الآرابـو ــ فلامنكـو أبعد من تجربة وديع الصّافي ــ فرنانديز

الآرابـو ــ فلامنكـو أبعد من تجربة وديع الصّافي ــ فرنانديز

خلطةٌ جديدةٌ من خلطات المدرسة اللّبنانيّة: الآرابو – فلامنكو، وهذه المرّة كما تَعِدُ فرقة Rojo Del Libano تجربةٌ تذهب أبعد من مرافقة الإيقاعات الإسبانيّة لغناء الفنّان وديع الصّافي. فمن هي نجمة الفرقة سيرينا الشّوفي، وما حكاية مهندسة الكيمياء التي اعترض أهلها بدايةً على عملها الفنّيّ؟ قبل إطلاق الألبوم الأوّل التقيتها وهذه حكايتها مع الفرقة اللّبنانيّة الإسبانيّة.

قبل شهرٍ قدّمتم أغنيتكم الأولى بعنوان «غير حبَّك» في «مترو المدينة» في الحمراء. ما هي ظروف هذا العمل؟

كان إطلاق هذه الأغنية في فيديو - كليب أخرجته مارتين ضاهر وتعرضه محطّتا «MTV» و«أغاني أغاني» إضافةً إلى الإذاعات. إنّها أغنيتنا الأولى باسم الفرقة وفاتحة الألبوم.

في الأغنية مشاعرُ وحالاتٌ قويّة...

الآرابو – فلامنكو يمسّ الرّوح حاملاً الحزن والغضب والفرح. تجد ذلك في الغناء والعزف والرّقص. تعرف أنّ العرب بقوا خمسمائة عامٍ في إسبانيا فامتزج مع الدّم الذّوق والثّقافة والحضارة. وما نقدّمه كأنّه خلاصةٌ أخرى للقاء حضارتَين يُقال إنّهما تتصارعان.

الخلطات الموسيقيّة باتت دارجة، فبماذا تتميّزون؟

في مرحلةٍ تشهد سهولةً في الإنتاج الغنائيّ وموجاتٍ تُلغي واحدتها الأخرى. أردنا تقديم لونٍ غنائيٍّ يدوم اعتماداً على ميلوديا جيّدةٍ وإبداعٍ في التّوزيع والأداء.

الصّافي – فرنانديز

سبق لوديع الصّافي وخوسيه فرنانديز أداء هذا المزيج؟

ما قدّمه الصّافي وفرنانديز  جميلٌ يُشبه ما نقدّمه الآن ولكنّه جمع الفلامنكو والموسيقى العربيّة من دون أن يتمازجا ويصنعا لوناً أو هويّةً جديدة. ما نهدف إليه من فرقتنا هو تقديم غناءٍ عربيٍّ بأسلوبٍ جديدٍ على خلفيّة الفلامنكو الأندلسيّ.

ماذا عن طبيعة الغناء؟

إنّه ليس شرقيّاً بل غناءٌ جديدٌ فعلاً. إنّه على طريقة الفلامنكو الحارّة، والقويّة، والعابقة بالمشاعر، ولكن بالعربيّة، إضافةً إلى رقص الفلامنكو.

كيف وصلت سيرينا إلى هذا النّوع من الغناء؟

تعوّدت منذ الصّغر غناء أمّ كلثوم وأسمهان. لم أشعر في الأغاني العربيّة بما يشفي غليلي في الغناء سوى تلك الأغاني. ولمّا علمت برغبة طارق، الصّديق العزيز، في تأسيس الفرقة، شعرت أنّني قادرةٌ على أن أكون أحد عناصر مشروعه، فخامة صوتي تساعدني. وها أنا (تضحك).

ولكن هناك تجاربُ أخرى في هذا المجال؟

ربّما يظنّ بعض النّاس أنّ وجود الغيتار في الأغاني هو دخولٌ للفلامنكو. وإنّ وجود الإيقاع اللاّتيني في بعض الأغاني العربيّة لا يعني أيضاً أنّها من نوع الفلامنكو.

المشاعر المكتومة

هذا الفنّ الغجريّ، أو البدويّ، يركّز على الأحاسيس الخام العنيفة حتّى في رقّتها وحزنها. هل يشبهك أنت ابنة الجبل اللّبنانيّ؟

(تضحك) طبعاً، نحن أصحاب الأحاسيس والمشاعر المكتومة. بالرّغم من أنّه ليس في حياتي حزنٌ كبيرٌ إلاّ أنّ في نفسي شغفٌ للغناء في مواجهة أيّ مناخٍ أو عادةٍ من عاداتنا قد تعاكسني في هذا الشّغف.

اعترض أهلي في البداية على دخولي حقل الغناء

معارضةٌ في البداية

هل عارض أهلك أن تغنّي؟

إنّهم يقدِّرون اليوم ما أفعل رغم تخوّفهم في البداية. أنا من منزلٍ ثقافيٍّ مُنفتح، ربّما مختلفون عن بعض أهالي بلدتي حاصبيّا.

لكنّك ستكونين فنّانةً تقدّم الاستعراض على المسرح والفيديو - كليب؟

نعم، وما نقدّمه ليس كالفكرة التي سادت عن الفنّ بل يتمتّع بالشّفافيَة والرّقيّ.

عائلة

هل تعرّضت لموقفٍ ما بهذا المعنى؟

الفرقة وأعضاؤها هم كعائلتي وأصحابي وأُعدّ الوقت الذي أمضيه وإيّاهم وقتاً مُمتعاً ومنتجاً. أحبّهم فرداً فرداً.

أقصد مع الأصدقاء والصّديقات والأهل؟

ربّما تحصل نقاشاتٌ مع بعض الأصدقاء أو الأقرباء المتقدّمين في السّنّ. ولكن عندما أشرح نوع الغناء، ولا سيّما بعد عرض الفيديو – الكليب، يتفهّمون.

مهندسة كيمياء

حزتِ العام الفائت من جامعة مانشستر في بريطانيا الماستر في الهندسة الكيميائيّة. هل ستتخلّين عن العمل في مضمارها؟

بل أعمل حاليّاً كمهندسةٍ كيميائيّةٍ في معالجة المياه في لبنان. وسأبقى فيها حتّى إشعارٍ آخر لأنّي أرغبها. لكنّي وبصراحةٍ أعشق الغناء. إنّه غذاءٌ روحيّ. بالغناء أغوص في ذاتي والموسيقى تمزجني بالكون.

والرّجل، أين الرّجل في كلّ هذه المشاريع؟

(تضحك) ما من رجلٍ حتّى الآن. لا بدّ من رجلٍ مثقّفٍ وحسّاسٍ ليتقبّل وجودي في عالم الفنّ المحترم. عليه أن يشجّعني ويفهم ما أفعل.

أنت تغنّين الحبّ. فكم حبّاً عرفتِ؟

أحببتُ مرّتَين. الحبّ الأوّل كان «ولاّديّاً» في طفولةٍ متأخّرة. والثّاني كان حبّاً بلا مستقبلٍ فلم أمضِ به.

الحبّ أعمى والحبيبان يتعرّضان فيه للغشّ

الحبّ الأعمى

ماذا تقصدين بـ «المستقبل»؟

هناك شروطٌ خارجيّةٌ وداخليّةٌ تحدّد إمكان استمرار أيّ علاقة. فالحبّ فعلاً كما يقولون أعمى، ويُمكن للحبيبَين أن يتعرّضا للغشّ في البداية.

(بضحك) أيْ أنّك اكتشفتِ لاحقاً «سيّئاته»؟

نعم. ولكنّي اليوم بتّ أُشغّل عقلي باكراً قبل أن أخوض المعركة (تضحك).

ولكن ألا يلغي «تشغيل العقل» جمرة الحبّ؟

لا، صرت أختار الرّجل المناسب قبل أن أسمح لنفسي بالوقوع في حبّه.

أليس الحبّ جرثومةٌ لا نعرف أنّنا وقعنا فيها إلاّ عندما تُصيبنا العوارض؟!

كلاّ، إنّك تتحدّث عن الإعجاب وليس الحبّ. وهنا كأنّي أجمع العقلانيّة والعاطفة مع ميلٍ أكثر نحو العقلانيّة أوّلاً ثمّ العاطفة.

أشعر أنّك تخشَين الاسترسال في الحبّ نتيجة صدمة العلاقة الثّانية؟

في الحقيقة لا. لم تكن صدمةً وأحبّ الحبّ لأنّه يُغذّي أحاسيسي وعملي الفنّيّ أيضاً.

فتاةٌ محافظة؟!

نحن في زمنٍ يسهل على الاثنين ممارسة الحبّ قبل بناء علاقة الحبّ. فما رأيك؟

أعتقد أنّ إحراق المراحل يدمّر العلاقة بدل أن يبنيها.

لكنّ الجنس قد يأتي بحبّه معه؟

الجنس مكمّلٌ وليس مؤسِّساً.

ألا تردّدين كلام المحافظين؟

بل إنّه كلام شخصٍ يُفكّر، عاش في الخارج ورأى كيف يحبّون ويتعاملون في علاقاتهم. أنا لا أرى في الجنس المُبكر انفتاحاً بل مادّيّةً وتسرّعاً وابتعاداً عن الإحساس المتجرّد.

علينا التّحرّر من سطوة الجماعة وما هو مُدمِّرٌ من التّقاليد

التّحرّر من الجماعة

بماذا تنهين مقابلتك سيرينا؟

بألاّ يتخلّى أحد، بخاصّةٍ الشّباب اللّبنانيّ، عن هوايةٍ ما أو ميلٍ يُحقّق به ذاته، لضغوطٍ اجتماعيّةٍ أو انجرافٍ سياسيٍّ أو دينيّ. على الفرد، رجلاً أو امرأة، أن يتحرّر من سطوة الجماعة والمدمِّر من التّقاليد والأفكار. ولا أرى صعوبةً في التّوفيق بين ممارسة مهنةٍ من المهن وتحقيق هوايةٍ نحبّها وقد تغدو مهنةً ذات يوم.

سيرينا والفرقة

o  الاسم الإسبانيّ لفرقةٍ تُقدّم الـ Arab
Flamenco وتجمع بين ستّة موسيقيّين ومغنّيين وعشرةٍ بينهم سيرينا الشّوفي. قبل ثلاثة أعوامٍ سافر طارق شهيّب، عازف الغيتار والمؤسّس، إلى إسبانيا لدراسة الفلامنكو. وعاد إلى بيروت راغباً في تقديم هذين اللّونَين «المتناغمَين». المرّة الأولى تتبنّى «فيرجين ميغا ستورز» فرقةً عربيّة، تقول سيرينا، في الإنتاج والتّسويق. وتُصدر أيضاً أسطوانة الفرقة الأولى في تمّوز/ يوليو 2015 بالعربيّة والإسبانيّة. الألحان والكلمات والتّوزيع لشهيّب والغناء لسيرينا وصلاح نصر والإسبانيّ Ezequele Reina. وتطلّ الفرقة بأعضائها اللّبنانيّين والإسبان على خشبة مسرح المدينة في 21 أيار/مايو الجاري.

مقالات قد تثير اهتمامك