سلمى حايك: «فيلــم «النّبي» رسالــة حبٍّ منّـي إلــى القطعـة اللّبنانيّة من قلبي»

لم تعد سلمى حايك تقلق للتّقلّبات في مهنتها كممثّلة. فزواجها من الملياردير الفرنسيّ فرانسوا هنري بينو، الرّئيس التّنفيذيّ لمجموعة «بينولت - برينتان - رودوت»، إحدى أكبر شركات تصنيع السّلع والملابس الفاخرة في العالم، قد غمرها بالسّعادة وراحة البال، ومنحها أسرةً مُحبّةً تعتني بها.

لدى وصولها إلى مهرجان «كان» السّينمائيّ برفقة ابنتها فالنتينا البالغة من العمر 7 سنواتٍ اعترفت حايك بأنّها أحياناً «أمٌّ تُبالغ في الحماية»، ولكنّ الأمومة أعطتها أيضاً شعوراً بتحقيق الذّات يفوق كلّ ما تصوّرته يوماً.

سلمى حايك: «فيلــم «النّبي» رسالــة حبٍّ منّـي إلــى القطعـة اللّبنانيّة من قلبي»

عمل قيد التطوّر

حضرت حايك إلى «كان» للتّرويج لمشروعها الجديد، وهو رسومٌ متحرّكةٌ مقتبسةٌ من كتاب «النّبيّ» الأسطوريّ لـ جبران خليل جبران. وقد عملت ثلاث سنواتٍ على إنتاج المشروع وطلبت من تسعة مخرجين لأفلام الرّسوم المتحرّكة المساهمة في تقديم تفسيراتهم الخاصّة لشعر جبران. فهذا المشروع عزيزٌ جدّاً على قلب حايك لأنّ جبران لبنانيّ الهويّة مثل والدها، ولطالما حلمت بإحياء كتاب «النّبيّ» بوساطة فيلمٍ روائيٍّ طويل. وقد استطاعت تقديمه كعملٍ قيد التّطوّر في مهرجان «كان» حيث عبّرت شركات شراءٍ وتوزيعٍ عن حماسها واهتمامها الكبير به.

«كان»... تعويض لابنتي

سلمى حايك: «فيلــم «النّبي» رسالــة حبٍّ منّـي إلــى القطعـة اللّبنانيّة من قلبي»

سلمى، ما شعورك لكونك في مهرجان «كان»؟

رائع! أحبّ أن أحضر إلى هنا، وقد تمكّنتُ من أن أجولَ مع ابنتي فالنتينا في الأنحاء. إنّها متحمّسةٌ لكلّ ذلك ومن المُمتع لي أن تُرافقني.

هل من المهمّ بالنّسبة إليكِ أن ترى ابنتك والدتها في مهرجانٍ عالميٍّ للأفلام؟

(ضاحكةً) بطبيعة الحال. لقد شاهدتْ بعض أفلامي وأصبحت الآن تعرف أكثر عن حياتي الأخرى كممثّلة. أريدها أن تُقدّر هذا الجانب من حياتي. لقد عملتُ جاهدةً أثناء السّنوات الثّلاث الماضية على هذا الفيلم وسمعتني ابنتي أتحدّث عن ذلك (على الهاتف) كلّ ليلةٍ قبل أن تخلد إلى النّوم لأنّني كنتُ أتّصل بلوس أنجلوس حيث يُباشر النّاس عملهم في تلك السّاعة. إنّ ابنتي تخلد إلى النّوم في وقتٍ متأخّرٍ  نظراً إلى كثرة انشغال والدتها في بعض الأحيان، لذا فإنّ إحضارها إلى «كان» هو تعويضٌ لها نوعاً ما.

حفيدة جدّي المفضّلة

ما الذي جذبك في كتاب النّبيّ لـ جبران خليل جبران؟

كان كتاب «النّبيّ» باستمرارٍ إلى جانب سرير جدّي اللّبنانيّ الأصل. عندما أعدتُ قراءته بعد أن كبرتُ تعرّفتُ أكثر إلى جدّي... ومنذ ذلك الحين لم تنفكَّ تربطني علاقةٌ عميقةٌ بالكتاب وكان من المهمّ بالنّسبة إليّ أن أجد وسيلةً لجلب العمل إلى جمهورٍ أكبر وأعرّف جيلاً جديداً إليه. كنت قريبةً جدّاً من جدّي وكنت أيضاً حفيدته المفضّلة. وعندما توفّي كنت في السّادسة من العمر وقد لازمتني صورة هذا الكتاب مذّاك ولم تفارقني يوماً.

هل هذا ما دفعك لإنتاج هذا الفيلم؟

نعم. هذا هو السّبب، وأيضاً حقيقة أنّ الملايين من النّاس في جميع أنحاء العالم قرأوا كتاب «النّبيّ» من دون أن يُترجم إلى فيلم، لذا كان إيجاد طريقةٍ لإحياء شعره وكلماته تحدّياً بالنّسبة إليّ. وأدركتُ أنّه يُمكنني إنتاج فيلم رسومٍ متحرّكةٍ رائع. وعليه سألت تسعةً من مخرجي الرّسوم المتحرّكة الأكثر تميّزاً في العالم من اجل العمل على المشروع وأعطيتهم الحرّيّة الكاملة لخلق قصصهم الخاصّة على أساس الكتاب.

نصيحتي للمرأة كوّني نفسك ودلّلي شغفك!

... سيذكّرها بجذورها!

ولماذا فيلم رسومٍ متحرّكةٍ بالتّحديد؟

أردتُ أن يختبر المشاهد فلسفة الكتاب بوساطة عيون الأطفال. فالفيلم هو دعوةٌ للحديث عن أمورٍ جدّيّةٍ ومهمّةٍ في الحياة بطريقةٍ بسيطةٍ للغاية، حتّى السّذاجة. والرّسوم المتحرّكة هي الطّريقة الوحيدة التي تسمح بتحقيق ذلك.

ما هي العبرة التي سيستخلصها المشاهدون من الفيلم برأيك؟

ينطوي كتاب «النّبيّ»  على الكثير من الشّعر والفلسفة اللّذين يخاطبان الجميع. إنّ أبرز ما يدعو إليه هو التّحلّي بالإيمان والشّعور بالتّعجّب من أمور العالم وإيجاد معنًى عن طريق طرح أسئلةٍ عن الحياة. في بعض الأحيان، إنّ تلك القدرة على التّفكير في العالم ومقاربته بهذه الطّريقة أكثر أهمّيّةً من إيجاد أجوبة، هذا إنْ وُجدت أجوبةٌ محدّدةٌ أصلاً.

تصوير «النّبيّ» هو طريقتك لتكريم جذورك اللّبنانيّة وحبّك لجدّك. هل هذا أيضاً إرثٌ تتركينه لابنتك؟

طبعاً. إضافةً إلى كون الفيلم أمثولةً جميلةً في شؤون الحياة، هو أيضاً سيذكّرها بأصولها، لأنّه رسالة حبٍّ منّي إلى القطعة اللّبنانيّة من قلبي... وأريد أن تتعرّف ابنتي بدورها هذا الجانب من تاريخ والدتها إلى جانب جذورها الفرنسيّة. فمن المهمّ للأطفال أن يكون لديهم جذورٌ يرتبطون بها.

سلمى حايك: «فيلــم «النّبي» رسالــة حبٍّ منّـي إلــى القطعـة اللّبنانيّة من قلبي»

...أن أكون زوجةً وأمّاً صالحة

تعيش حايك (47 عاماً) مع زوجها فرانسوا هنري بينو في باريس ومع ابنتهما فالنتينا وولديّ بينو من زواجٍ سابق: فرانسوا (17 عاماً) وماتيلد (14 عاماً).
لم تبدُ حايك يوماً أكثر إشراقاً ونحالةً ممّا كانت عليه في السّنوات الأخيرة. تقول حايك: «لقد كنتُ مندفعةً للغاية عندما جئتُ إلى لوس أنجلوس ومصمّمةً على أن أقطف النّجاح». وتضيفُ قائلةً: «لكن لمَا كانت حياتي مكتملةً لو لم أكوّن عائلة. الأهمّ بالنّسبة إليّ أن أكون زوجةً وأمّاً صالحة. بالتّأكيد أنا أحبّ التّمثيل والعمل على الأفلام ولكن لا شيء يمنحني سعادةً أكبر من رؤية الابتسامة على وجه ابنتي».

لكنتي كلّفتني غالياً

بالنّظر إلى الوراء، ما مدى صعوبة مسيرتك لبناء حياتك المهنيّة في هوليوود كممثّلة؟

أنا ممتنّةٌ لكلّ من أعطاني فرصة، ولكن من الغريب أنّهم لم يكونوا كثيرين. لقد كان عليّ الكفاح بقوّةٍ لكلّ دورٍ صغيرٍ وسخيف...
أعتقد أنّ لكنتي كلّفتني غالياً، وأنا قبلت ذلك، ولكنّها في أحيانٍ أخرى ساعدتني أيضاً على التّعامل مع مخرجين كبار مثل روبرت رودريجيز.
حياناً أجول بنظري وأتمنّى لو أنّي فعلتُ أكثر، ولكنّني في الوقت ذاته فخورةٌ بما أنجزتُ مع «فريدا» والآن «النّبيّ». يجب ألاّ نضيّع الوقت أبداً في الحياة بالشّكوى. فسرعان ما أقول لنفسي بأن أتحرّك وأحقّق أمراً، وهذا أمرٌ يمنح الكثير من الطّاقة والثّقة بالنّفس. لطالما تميّزتُ بذلك.

كنتُ عنيدةً ولكنْ كنت أعلم أنّ لديّ ما يكفي من المواهب والإرادة لأنجح

يبدو أنّك تتمتّعين بنظرةٍ إيجابيّةٍ جدّاً للحياة. من أين تستمدّين هذا التّفاؤل؟

من والديّ على ما أظنّ، ومن مراقبة النّاس ورؤية كم يُمكن أن تتبدّل حياتنا للأفضل بالمحافظة على النّظرة المتفائلة. عندما كنتُ أعمل على برنامجٍ تلفزيونيٍّ مكسيكيّ، كنتُ أتمتّع بشعبيّةٍ هائلةٍ ونجاحٍ باهر. وكان من الممكن أن أبقى في المكسيك وأحظى بمسيرةٍ مهنيّةٍ عظيمةٍ بقيّة حياتي. كنتُ مشهورةً في سنّ الثّامنة عشرة ولكن كنجمةٍ تلفزيونيّة. ولكنّ طموحي كان أكبر من ذلك. كان حلمي أن آتي إلى هوليوود وأصنع الأفلام. خالني النّاس مجنونةً لاتّخاذ قرار الانسحاب من هذا البرنامجٍ التلفزيونيٍّ والانتقال إلى لوس أنجلوس وأنا بالكاد أتكلّم الإنجليزيّة وأتحدّث بلهجةٍ ثقيلةٍ يوم بدأت أتقدّم للأدوار. لكنّني كنتُ عنيدةً وبقيتُ أعمل بجدّ. كنت أعلم أن لديّ ما يكفي من المواهب والإرادة لأنجح على الرّغم من أنّني لم أحصل على الأدوار التي كنتُ أريدها مدّةً طويلة. ولكنّ الأمور سارت سيراً جيّداً جدّاً بالنّسبة إليّ...

هل لديك أيّ نصيحةٍ تسدينها للنّساء الأخريات اللّواتي يكافحنَ من أجل تحقيق أحلامهنّ أو العثور على السّعادة؟

كوني نفسك. عيشي كما يحلو لك، وحاولي العثور على مصادر قوّةٍ وأشخاصٍ إيجابيّين من حولك يساعدونك على تحقيق طموحاتك وأحلامك. ليس علينا الامتثال لأحدث صيحات الموضة. انظري إليّ. أنا قصيرة القامة، لديّ ثديان كبيران وعادةً لا أجد تصاميمَ تناسبني حقّاً. لذلك أجد التّصاميم التي يُمكنني ارتداؤها، أعدّل فيها وعادةً ما أشعر بأنّني مثيرةٌ للغاية في اختيار الملابس. ولكن هذه طريقةٌ فقط لعرض إثارتي الجنسيّة وأنوثتي. أعتقد أنّ الرّجال الحقيقيّين يحبّون المرأة الحقيقيّة التي تفكّر بالأمور وتشعر بها بحماسة. لذا دلّلي شغفك!

مقالات قد تثير اهتمامك