إنّهم يذكّرون نجاح سلام بآثامها الجميلة

إنّهم يذكّرون نجاح سلام بآثامها الجميلة

نجاح سلام النّجمة التي تاهت بين وطنَين، لبنان ومصر، كادت تخطف الضّوء من نجمات غنائهما الكبيرات لولا أنّها ظلّت خارج «مؤسّساتٍ» فنّيةٍ أو سياسيّةٍ تتبنّى صوتها العملاق والرّقراق في آن. لم تدخل الأيديولوجيا اللّبنانيّة كما فعل الرّحابنة وفيروز، بل كانت أقرب إلى النّاصريّة والفنّ المصريّ على هوى الكثيرين من أبناء بيروت. الدّيفا التي كرّمها المعهد الموسيقيّ الوطنيّ اللّبنانيّ في قاعة بيار خاطر، مرّت بحنجرتها على مختلف صنوف الغناء الجبليّ (دويو شهير مع شيخه وديع الصّافي)، البدويّ، الشّاميّ، ولكنّها استملحت وعشِقت المدرسة المصريّة التي جَهَدَ الرّحابنة وزكي ناصيف وتوفيق الباشا ووليد غلمية للتّخلّص منها والتّأسيس لهويّةٍ لبنانيّةٍ في الغناء. فغنّت لكبارٍ كالسّنباطي وعبد الوهاب، بحيث استقرّت عقوداً في القاهرة ومُنحت جواز سفرها. ولم ترجع سلام إلى البلد الأمّ إلاّ بعد زيارة رئيسه إلياس الهرواي أرض الكنانة وكانت بين مستقبليه، فدعا «صاحبة الصّوت العظيم» إلى العودة ومَنَحها وسام الاستحقاق. كان لا بدّ من استذكار المطربة التي اعتزلت باكراً وتحجّبت من غير أن تتلفّظ بكلمةٍ تدين الفنّ والفنّانات. وما سُمّيَ بـ «توبة» المطربة الكبيرة قد يُفهم في سياق غلبة الأصوليّة الدّينيّة على المشهد المصريّ نحواً من ثلاثة عقود، من غير أن ننسى أنّها حفيدةُ مفتي وأنّها على ما يبدو لم تُحقّق ما طمحت إليه بالرّغم من الشّهرة والمكانة التي احتلّتهما في الغناء والسّينما. إذا كانت الفنّانة قد «تابت»، فعلامَ يذكّرونها اليوم بالآثام الجميلة التي «اقتُرِفَت»؟

مقالات قد تثير اهتمامك