عالمٌ خاصٌّ يُشبه بشارة عطالله

بين التّمثيل والأزياء، عالمٌ يجمع الفنّ والإبداع. بينهما شخصيّةٌ متميّزةٌ استطاعت أن تترك بصمتها بذوقٍ كلاسيكيٍّ ومتطوّرٍ في آن. هو خبير الموضة ومنسّق الملابس والممثّل بشارة عطالله... يقرأ الشّخصيّة ويُلبسها أيضاً في التّمثيل والواقع، فيُضيف لمسةً خاصّةً تُشبهه، وتتماشى مع خمس عشرة سنةً جمع فيها الملابس والأكسسوارات والأحذية القديمة والمتميّزة من مختلف بلدان العالم.

من مشغله الخاصّ يتحدّث عطالله إلى "الحسناء" عن تجربته في عالمَي التّمثيل والأزياء في مقابلةٍ تزامنت وعودته من أسبوع الموضة في برلين لينقل لكم أحدث صيحات الموضة لربيع وصيف 2015.

دورٌ بالصّدفة!

البداية، من تجربتك في تنسيق ملابس الفيلم اللّبنانيّ الذي بدأ عرضه أخيراً في صالات السّينما "يلاّ عقبالكن". ما الإفادة التي قدّمها لك الفيلم، وخصوصاً أنّك شاركت في دورٍ تمثيليٍّ فيه؟

كلّما عملت على تنسيق ملابسَ للسّينما، أقول إنّ هذه المسألة هي تحدٍّ جديدٌ بالنّسبة إليّ، وبخاصّةٍ أنّني لا أعمل "Styling" (تصميم) على أنواع الأفلام كافّة. عادةً، أُفضّل العمل على المواضيع التي تتحدّث عن الحقبات الزّمنيّة القديمة أو التّاريخيّة، ولكن هذا الفيلم شجّعني على خوض تجربته بخاصّةٍ أنّ فريق العمل وضع ثقته بي، وهذا ما خلق تحدّياً إضافيّاً لي. الأهمّ أنّي اجتمعت بأشخاصٍ كنتُ أودّ العمل معهم وأبرزهم المخرج إيلي حبيب إضافةً إلى الممثّلتَين ندى أبو فرحات ودارين حمزة. كانت تجربةً جميلةً وصعبةً في آن، فميزانيّة الشّقّ الخاصّ بعملي لم تكن كبيرة، وعلى الرّغم من ذلك كان لنا تعاونٌ مع عددٍ من المصمّمين الشّباب الذين وضعوا لمساتهم المميّزة على العمل أيضاً.

أمّا عن دوري التّمثيليّ، فكان أقرب إلى اللّقطة "المهضومة". جاء الدّور بالصّدفة بعد أن اختار المخرج أثناء التّصوير أن يكون هناك دورٌ لطبيبٍ في أحد المشاهد، فوقع الاختيار عليّ وكان ذلك.

لستُ حزيناً لأنّني لستُ من نجوم التّلفزيون فهدفي ليس النّجوميّة وإنّما التّمثيل

بين التّمثيل وعالم الأزياء الكثير من النّقاط المشتركة التي استطعتَ أن تجمعها. حدّثنا بدايةً عن تجربتك في التّمثيل من معهد الفنون مروراً بالأدوار التّمثيليّة وصولاً إلى التّدريس.

مضى خمسة عشر عاماً على تخرّجي من معهد الفنون الجميلة، ولا تزال كلّ الموادّ والأفكار التي درستها تلاحقني كالشّبح الضّروريّ في كلّ حياتي، وتبقى مرجعاً بالنّسبة إليّ. أنا بطبعي أهوى العودة إلى المراجع في كلّ عملٍ سواءٌ في التّمثيل أو الأزياء، وبحثي الخاصّ يفتح لي أفقاً كثيرةً تُساعدني. وعليه إنّ العمل في المسرح علّمني قراءة الشّخصيّات، وكلّما تعمّقنا في قراءة شخصيّةٍ معيّنةٍ أغنينا أنفسنا ثقافيّاً واجتماعيّاً. الإنسان يجب أن يبقى في حالة تعلّمٍ مستمرة، وهكذا يُمكن فقط لحياته أن تتغيّر دائماً نحو الأفضل.  

الأكيد أنّ ثمّة نقاطاً مشتركةً بين التّمثيل والأزياء، فإذا لم نعرف كيف نقرأ الشّخصيّة لا نستطيع أن نلبسها.

لماذا لا نجدك في أدوارٍ تمثيليّةٍ على شاشة التّلفزيون؟

أنا موجودٌ أكثر على المسرح، ولهذا إنّ الجمهور الأوسع لا يتعرّف إليّ كممثّل. ربّما لم يأتِ دوري بعد، أو لم أتجرّأ على الذّهاب إلى مكانٍ جديدٍ أقلّه بالنّسبة إليّ. ربّما أحتاج إلى إغراءاتٍ أكثر للعمل في التّلفزيون كالتّمكّن من التّفرّغ لهذا العمل أكثر، فالدّراما تريد المزيد من المثابرة. لستُ حزيناً لأنّني لستُ من نجوم التّلفزيون، فهدفي ليس النّجوميّة وإنّما التّمثيل، وغالباً النّاس لا يعرفونني لأنّي أبدّل كثيراً في شكلي الخارجيّ لناحية أسلوب اللّباس.

دوري في "يلاّ عقبالكن" أقرب إلى اللّقطة "المهضومة"
قالبٌ خاصٌّ يُشبهني

لعالم الأزياء حكايةٌ أوسع معك. كيف وجدت نفسك فيه؟

حبّي للأزياء بدأ في الجامعة، فقد كان هناك مادّةٌ تتعلّق بالأزياء اكتشفتُ معها حبّي للرّسم وهي موهبةٌ سعيت إلى تطويرها منذ الطّفولة. منذ ذلك الوقت اكتشفتُ عشقي للقماش وهوايتي في العمل عليه، وهكذا تطوّرت القصّة تباعاً وأصبح لديّ أيضاً مراجعُ كبيرةٌ من كُتُب الأزياء والخياطة. أضف إلى ذلك "خزانة أهلي"، التي شجّعتني أكثر على العمل في هذا المجال، كونها تضمّ الملابس والأكسسوارات التّقليديّة القديمة التي نمّت لديّ حبّي لأزياء الحقبة القديمة، فصرتُ أجمع تلك الملابس من مختلف أنحاء العالم وأقولبها في قالبٍ خاصٍّ متفرّدٍ يُشبهني.

هناك تجربةٌ مسرحيّةٌ جديدةٌ وفيلمٌ يُعرض في نهاية العام الحالي... حدّثنا عنهما.

المسرحيّة ستكون مع المخرجة سحر عسّاف، وستُعرض على مسرح كليّة الـ LAU. النّصّ للكاتب الكبير سعدالله ونّوس تحت عنوان "الاغتصاب"، وحاليّاً يتمّ ترجمته لأنّ الأداء سيكون باللّغة الإنكليزيّة. وأحضّر أيضاً لفقرةٍ ضمن برنامج أزياءٍ سيُعرض على إحدى الفضائيّات العربيّة. وأقرأ أكثر من نصٍّ سينمائيٍّ، وسنكون على موعدٍ في نهاية العام مع فيلمٍ للمخرجة ماريان زحيل بإنتاج لبنانيّ- كندي، تحت عنوان "الجهة الأخرى من تشرين". المميّز في هذا الفيلم أنّني أدّيتُ دوراً يعود إلى حقبة السّبعينيّات وهذا ما أعشقه إضافةً إلى عملي في تنسيق ملابسه.

الجينز سيّد الموسم

كونك عائداً منذ مدّةٍ وجيزة من أسبوع الموضة في برلين، فما هي أحدث صيحات الموضة لموسم ربيع وصيف 2015؟

تسنّى لي متابعة أسبوع الموضة في برلين التي قصدتها لهذا الهدف، ويُمكن القول عن هذا الموسم إنّه متميّزٌ وغريب، فهناك أمورٌ كثيرةٌ لا تخطر على بال أحدٍ عادت لتشكّل خطوط الموضة هذا العام. ويشهد الموسم ظهوراً صارخاً لألوان الذّهبيّ والأحمر والأبيض، أمّا الأسود فباقٍ دائماً أبداً. اللاّفت في الموسم أيضاً، أنّ المصمّمين يعتمدون على مواضيعَ غريبةٍ ويعملون عليها. وإنّه أيضاً موسم الجينز بامتياز، ولا نقصد فقط سراويل الجينز، وإنّما مختلف أنواع الألبسة المصنوعة من قماش الجينز. ومثل كلّ عامٍ لا يتوقّف المصمّمون عن إبهارنا باستخدام المواضيع القديمة في تصاميمهم ووضعها في قالبٍ جديدٍ يُشبه الرّبيع.

خزانة أهلي شجّعتني أكثر على العمل في مجال الأزياء والخياطة

من هن الفنّانات اللّواتي تُفضّل العمل معهنّ؟

أخيراً كثُرَ الحديث مع فنّاناتٍ سأعمل على تلبسيهنّ قريباً. أحبّ العمل دوماً مع ندى أبو فرحات ودارين حمزة. أمّا الفنّانات اللّواتي أحبّ التّعامل معهنّ، فعلى صعيد المغنّيات نانسي عجرم والممثّلة سيرين عبد النّور. حاليّاً أنا بصدد التّحضير لمشروعٍ كبير، أتمنّى أن أوفّق فيه أثناء هذا العام، وهو أن أجمع الملابس التي اقتنيتها منذ 15 عاماً في مكانٍ خاصٍّ وفق أهمّيّتها، ليتسنّى للنّاس رؤيتها في إطارٍ فنّيٍّ متميّز.

مقالات قد تثير اهتمامك