جوليا قصار: أبشع الخيانات خيانة الصداقة

جوليا قصار الممثلة المتميّزة التي صنعت الأحلام وقطفت زهرة الخريف في بداياتها مع ريمون جبارة، عشقت خشبة المسرح وعملت مع أهم المسرحيين اللبنانيين، تلميذة الكبار أصبحت استاذة تدّرس التمثيل في الجامعة، ومنذ أعوام أخذتها الشاشة الكبيرة، وتتالت الأفلام التي شاركت فيها، حضورها بارز وقيمة فعلية في كل ما تقدمه. في "محبس" للمخرجة صوفي بطرس تلعب ببراعة دور "تريز"، تغضب، ترفض، تتوعّد. عن "تريز" وعن شخصيات أخرى لها قدمتها أخيراً كان هذا اللقاء للحسناء معها:

أخبرينا عن تجربتك بفيلم "محبس" وعن شخصية "تيريز" التي لعبتها؟

كان ذلك عندما عرضت علي كل من صوفي بطرس وناديا عليوات هذا الدور حين وضعتا المسودة الأولى للفيلم والتي تغيرت فيما بعد ولكنني للوهلة الأولى اكتشفت في النص شخصية جميلة جدا ونَصّ محبوك بحرفية.

أما "تيريز" فرغم عنصريتها ضد السوريين إلا أنها امرأة عاطفية جدًا وحنونة ولكن مقهورة على أخيها الذي استشهد "بقذيفة سورية" بحيث لم تستطع أن تتغاضى عن الموضوع حتى ما لبث أن ازداد حقدها وكرهها للشعب السوري برمته وبالتالي نراها منعزلة حتى عن محيطها ولكن مع تبلور الأحداث تعي أن الشعب السوري مسالم وعكس ما كانت تعتقده.

إلى أي مدى هذه التجربة أضافت إلى مسيرتك؟

"تيريز" استطاعت أن توصل وجعها بطريقة مضحكة فنرى عدة مواقف للشخصية متناقضة من ناحية الدهاء والطيبة، الحب والبغض. وهنا يكمن التحدي.

ما هو الدور السينمائي المحبب إلى قلبك؟

كل تجربة لها نكهتها الخاصة، فقد عملت مع المخرج بهيج حجيج في "شتي يا دني" إضافة إلى دوري الصغير معه في "زنار النار"، وفيلم "ربيع" من تأليف وإخراج فاتشي بولغورجيان الذي نلت عنه جائزة أفضل ممثلة في مهرجان دبي السينمائي.

ما تعليقكعلى الحركة السينمائية اليوم؟

أرى أنها ناشطة جدًا، وذلك يعود إلى تلك الشريحة من الشباب المتحمس الذين يودّون صنع "سينما" فبرغم جميع الضغوطات هؤلاء يفعلون المستحيل لإيصال أصواتهم من خلال القصص التي يؤلفونها.

أنت اليوم تدرسين المسرح في الجامعة اللبنانية،أيهما أقرب إلى قلبك التدريس أم التمثيل؟

مهنة التعليم تتساوى بالقوة مع مهنة التمثيل، فالحماسة الموجودة في داخلي هي ذاتها وأستمدها من هؤلاء الشباب الشغوفين بهذه المهنة الأمر الذي يزيد من مثابرتي. وعندما التقيت صوفي وناديا رأيت هذا الزخم والحماسة التي جعلتني متحمسة لخوض هذه التجربة.

مع من المخرجين الجدد تحبين أن تتعاملي؟

أي شخص لديه أسلوب جميل ومقنع وذكي حتى ولو كان مبتدأ أو طالب جامعة أتشجع لأن أخوض المغامرة معه.

إلى أي مدى تلعب الكوميديا دورا رئيسا في إيصال المعنى الصحيح لرسالة محددة؟

المعروف عن الكوميديا المحترمة أنها تدل على أخطائنا، وهنا تكمن قوتها، إذ أنها تحفّز الشخص على التفكير خصوصا تلك المكتوبة بطريقة ذكية مع الانتباه إلى التفاصيل الصغيرة، أما فيلم "محبس" فأقول أنه أراد أن يسلط الضوء على العنصرية الموجودة في البيوت بالإجمال وليس فقط تلك المتعلقة بالعلاقة اللبنانية - السورية.

ما الحل برأيك لقضية العنصرية؟

السينما لا تقدم حلولًا بل تسلط الضوء على المشاكل فـ"تيريز" لم تنسَ وجعها ولا قضيتها ولم تتخلَ عن أخيها ولكنها تعلمت أن يكون لديها انفتاح على الآخر.

شاهدنا مشهد الخيانة عندما تكتشف تيريز خيانة زوجها لها، على أرض الواقع، كيف تتعاملين مع الخيانة؟

من أبشع الخيانات برأيي هي خيانة الصداقة وأنا غير متسامحة في هذا الموضوع. أؤمن أن الصداقة هي أجمل الأشياء وأكثرها قوة. أما بالنسبة لتيريز لا أعتبرها خيانة بقدر أنها نسيت زوجها ولم يعد موجودا بالنسبة لها جراء هوسها الدائم بقضية أخيها. لم تحقد على زوجها بل تفهمت الأمر وأعطته حريته.

أين أنت في المسرح اليوم؟

عدت من الشارقة بعد مشاركتي في مسرحية "قريب من هون" أو “Close From Here” من تأليف وإخراج روي ديب. تتمحور القصة حول امرأة جالسة في منطقة تطالها الحرب، تقوم بخياطة البرادي في منزلها، ولكنها تقرر في أحد الأيام أن تقيم مجلس عزاء في بيتها قبل ذهاب ابنها للقتال في الحرب، لسبب بسيط هو تعزية نفسها، ويأتي عنصر المفاجأة في النص عندما تدعو القناص الذي تخشى على ابنها منه للتعزية به كونه الشخص الوحيد الذي تعرفه. الفكرة قاسية جدا ولكننا في حياتنا اليومية نرى أشياء تفوق الخيال وأقسى بكثير من تلك الأفكار الفنية التي تفوق الخيال. ستعرض المسرحية في أيلول المقبل مع نخبة من الممثلين مثل لينا سحاب وساندي شمعون وفرقة DNB.

أيهما تفضلين السينما أو المسرح؟

في الفترة الأخيرة أميل للسينما ويزداد حبي لها أكثر خصوصا أن فترة الحرب لم تسمح لي بخوض تلك التجربة وها أنا اليوم أقوم بذلك وأتعلق بها كثيرا.

كيف تحضرين للدور؟

أقرأه كثيرا مرارًا وتكرارًا، أتخيل الشخصية وأفكر بالتفاصيل التي يجب أن أتنبه لها لبث الحياة في قلب هذه الشخصية. كما أحب كثيرا الاستماع إلى المخرج والتناقش معه لأتعرف أكثر على الدور.

من هم الأشخاص الذين أثروا فيك والذين تتلمذت على أيديهم؟

بالتمثيل ريمون جبارة أما الرقص فجورجيت جبارة، إضافة إلى أشخاص مثل موريس معلوف، شكيب خوري، أنطوان ملتقى، لطيفة ملتقى، هؤلاء الكبار الذين نهضوا بالمسرح الحديث هم أساتذتي الذين تأثرت بهم. واكتشفت هذا الشغف بالمسرح بحيث رأيت في أساتذتي المثابرة التي نقلوها إلي. هؤلاء اليوم باتوا جزءا لا يتجزأ من ذاكرتي وهويتي فأنا اليوم استمرارية لهم ولا يمكنني أن أنكرهم لأنهم باتوا أهلي وبيتي الثاني والسند الذي أستقوي به على مر السنين.

من هي الممثلة المفضلة التي أثرت فيك؟

يشبهونني كثيرا بالممثلة العالمية ميريل ستريب التي أحبها كثيرا ولكن هناك عدة ممثلات أحبهن أبرزهن الممثلة الفرنسية إيزابيل أدجاني، سيمون سينيوريه. أحب أدائهن المؤثر والذي يغذي عقولنا على الابتكار.

آخر فيلم شاهدته؟

شاهدت مؤخرا فيلم "داليدا" الذي يتناول سيرتها الذاتية والتي لا تزال محفورة في ذاكرتنا وأنا شخصيًا متأثرة جدًا بأغانيها الخالدة والتي تنتقل من جيل إلى جيل. فقد استطاعت الديفا أن تصنع لنفسها هالة من خلال التصميم والإصرار في شخصيتها إضافة إلى مواكبتها للعصر بحيث أضحت اليوم جزءا خالداّ في ذاكرتنا.

ما هي نصيحتك للشباب الذين يريدون خوض تجربة التمثيل؟

أنصحهم بأن يتعلقوا بالأشياء التي يحبونها للاستمرار بالمهنة فالموهبة غير مهمة مقارنة بالمثابرة والاستمرارية على النجاح.

مقالات قد تثير اهتمامك