اين خطّتك الثقافية ايها الناشر العربيّ؟

اين خطّتك الثقافية ايها الناشر العربيّ؟

بسبب الطقس البارد لم يكن عدد زوار معرض الكتاب العربي في يومه الاخير في "البيال" كبيراً امس. لكن بعض الناشرين والناشرات كان راضياً عن حجم المبيعات. وقالت لي مديرة احدى الدور ان الحركة الشرائية وازت العام الفائت وهذا امر لا بأس به ولو انه لا يحقق ارباحاً كبيرة. ولكن، سألتها واتساءل، هل تستحق الدور اللبنانية والعربية للكتاب، وهي على ما هي عليه من غياب للرؤية الثقافية ما يفوق الارباح "المعقولة"؟ فمع سقوط انظمة (ليبيا والعراق كمثالين) وتوقف انظمة (خليجية) عن شراء كتب هذه الدور بـ"الشوالات" وركنها في المخازن، لا يبدو ان خططاً جدية قد اعتُمدت لتعزيز النشر واختيار ما يحفّز الفرد العربي على شراء الكتاب، هو الغارق اساساً في شتى الازمات والمحن. رغم ذلك، تفاجئنا دار من هنا واخرى من هناك بإصدار عدد لا بأس به سنوياً من الكتب "الفالتة" احياناً من سياقات الفوضى حيث "تطبع" ايّ مخطوط يتكفل صاحبه بتكلفته. وثمة دور اخرى، اقل من تلك، اكثر دراية بالوظيفة الثقافية لمهنة النشر، وأسرارها، وبالتالي اقدر على تحريك القراء وقبلهم او معهم الركود الفكري والادبي لمستنقعات معارض الكتب العربية.
هذا لا يعني ان هذه الدور النادرة لا يمكن ان تفيد من دعم وزارة الثقافة في وطنها. او ان ليس وراءها رجال اعمال يوظفون قسماً ضئيلاً من ارباحهم في سوق الكتاب. ولكنها تتمتع مع ذلك بالجرأة والمغامرة والطموح.
بالنسبة لي كانت دار الرافدين (العراقية/اللبنانية) مفاجأة اليوم الاخير لجهة كمّ اصداراتها الجديدة، وعنايتها بالاخراج والطباعة ولكن بلا تكلّف، وخاصةً لـ"نوعية" العناوين وما وراءها من اتجاه ثقافي حديث وجاد سواء في اختيار المؤلفين العرب او الغربيين الذين تُرجمت ونُشرت بعض اعمالهم. هذا لا يلغي اصدارات ملفتة لدور كالجديد ("في يمين المولى" للفرنسي التونسي جيرار حداد) او الساقي ("ميتافيزيق الثعلب" للشاعر عباس بيضون) او بعض روايات دار الآداب ومجموعات الشعر لدى دار نلسن. كما لا يلغي كتباً اخرى لم نكتشفها او لا مجال لذكرها في هذه العجالة. ولكنّ هذا ما يدفعنا للعودة نقدياً الى بعض تلك الإصدارات

مقالات قد تثير اهتمامك