرضيّة يكسوها رملٌ أبيض. تضيف النافذة في وسط التجهيز تأثير الانفجار نحو السماء.

2- توماس هوسياغو (المملكة المتحدة):  ولد توماس هوسياغو في ليدز في إنكلترا العام ١٩٧٢، ودرس في كليّة الفنون سنترال ساينت مارتنز ودي أتيلييه في أمستردام. انتقل بعد ذلك إلى بروكسل ومن ثمّ إلى لوس أنجلوس حيث يعيش ويعمل الآن. يعمل هاوسياغو بمنحوتات نُصُبيّة مجازيّة التي تجسّد القوّة والضعف في آن واحد. يستخدم الفنّان الموّاد المرتبطة بالنحت الكلاسيكيّ والمعاصر مثل الطين والخشب والجفصين والبرونز كما أنّه يستخدم موادّ أقلّ تقليديّة مثل قضبان الفولاذ والإسمنت والخيش. يستخرج هوسياغو مراجعه من الفنّ الشعبيّ وتاريخ التقاليد النحتيّة. يجمع العمل بين الاختبار في الأبعاد والهرميّة بالشكل. جالت أعمال هاوسياغو العالم بعدد من المتاحف والمدن.

3- زينة حماده  (لبنان): زينة حماده من مواليد لبنان العام ١٩٨٦. أتقنت زينة فنّ الهجرة. حصدت الفنّانة مجموعة مهارات لدعم عملها الفنيّ وذلك بفضل سفرها. أسّست حماده خبرة في قلّة خبرتها في الحرف مثل الأشغال الخشبيّة ونحت الحجر وتكوير النحاس وقولبة الطين ونسج الصوف والخبز ورواية القصص وذلك يقوم بدور بالغ الأهميّة في خياراتها الجماليّة. "سراب" هو عمل تجهيزيّ وعرض حيث الفنّانة تجلس على الأرض وتخبز خبز الصاج وتقدّمه للجمهور. تقضي ساعتين يوميّاً لتصنع الخبز وتقدّمه بأوعية مزخرفة بالصور والشعر من قبل أو عن الرحّالة في حياتها. تتحرّك الأوعية وتتبادل اليدين بين الجمهور وتمتلئ بالغبرة والخبز لتعود مجدّداً حولها خلال العرض. يُقدّم كلّ وعاء إلى شخص قد ترك منزله يوماً ما وذلك قبل أن يوضع في الفرن. مجموعة الأوعية سلسة مع احتمال تحطّم بعض الأوعية وفقدانها وإضافة أوعية أخرى خلال العرض. تجسّد المجموعة أرشيف قصصٍ تذكّر الفنّانة وربمّا جمهورها بأنهّا تنسى ما تعلّمته وبأنّها تسيّس ما بدا في بادئ الأمر بأنه مجرّد أشخاص وآثار وأشياء رُمِيَت حول العالم.

4- عبد الرحمن كتناني (فلسطين): ولد الفنان الفلسطيني عبد الرحمن كتناني في مخيمات صبرا وشاتيلا في بيروت. عمله يستدعي حياة اللاجئين التي تمثّل حياة الفنّان نفسها. بدأ عبد الرحمن عمله في الفنّ في مجال الرسم منذ سنّ صغير جدّاً الذي هو في حدّ ذاته دلالة على صموده. يبحث كتناني في عمله على ثنائي الأمل وفقدانه والمعاناة والنعيم، الصمود والدمار ممّا يبقي فنّه وفيّاً لمادة عمله ألا وهي حياة اللاجئ الفلسطيني في المخيّمات.التزامه بالهيكل البنيوي المادّي للمخيّمات دفع كتناني لتصنيع أعماله من موّاد بسيطة مثل التنك، الكرتون وخرقات القماش. تتبدّد وظيفة الموادّ وتصبح المادّة المستخدمة مؤثرة بقدر موضوع العمل. يحتفل فنّ كتناني بشعب لا يعرف اليأس ويكشف عن تجاربهم وشدائدهم.

5- فيكا كوفا (روسيا) : ولدت الفنّانة فيكا كوفا في الإتحاد السوفياتي السابق وترعرت في ألمانيا. انتقلت ما بعد ذلك إلى هولندا حيث عملت كموسيقيّة ومؤديّة ومن ثمّ فنّانة فيديو ووسائط متعدّدة. يستدعي عمل الفنّانة فرديّة في أسلوبها الموسيقيّ والصوري وتوظيفها للتكنولوجيا القديمة والحديثة. حثّتها علاقتها بالشرق الأوسط إلى قيادة مشروع "السلام في الشرق الأوسط" في هولندا والمنطقة الشرق أوسطيّة.

"قوى العالم – هي" هو مكعّب فيديو يختبر فكرة الصراع والهجرة التي تجسّدها الأنثى. يشهد المتفرّج على الجمال والمجتمع المضطرب من خلال صور لعيون النساء. تعكس العيون القوة والشدّة كما يعكسها المنظر الطبيعيّ في أي مدينة.

6- كارين ديبوزي (فرنسا): الفنّانة الفرنسيّة كارين ديبوزي من مواليد العام ١٩٧٥. تخلق الفنّانة  أعمالها كالتجهيزات والمنحوتات والصور بأسلوب متعدّد التخصّصات. حصلت على ماجستير في الأدب الحديث في الكليّة الوطنيّة العليا للتصوير في آرل. يتمحور عمل ديبوزي حول المادّة العضويّة والقصور الحراري (إنتروبيا). تكمن النوعيّة البلاستيكيّة والأسلوب المبسّط في تجهيزات ومنحوتات الفنّانة من خلال توظيف الموّاد المعاصرة التكنولوجيّة. هذه المعالجة تعيد إختبار الرموز والعلامات وتحقّق في الأشكال الرمزيّة. تلزم الفنّانة موّاد عدّة للتساؤل عن العلاقة بين طبيعة الإنسان وبيئته والآخر. تخلق ديبوزي وحدات مستقّلة التي تنّظم وتمتزج بالفضاء عبر مجسّمات شبيهة بالإنسان. يصاغ العمل في العلاقة التي يخلقها مع الفضاء الذي يتدّخل فيه. هذا الإعداد المتعلّق بمحيط الفضاء قد وجّه الفنّانة نحو ابتكار يرتكز على الموقع الذي يتواجد فيه. أمّا الموّاد المعاد استخدامها فهي تؤدي إلى تتبّع ناتج عن حوادث أو أخطاء في التنفيذ. هذا المنهج الذي يعتمد على الاكتشاف والاختبار يصل الفنّانة إلى مفاهيم جديدة عن التكوين وتحوّلاته. يظهر تخريب المّواد القيمة الشاعريّة لما هو عاديّ.

7- لطفي رومحين (سوريا): ولد النحّات الدمشقيّ لطفي رومحين العام ١٩٥٤. يعمل الفنّان بالصخر والخشب. درس رومحين النحت في أكاديمية الفنون الجميلة في كارارا في إيطاليا العام ١٩٨١. تتطرّق منحوتاته المصغّرة والنُصبيّة إلى النقاوة والجمال وهي مصنوعة من الصخر والخشب والمعدن. حاليا، يعمل الفنان بالفولاذ المقاوم للصدأ على التماثيل الضخمة. سمّي عمل النحّات بالافتتان المقنع بالتكوين ويعود ذلك لبحثه عن التوتّر رغم براعته في التواصل مع الأشكال والموّاد.

8- محترف بقجة (لبنان):  محترف بقجة في بيروت يتخصّص في تصميم الأثاث والتجهيزات وتصنيعها. يعمل المحترف على خلق تجهيزات شخصيّة وملموسة مستخدماً الأقمشة.  يحافظ  مشغل بقجة على تقاليد  سرد القصص من خلال التقنيات الموّظفة كالتطريز فيحرص على استمرارية التقاليد المحليّة ويعيد صياغتها بأسلوبٍ معاصر. يسعى محترف بقجة إلى تحفيز المتفرجين على التفاعل معاً بتوظيف وزن أجسامهم. "أرجحني" هو عمل تجهيزي يتطلّب وزن الشخص المقابل لرفع وزن من يواجهه.

9- يازان حلواني (لبنان): ولد يازان حلواني في بيروت في لبنان العام ١٩٩٣. خلال نشأته، أدرك مخلّفات الحرب الأهليّة وانشقاق الهوّية. ثقبت جدران المدينة بالقدائف وامتلأت شوارع ومناطق بيروت بالرسومات التقسيميّة. تعرّف حلواني على فنّ الغرافيتي في سنٍّ صغير حيث أنّه وجد رؤية تخالف سيطرة الهويّة التي خلقها السياسيّون في المدينة وقد ثبّتتها الحرب. العام ٢٠٠٩، بدأ يازان بخلق جداريّات ضخمة على جدران بيروت. ومع حلول العام ٢٠١٢، قام الفنّان بتشكيل لغة بصريّة متميّزة باستخدام الخطّ العربي والهندسة وصور شخصيّات ممّا خلق فنّاً عربيّاً يلتزم بالتقاليد ولكنّه يبعثر ركوده. يمكن رؤية أعمال يازان حول العالم في لبنان، والأردن والإمارات وتونس وألمانيا وسنغافورة وفرنسا والولايات المتحدة وقد نشرت أعماله في عدد من المطبوعات والمجموعات.

10- شوقي شوكيني (لبنان): ولد الفنّان شوقي شوكيني العام ١٩٤٦ في بلدة شوكين، جنوب لبنان. كان شوكيني طالباً في المدرسة العليا للفنون الجميلة في باريس حيث حاز على جائزة النحّات الشابّ العام ١٩٧٨. اتخذ الفنّان دور التعليم في الجامعة اللبنانية في طرابلس كما أنّه درّس النحت في جامعة اليرموك الأردنيّة.انتقل بعد ذلك الى فرنسا حيث يقيم ويعمل. فنّان يحتفى به حول العالم، فقد حصد جائزة مؤسسة  تايلور العام ٢٠١٠ وشارك في معرض الجسد المكشوف في معهد العالم العربي العام ٢٠١٢ بعرض ٧ منحوتات. يعمل النحّات شوقي شوكيني بالخشب والحجر فيعدّل المادّة الصلبة والتجويفات بدقّة عالية لينقل انطباع انعدام الوزن. سمّى المفكّر والشاعر صلاح ستيتيه لقّب الفنّان بال"باروك الرصين" نسبة لأمانته للمادّة والضوء والتكوين. تبدو منحوتات شوكيني أشبه بالتماثيل الكلاسيكيّة لكنّها تغازل تيّار ما بعد الحداثة في النحت. أدّى هوس النحّات بالضوء إلى تصنيفه بالنحّات النادر في القرن الواحد والعشرين.

مقالات قد تثير اهتمامك